Site icon سيريان تلغراف

أكد أن حلم احتلال سوريا لايزال يراود الحكومة الفرنسية .. تيري ميسان : وجهة النظر التعددية التي دخلت على السلطة السورية انتصار لسوريا

سيريان تلغراف | خاص –

تيري ميسان صحافي وناشط سياسي فرنسي، له كتابات عديدة وتحقيقات جريئة، وخاصة منها ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط. اشتهر بكتابه «الخدعة الكبرى» الذي يشكك في الرواية الرسمية لأحداث 11 سبتمبر 2001. رئيس ومؤسس شبكة فولتير..

برأيه أن ما يحدث في سورية هو في جزء كبير منه نتيجة مخطط خارجي تقاطع مع مطالب داخلية،   فالتدخل الخارجي كان واضحاً منذ البداية، لأن القضية تتجاوز مسألة أطفال درعا وتعذيبهم بقسوة وفق الرواية الغربية، وما يدعم رأيه هذا استهداف مبنى للاستخبارات في درعا مهمته مراقبة الجولان السوري المحتل. ولكن هذا لا ينفي وجود أشخاص معارضين للنظام، غير أن الأحداث لا تترجم وجهة نظر هؤلاء المعارضين، وإنما هي تترجم وجهة نظر المسلحين..

اهتمامه بالشأن السوري لم يقتصر على معلومات سرية موثوقة يحصل عليها من أطراف عديدة، بل من تحليلات وقراءات قدمها في مختلف سياقات الأزمة، منذ اندلاعها في منتصف شهر آذار 2011، إلى أن أصبحت صراعاً مسلحاً، واسع النطاق، وصولاً إلى التقارب الروسي الأميركي الذي أعلن عنه قبل يومين من إجراء هذا الحوار..

تعيش سورية أزمة منذ ما يقارب العامين.. برأيك، هل هي نتيجة حركة احتجاجية محقة لها أسبابها أم هي مؤامرة تم التحضير لها مسبقاً خارجياً؟

منذ 18 شهراً، وسورية تحت وطأة الاضطرابات، التي ما فتئت تتصاعد، حتى أصبحت صراعا مسلحاً واسع النطاق، تسبب بالفعل في مقتل الآلاف. إذا كان هناك توافق في الآراء بشأن هذه الأطروحة، فإن الروايات والتفسيرات تختلف حولها.

الحرب الجارية الآن على سورية، تم اتخاذ القرار بشأنها في ظل إدارة بوش، أثناء اجتماع في كامب ديفيد، بتاريخ 15 أيلول 2001، وكان من المقرر أن يحدث التدخل في وقت واحد مع ليبيا، لإثبات القدرة على العمل في مسرح عملياتي مزدوج. وقد تم تأكيد الأمر في شهادة الجنرال ويسلي كلارك الذي كان معارضاً لهذا الموضوع.

عقب اندلاع الأحداث الجارية في سورية، حاولت الولايات المتحدة الحصول على موافقة أممية لتدخل الناتو في سورية، على غرار ليبيا، ولكن الفيتو الروسي-الصيني المزدوج اضطره إلى إلغاء هذه الخطة والاستعاضة عنها بالخطة “ب”؛ باللجوء إلى المرتزقة والعمليات السرية، بعد أن أصبح مستحيلاً نشر قوات بالزي العسكري.

وفي الأسبوع الثاني من فبراير 2011، عُقد اجتماع بين جون ماكين، وجو ليبرمان وبرنار هنري ليفي، وشخصيات ليبية، . أعطى إشارة انطلاق العمليات السرية، التي بدأت في كل من ليبيا وسورية (15 فبراير في بنغازي وإذا نظرنا إلى بداية الأحداث في درعا، رأينا التدخل الخارجي واضحاً منذ البداية، فالقضية تتجاوز مسألة أطفال تم تعذيبهم بقسوة وفق الرواية الغربية، وما يدعم هذا الرأي استهداف مبنى للاستخبارات في درعا مهمته مراقبة الجولان السوري المحتل.

هذا لا ينفي وجود أشخاص معارضين للنظام، لكن الأحداث لا تترجم وجهة نظر هؤلاء المعارضين، وإنما هي تترجم وجهة نظر المسلحين.

أما داخلياً، فالاحتجاجات السلمية التي انطلقت في فبراير 2011 تستنكر الفساد وتطالب بالمزيد من الحريات بعد الأزمة الاقتصادية الرهيبة التي ضربت البلاد نتيجة ضعف المحاصيل، التي تم تفسيرها من قبل الحكومة بشكل خاطئ على أنها مشكلة عابرة، في حين أنها حدثت بسبب التغيرات المناخية الدائمة.

تضاف إلى هذه أخطاء في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، ما أخل بالقطاع الأولي. تبع ذلك نزوح ريفي هائل تعيّن على الحكومة أن تواجهه، وأيضا حيَدان طائفي لبعض المزارعين واعتقادهم بأن السلطة قد فشلت.

باعتبارك أحد أهم الصحفيين الغربيين المهتمين بالشأن السوري منذ ما قبل الأزمة، ما هي قراءتك لصيرورة الأزمة؟

ما يحدث في سورية هو كما ذكرنا في جزء كبير منه نتيجة مخطط خارجي تقاطع مع مطالب داخلية، ولكن النتائج على الأرض تشير إلى تقدم لمصلحة الحل السياسي وفق توافق روسي -أمريكي.

كنت دائماً تمتلك معلومات سرية، وقد قلت سابقاً إن عناصر من الاستخبارات الفرنسية وقعت في قبضة الجيش السوري عند محاولتها دخول الأراضي السورية. من أين تستقي معلوماتك، وهل هي مؤكدة، وما مصير هؤلاء الفرنسيين؟

تم توقيف رعايا فرنسيين دخلوا إلى سورية كجهاديين، ولكن الحكومة الفرنسية أعلنت تبرؤها منهم، معللةً هذا الموقف بأن أغلبهم يحملون جنسية مزدوجة؛ مغربية أو جزائرية أو تونسية، ولم تتمكن الدولة السورية من إثبات أن هؤلاء يتبعون لجهات خارجية لتنفيذ مخططات معينة، ولكن يمكن الحديث عن ضلوع الدولة الفرنسية في هذه الأمور، فالصحفيون الفرنسيون في بابا عمرو الذين يحملون بطاقات صحفية تؤكد انتماءهم إلى الصحافة، وفي الوقت نفسه يمكن أن يعملوا لحساب جهات أخرى؟!

وكنت أيضاً شاهداً بشكل مباشر على جزء من المفاوضات بين فرنسا وسورية بشأن تسليم بعض الرعايا الفرنسيين مقابل تفكيك بعض غرف العمليات الفرنسية الموجودة في لبنان.

أما بالنسبة إلى المصادر التي أستقي منها معلوماتي، فهي متعددة من سورية ومن فرنسا أيضاً ودول أخرى.

باعتبارك فرنسياً، كيف تصف الموقف الفرنسي، وهو الذي دأب منذ البداية على دعم المعارضة المسلحة؟

لا يزال حلم احتلال سورية يراود الحكومة الفرنسية؛ ففي الأمم المتحدة، طلب فرانسوا هولاند أن يعطي مجلس الأمن تفويضاً لإدارة “المناطق المحررة من قبل المتمردين”، على غرار الولاية التي سمحت بها عصبة الأمم لفرنسا على سورية من 1923 إلى 1944. وبناءً عليه اعترفت فرنسا بالائتلاف الوطني السوري “ممثلاً شرعياً للشعب السوري”، وطلبت باريس من الاتحاد الأوروبي، الذي تلقى جائزة نوبل للسلام، رفع الحظر عن الأسلحة، وذلك لتزويد “المناطق المحررة”.

سواء أحببنا ذلك أم لا، فمن الواضح أن الرئيس بشار الأسد يحكم حالياً الجزء الأكبر من الأراضي السورية بدعم من غالبية الشعب السوري. والحال هذه، فإن فرنسا تزعم عدم صحة هذه الحقيقة، وإمكانية تحديد- تعسفياً – من سيشكل الحكومة السورية. وعلى هذا الأساس، فإنها تنوي إعطاء نفسها الحق في إدارة وتسليح “المناطق المحررة” التي رفرف فيها بالفعل العلم ذو النجوم الثلاثة، والذي فرضته سابقاً في هذا البلد، وعادت لتفرضه على المعارضة مجدداً.

بالنسبة إلى فرنسا. المرحلة الانتقالية صارت واضحة؛ إما سورية بمرحلة انتقالية موالية لها، يكون لشركة «توتال» النفطية الفرنسية دور فيها، وإما لاشيء.

كيف تقرؤون مسارات الموقف الأمريكي منذ الأزمة وحتى اليوم، ولا سيما بعد وضع جبهة النصرة الممثل الرئيسي للقاعدة في سورية على لائحة الإرهاب؟

بالنسبة إلى الصلة بين الولايات المتحدة والقاعدة مرت بأشكال متعددة خلال أربعين عاماً.

ففي عهد الرئيس كارتر، قدم مستشار الأمن القومي في ذلك الوقت زبينغوبريجنسكي إلى لبنان بحثاً عن بن لادن؛ كونه ملياديراً سعودياً مناهضاً للشيوعية، ويحارب للتخلص من الاتحاد السوفييتي السابق، من أجل تكليفه بمحاربة الوجود السوفييتي في أفغانستان، ويومها تم إطلاق صفات مثل مناضلين ومجاهدين على العناصر التي شاركت في هذه الحرب.

وبعد انتهاء الأزمة في أفغانستان، تم استخدام القاعدة في البوسنة والهرسك والشيشان.

في البوسنة، تم منح بن لادن جواز سفر من قبل الرئيس علي عزت بيغوفيتش، حيث عمل لديه كمستشار عسكري إلى جانب برنار هنري ليفي، الذي عمل كمستشار سياسي. وبعد انتهاء مهمتهم في البوسنة، تم إرسالهم إلى الشيشان لمحاربة الجيش الروسي.

وبعد أحداث الحادي عشر من أيلول حصلت القطيعة بين الولايات المتحدة وهذا التنظيم، وأصبحوا إرهابيين يشكلون خطراً على السلم العالمي. وحسب وثائق بريطانية، فإن بن لادن قتل في العام 2001 وقد استمرت الجزيرة في عرض أفلام يظهر فيها بن لادن لتبرير الحرب التي كانت تشنها الولايات المتحدة ضد الإرهاب.

أما في الوقت الحالي، فقد وجدت الولايات المتحدة ضالتها في الحرب الدائرة في سورية، فقررت إرسال الجهاديين السلفيين إلى سورية لتكون مقبرة لهم.

تتحدث اليوم عن بدء مسار الحل، وتقول إن عجلة الحوار ستدور قريباً. على أي أساس سيكون هذا الحل.. وما هي القوى المنخرطة فيه؟

لقد انقلب الوضع في سورية خلافاً لرغبات من تمنوا في بروكسل وواشنطن أن يؤدي إلى تغيير النظام بالقوة. فبعد محاولتين فاشلتين للسيطرة على دمشق، أصبح واضحاً، من الآن فصاعداً، أن هذا الهدف صعب المنال.

وخرجت القيادة السورية من جراء تلك العمليتين الفاشلتين أقوى من ذي قبل. الأمر الذي أتاح لها فرصة الانتقال إلى هجوم ساحق ضد الإرهابيين. إثر هذه النتائج طُلب من خليفة أنان، الأخضر الإبراهيمي، إعادة إحياء اتفاق جنيف.

وبعد تسريع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوتيرة مشاريع “منظمة معاهدة الأمن المشترك”، و”الميثاق العسكري المناهض لحلف شمال الأطلسي” الذي يضم كلاً من: أرمينيا، وبيلاروسيا، وكازاخستان، وقيرغيستان، وطاجكستان، وروسيا، والتي أسفرت عن اجتماع وزراء خارجية دول “منظمة الأمن المشترك” وتبنيهم موقفاً موحداً إزاء سورية.

وتم إقرار نشر 50,000 رجل في سورية. وبناء عليه، تم التوقيع على اتفاق بين “منظمة الأمن المشترك” وقسم حفظ السلام التابع للأمم المتحدة، يهدف إلى إمكانية نشر قوات أممية بتكليف من مجلس الأمن، في المناطق التي تشهد نزاعاً مسلحاً.

وقد تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تضم أطرافاً من النظام وجزءاً كبيراً من المعارضة الرافضة للتدخل الخارجي بكافة أشكاله، تكون من مسؤولياتها إجراء انتخابات مبكرة.

لكن أي قرار رسمي لن يصدر عن الولايات المتحدة قبل العشرين من شهر كانون الثاني 2013 موعد تشكيل الإدارة الأمريكية الجديدة وما إن تنتهي تلك المرحلة، حتى يصبح السلام ممكناً.

ما هو الدور المنتظر من فريق الإدارة الأمريكية الجديد تجاه الأحداث في سورية والمنطقة وفق توازن القوى؟

تغيير إدارة أوباما واستبدال أخرى جديدة بها لا يخص بشكل مباشر سورية فقط، بل المنطقة كلها والولايات المتحدة تخطط للانسحاب من الشرق الأوسط بسبب أنها لم تعد بحاجة إلى البترول من الشرق الأوسط، حيث تم العثور على كميات هائلة لديهم في الصخور في بلادهم، وقد حصل اجتماع منذ عدة أيام لهيئة الطاقة الدولية خرجوا بتقرير يفضي إلى أنه لم يعد هناك حاجة إلى نفط الشرق الأوسط، فقد وجدوا كميات كبيرة من البترول لديهم تكفيهم لقرن أو قرنين من الزمن وهذا يمكن أن يسهم في خفض سعر برميل النفط، وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، بقي الأمر الذي يهمها في الشرق الأوسط، حماية أمن إسرائيل، مع تأكيدي الشديد على أن هذا الأمر الوحيد المهم بالنسبة إليها، ما يعني أن الولايات المتحدة لم تعد تبالي بآل سعود. وفي حال انسحاب أمريكا، هل ستبقى روسيا لاعباً وحيداً في الشرق الأوسط أم أن هناك تشاركاً بشكل ما مع الولايات المتحدة؟

الجواب أن الولايات المتحدة تحاول إعطاء بعض النفوذ لروسيا لضمان ابتعادها عن الصين في محاولة منها لكسر التحالف الروسي – الصيني.

وفي نهاية المطاف، إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية استمرار تقديم الحماية لإسرائيل لأمد طويل، وليس الاستجابة لمطالب نتنياهو المتهوّرة، فإن الوجود الروسي يبدو هو الحل الأنسب، لأن روسيا لن تسمح بالقضاء على مستعمرة يعيش فيها نحو مليون اسرائيلي ناطق بالروسية.

هل يمكن التكهن بنتائج الأزمة السورية في حال استطاعت سورية تجاوز هذه المرحلة، وهل سيكون هناك رابحون وخاسرون؟

القصة ليس من يربح أو يخسر، إنما هي انتقال من تنظيم إلى آخر في المنطقة، بالنسبة إلى وجهة النظر السورية التعددية التي دخلت على الحكومة، هو انتصار بحد ذاته لسورية والدول التي دعمت سورية (إيران وفنزويلا وكوبا)؛ سيكون لهم موقف أقوى، سيكون على إسرائيل القبول بحل للقضية الفلسطينية والأغلب أنهم سينسحبون من الجولان.

بالنسبة إلى الأردن مستقبلها غير واضح يمكن أن تصبح فيدرالية تضم الضفة الغربية، لكن ليس من المؤكد أن يبقى الحكم ملكياً، ومن الممكن أن يصبح جمهورياً. أما في لبنان فالوضع معقد أكثر؛ فنهاية الأزمة السورية هي نهاية لجماعة 14 آذار.

أما حزب الله، مع أنه من طرف الرابح، فسيواجه صعوبات وسيواجه انتقادات كبيرة، خاصة فيما يخص سلاحه بعد اتفاق السلام، وسيكون رد حزب الله بأنه يسعى لإسقاط إسرائيل كلها.

في تركيا، سيكون الوضع معقداً أيضاً؛ لأنهم سيحاربون مسألة كردستان؛ إما أن تصبح فيدرالية وإما يحصل الإقليم على استقلاله.

أما السعودية التي لم يعد أحد يريد آل سعود فيها، فسيكون من الصعب حمايتهم، خاصة أن هناك مشكلات كبيرة على العرش، ومن مصلحة الجميع تقسيم السعودية للتخلص من الجهاديين.

لا يوجد أي طريقة أخرى للجيش المكون من المرتزقة سيكون هناك إعادة تنظيم للشرق الأوسط في العامين القادمين.

سيريان تلغراف | ريم فرج – بلدنا

Exit mobile version