بدأت ما يُعرف في تونس بـ’فضيحة’ وزير الخارجية رفيق عبد السلام تتفاعل على أكثر من صعيد، فيما دعا راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية ووالد زوجة رفيق عبد السلام، إلى جلد مروجي الإشاعات.
وأكد القسم المالي التابع لوزارة الخارجية التونسية في بيان وزع السبت، أن جميع نفقات الإقامة بأحد فنادق تونس العاصمة والتي يسددها وزير الخارجية رفيق عبد السلام ‘تمت وفقا للضوابط والإجراءات المحاسبية للتصرف في الميزانية المخصصة للوزارة’.
وكانت ‘فضيحة’ وزير الخارجية التونسية قد بدأت عندما نشرت مدّونة تونسية تُدعى ألفة الرياحي وثائق في مدونتها تتهم فيها الوزير رفيق عبد السلام بالفساد وإهدار المال العام، والخيانة الزوجية.
وقالت الرياحي إن الوزير رفيق عبد السلام ‘قضى أياماً مع امرأة قام بدفع مصاريف إقامتها في نزل فاخر اعتاد ارتياده خلال عطلته، وبتكلفة خيالية’.
وانتشرت هذه الوثائق بشكل لافت في مواقع التواصل الإجتماعي، وكادت أن تتحول إلى قضية رأي عام، ما دفع الوزير رفيق عبد السلام إلى الخروج عن صمته، حيث نفى في بادئ الأمر صحة الوثائق، ثم عاد واعترف بها، مع توضيح بسيط بأن المرأة المعنية هي قريبته، وأن ‘الظروف اقتضت قضاءه ليالي في الفندق’، القريب جداً من مقر وزارة الخارجية.
وأكد أنه لـ’أسباب مهنية’ يضطر أحيانا للبقاء في المكتب إلى ساعة متأخرة، ويفضّل قضاء الليلة في فندق قريب من الوزارة، معتبراً أن الاتهامات هي ‘حملة تسهدف تشويهه سياسياً’.
ثم عاد ليقول في كلمة ألقاها أمام عدد من أعضاء حركة النهضة الإسلامية التي ينتمي إليها، إنه يعتزم تتبع من ينشر الإشاعات قضائياً، مضيفاً ‘سنذهب للقضاء لمحاسبة مروجي الأكاذيب والأباطيل’.
وفي المقابل، سارعت حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، إلى تكذيب الاتهامات، واعتبرتها ‘محض إشاعات تداولتها بعض المواقع الإلكترونية لاستهداف شخص الوزير’.
ومن جهتها، أكدت المدونة ألفة الرياحي صحة الوثائق التي نشرتها، وتحدت في تصريحات إذاعية ليلة الجمعة – السبت وزير الخارجية التونسية بأن يذهب للقضاء، لأن لديها وثائق اخرى ستكشفها في الوقت المناسب.
وفيما انشغلت وسائل الإعلام التونسية المرئية والمسموعة والمكتوبة بهذه القضية التي وُصفت بـ’الفضيحة’، دخل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، ووالد سمية الغنوشي، زوجة رفيق عبد السلام، على الخط، حيث تحدث في خطبة الجمعة عن حكم الشرع الإسلامي في من ينشر الإشاعة وعمّن ‘يشنُ حملات إعلامية لتمزيق صف المسلمين’.
وقال الغنوشي في خطبته التي فُهم منها أنها مرتبطة بقضية وزير الخارجية، إن ‘من يُروج الإشاعة من دون أن يأتي بدليل يُعاقب بـ80 جلدة’، واعتبر أن ‘نشر الإشاعة من عمل أعداء الإسلام’، واستشهد في ذلك بآيات من القرآن.
ويبدو أن هذه القضية مرشحة للتفاعل أكثر فأكثر خلال الأيام المقبلة بالنظر إلى طبيعتها الأخلاقية التي شدّت وسائل الإعلام التونسية بحكم ارتباطها بوزير هو صهر رئيس حركة النهضة الإسلامية.
جاء ذلك فيما أعربت رئاسة الحكومة التونسية المؤقتة عن تضامنها مع وزير الخارجية رفيق عبد السلام، ضد ما وصفته بأنه ‘حملة التشويه’ التي تستهدفه، ودعت كل الأطراف إلى الالتزام بأخلاقيات المنافسة السياسية.
وقالت رئاسة الحكومة التونسية في بيان تلقت ‘يونايتد برس إنترناشونال’ نسخة منه مساء السبت، تعقيباً على المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام حول إقامة وزير الخارجية رفيق عبد السلام بفندق ‘الشيراتون’ بتونس العاصمة، إن النفقات التي قام بها الوزير ‘تبقى خاضعة لقواعد المحاسبة العمومية والهياكل الرقابية المعنية المخول لها النظر والتقصي في كل التجاوزات المحتملة’.
وعبّرت في بيانها عن تضامنها مع وزير الخارجية رفيق عبد السلام، ومع كل أعضاء الحكومة، ضد ما وصفته بـ’حملات التشويه وافتعال الإشاعات وإصدار أحكام نهائية قبل انتظار نتائج البحث والتقصي من طرف الهياكل المعنية’.
ودعت في المقابل كل الأطراف إلى ‘الترفع عن هذه الأساليب، وإلى الالتزام بأخلاقيات المنافسة السياسية المشروعة’، لافتة في نفس الوقت إلى أن كل ما نُشر في هذا الموضوع من معطيات واستقراءات ‘يحمّل الجهة التي قامت بنشره المسؤولية الأخلاقية والمهنية في العمل الإعلامي المترتبة عن مدى صحتها ودقتها ويخوّل للأطراف المذكورة في هذه المسألة بصفتها الوظيفية والشخصية حق التتبع القضائي’.
يشار إلى أن رفيق عبد السلام كان رئيسا لقسم البحوث والدراسات في “الجزيرة” قبل أن يصبح وزيرا لخارجية تونس . وهناك أحديث قوية في الأوساط الأكاديمية والصحفية البريطانية عن أنه جند مطلع التسعينيات لصالح جهاز “إم أي 6” ( المخابرات الخارجية البريطانية ) حين كان لما يزل طالب دراسات عليا في جامعة “ويستمنستر” في لندن !؟
سيريان تلغراف