يستمر التحول في ميزان القوى على الأرض السورية لصالح الدولة الوطنية والجيش العربي السوري وتشير المعطيات إلى تقدم العمليات في أرياف دمشق وحلب وادلب ودير الزور بينما بات محسوما أن الدولة الوطنية وقوات الجيش العربي السوري تحكم السيطرة على العاصمة والمدن السورية بشكل حاسم.
أولا: تواصلت المعارك والنزاعات المندلعة في صفوف العصابات الإرهابية ويدور قتال متنقل في أكثر من منطقة سورية بين أمراء العصابات في حرب على النفوذ والغنائم ويبدو واضحا أن جبهة النصرة القاعدية تسعى لتصفية الفصائل الأخرى وابتلاعها بينما يسعى عشرات الضباط الفارين الذين التحقوا بعصابة ما يسمى بالجيش الحر إلى التواصل من جديد مع المؤسسة الأمنية السورية ويقدمون عروضا للتعاون مع الدولة في مكافحة عصابات التكفير التي تجاهر بالعمل لإبادة كل من يخالفها في تشكيلات التمرد المسلح وبالتالي فالقانون العام الذي يحكم واقع العصابات المسلحة هو التناقض والتنافر الذي يقود إلى ترسيخ التبدل في المعادلات لصالح الدولة والجيش وخصوصا بعد النجاحات العسكرية التي تحققت في دك أوكار العصابات الإرهابية و بينما يعزز مناخ الهزيمة الانقسامات في صفوف المسلحين، يحاصر العصابات مناخ شعبي متحرك يشير إلى سقوط ما عرف بالبيئة الحاضنة في الأرياف السورية و يتكرس ارتداد المواطنين إلى حضن الدولة والجيش بعدما اكتشفوا الخداع والكذب في خطب المعارضات المرتبطة بالأجنبي والحاضنة للإرهاب والتكفير واللصوص.
ثانيا: التحولات التي أنتجتها معادلات الصمود السوري في الواقعين الإقليمي والدولي بدأت تفرض نفسها والحصاد السياسي والاستراتيجي الكبير الذي حققه حلفاء سورية و داعموها حتى الآن يؤكد نهاية نظام الهيمنة الأحادية الأميركية على العالم والفضل يعود في ذلك إلى صمود سورية شعبا وجيشا ودولة وتمثل المناورات الإيرانية المستمرة والمناورات الروسية القادمة في البحرين الأسود والمتوسط رسائل قوة واقتدار لترسيخ التوازنات الجديدة ولولا صمود سورية لما كان ذلك ممكنا أبدا بل ان من الواضح لدى جميع دول محور الاستقلال والتعدد القطبي في العالم ان نجاح الحرب الاستعمارية على سورية كان سيشكل منطلقا لهجوم أميركي شامل يستهدف إيران وروسيا والصين بشكل مباشر لإحياء العقيدة الإمبراطورية الأحادية التي أطلقها الأميركيون بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وأسقطها الشرق العربي والإسلامي بمقاومته التي شكلت سورية محورها المركزي ولعب رئيسها الدكتور بشار الأسد الدور القيادي الأبرز في التصدي للغطرسة الأميركية الاستعمارية منذ احتلال العراق وصولا إلى حربي لبنان وغزة عامي 2006 و2008 .
ثالثا: ان الكلام عن التسويات بشأن الوضع السوري بات ينطلق في الكواليس من حقيقة التسليم بفشل العدوان الاستعماري وما يجري البحث بشأنه واقعيا هو التفتيش عن الإخراج السياسي الذي يحمي الإمبراطورية الأميركية من الاعتراف الصريح بالفشل والعجز أمام سورية ورئيسها تماما كما حصل في إخراج الهزيمة الأميركية في العراق والهزيمة الأميركية الإسرائيلية في حرب تموز والهزيمة الأميركية الإسرائيلية في غزة بحيث لا تبدو الولايات المتحدة منكسرة بالكامل أمام معسكر المقاومة والتحرر ومن الواضح انه بشأن الوضع السوري الداخلي لا مجال للمساومة على مبادئ الرئيس الأسد وليس فحسب على دوره ومكانته القيادية فجميع الصيغ المتداولة تقوم على مبدأ التحدي الذي رفعه الأسد بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع وهو التحدي الذي هرب منه معارضوه المرتبطون بالحلف التركي الخليجي وبالاستخبارات الأميركية والغربية وهؤلاء جمعيا يعرفون ان شعبية الأسد تضاعفت وتوسعت بفعل مقاومته العنيدة للعدوان الاستعماري ودفاعه عن استقلال سورية ودورها القومي ويقينا يقترب الزمن الذي سيظهر فيه الأسد صانعا لانتصار كبير وتاريخي لقوى التحرر في العالم ضد الحلف الاستعماري الصهيوني وأذنابه في المنطقة فلا شروط مسبقة لها مكان ولا املاءات ولا صيغ تناقض السيادة السورية الوطنية وخيارات سورية القومية التحررية هذه هي القاعدة التي تجري عليها المداولات والتي ستكون الإدارة الأميركية مكرهة بالخضوع لها وكل غد لناظره قريب.
غالب قنديل