بعد حصار دام اكثر من شهرين، أعلنت جبهة النصرة، وميليشيات الجيش السوري الحر وقف معركة معسكر وادي الضيف في معرة النعمان، بعدما كانت قد اعلنت عن رغبتها بتحريره، وزعمت في مرات كثيرة سقوطه بيدها، خبر الإعلان عن ما اسمته الإنسحاب من محيط المعسكر جاء في وقت منيت المجموعات المسلحة بخسائر فادحة في اكثر من محافظة سورية.
العملية التي اطلقت عليها ميليشيات الجيش السوري الحر تسمية “البنيان المرصوص” حققت فشلا ذريعا لم يكن يتوقعه اشد المتفائلين الموالين للنظام السوري، فالمجموعات المسلحة إتفقت على شيئا واحداً، وإختلفت على اشياء كثيرة اخرى فدفعت جبهة النصرة المعروف عنها بإلتزامها، وتنظيمها الدقيق ثمن تشرذم المسلحين وقادتهم، بل وإنساقت خلفهم فعصفت رياح الخلافات الجبهة نفسها، وكانت النتيجة تحول معسكر وادي الضيف إلى مقبرة حقيقية للمسلحين القادمين للسيطرة عليه.
اسباب إنتكاسة المسلحين على ابواب معسكر وادي الضيف كثيرة بحسب مصادر مقربة منهم، “البروباغندا الإعلامية التي كان من المفروض أن تلعب دورا إيجابيا يصب في صالحهم إنقلبت عليهم فكانت النتيجة إحباطا نفسيا اصابهم مع توالي الأيام والليالي خصوصا مع إنعدام قدرتهم على السيطرة على المعسكر بظل الخبار التي روجتها القنوات الداعمة لهم حول فرض سيطرتهم على وادي الضيف الذي يعد الموقع الإستراتيجي الأبرز في ريف إدلب”.
سبب آخر تسبب في هزيمة ميليشيا الحر، وجبهة النصرة، بحسب محدثينا “فالموت اراد ان يزور مقاتلينا، وهم على ابواب المعسكر وفي المناطق القريبة، فخطف ارواح الكثير منهم، ولكن موقعة وادي الضيف لم تكن نزهة هنا أصاب جنود الجيش السوري قادة السرايا، والكتائب المهاجمة فقُتل منهم الكثير لعل ابرزهم: محمود عبد الحميد الأسعد، محمود محمد خطيب، عمران عبدالرحمن حاج أحمد، عبد الله حسين الخطيب، محمود احمد اليوسف مسؤول الإتصالات، والإعلام، عبد الوارث ابراهيم جبان، فراس ابراهيم سطوف، اسماعيل اسعد عرسان، محمود احمد اليوسف، مصطفى الدهمان، وعبد السلام الرحمون”.
سبب ثالث اصبح مرافقا للثورة السورية اينما وجد، تبادل الإتهامات بين الثوار، وتوجيه اتهامات الخيانة لبعضهم البعض فالقائد الثوري الذي يصف نفسه بأنه من اوائل من خرجوا في التظاهرات السلمية، واول من إمتشق السلاح في منطقة خان شيخون وضاح سرماني تكال له الإتهامات ، وخلف بارود، ونجيب علون وفحواها انهم تركوا مقاتلي النصرة يلقون حتفهم في وادي الضيف بعد ان كانوا قد أعطوهم وعدا بالقتال إلى جانبهم، وتفرغوا إلى محاصرة احد الاحياء في مدينة خان شيخون طالبين من سكانه المعارضين دفع فدية قدرها 50 مليون ليرة، وتجلت اعمالهم الثورية بخطف المدنيين العزل وطلب الفدية بحجة دعمهم للثورة كما اقدموا على سرقة الكثير من الشاحنات، وسيارات النقل التي تعود ملكيتها إلى اهل درعا وحمص، ولكن ابرز ما إقترفته ايديهم بحسب مصادر العائدين القلائل من حصار وادي الضيف، قيامهم بتسهيل مرور قافلة للجيش السوري، وإرشاد عناصره إلى اماكن تواجد المجموعات المسلحة ما تسبب لاحقا بإبادتها، كما منعوا ايضا قافلة كانت متوجهة إلى مدينة مورك، وكانت تحمل الذخائر للجيش الحر بحجة عدم دفعها ضريبة المرور “.
وفي ردها على سؤال حول الجهة التي تموّل سرماني، وبارود تعلن المصادر ان هؤلاء الأشخاص يناصرون الشيخ السلفي عدنان العرعور، ويتلقون الإمدادات العسكرية، والمالية من اشخاص مقربين منه، ولكن الشيخ أعلن تبرؤه من اعمالهم قائلاً إن “النظام قام باختراق الثورة كما تخترق المياه السد المتصدع وشكل النظام كتائب باسماء كثيرة لايعرف لهم تاريخ الا انهم عبارة عن لصوص وقاطعي طرق وقام النظام بقذفهم باسم الجيش الحر” مضيفاً ” اولئك لا دين لهم ولا ضمير وحل هذه المشكلة والمعضلة والتي اسبابها القيادة الهشة للمجالس العسكرية يكون بتوحيد الجهود والتعامل معهم بشكل حازم وسوف تتم محاسبتهم ولو طال الوقت”، كلام الشيخ العرعور لا تأخذه المصادر على محمل الجد، لأنهم وبحسب ما يقولون تمويلهم لم ينقطع حتى هذه اللحظة، فمحفظة الشيخ سخية”.
تجارة المازوت الرائجة هذه الأيام كانت سببا في الويلات التي حلت بجبهة النصرة في وادي الضيف، وفي التفاصيل فإن المسلحين كانوا يعولون على الإمدادات التي وعدوا بها من خان شيخون، ولكن صراع العائلات، والتجار، والمهربين هناك ساهم في بعث اليأس في قلب المجاهدين، فبحسب المجلس العسكري ” يكمن السبب الرئيسي للإشكالات في جشع أصحاب الكازيات الذين يتظاهرون بالإنتماء إلى صفوف الثوار، والثورة منهم براء، هؤلاء الذين استغلوا الأوضاع التي تمر بها سورية كي يتاجروا بدماءالناس، ويحرموهم من الحصول على ما يقيهم برد الشتاء القارس من مادة المازوت، وعندما حاول الثوار نصرة اصحاب الحق، جوبهوا بالرفض من أصحاب الكازيات من آل اليوسف وتعرضوا للاعتداء على أحد مقراتهم ، فتدخل المجلس العسكري في المدينة لحل الإشكال بالطرق السلمية عبر مفاوضات استمرت طوال الليل، ووصلت إلى نتيجة مفادها إرغام من اطلق النار على تسليم سلاحه، ولكن المجلس تفاجأ بردة فعل المشتبه بهم الذين رفضوا الإنصياع، وقاموا بإطلاق الرصاص على أربعة من القادة الثوريين الذين كانوا يستعدون للتوجه نحو معسكر وادي الضيف محاولين قتلهم مما أدى إلى اصابة أحدهم إصابة خطيرة، وتدخل حكماء المدينة لحل الأزمة إلا أن البعض من آل اليوسف تكبروا ولم يستجيبوا للحل فما كان من كتائب المجلس الثوري العسكري إلا ان تعهدت بضرورة إحضار الأشخاص الذين اطلقوا النار على الثوار، وتقديمهم للمحاكمة امام المحاكم الشرعية”.
من جهة اخرى لا يأخذ ال اليوسف قرارات المجلس العسكري على محمل الجد، ويعتبرونها لا تساوي قيمة به، ويردون الصراع الحاصل حاليا إلى التنافس بين عائلتي اليوسف، والقطيني على زعامة الثورة، فآل القطيني، ومن خلال سيطرتهم على التنسيقية والمجلس العسكري عملوا على تحوير الأمور، وإظهارها وكأنها صراع على تأمين حاجيات الفقراء، ووصل ببعض أعيانهم حد الإدعاء أن ما يحصل بين العائلتين يشبه إلى حد بعيد صراع الخير مع الشر”.
جواد الصايغ | عربي برس