Site icon سيريان تلغراف

“جبهة النصرة” تحشد ثلاثة آلاف مقاتل في “اللجاة” تمهيدا لمهاجمة مناطق السويداء وتنذر أهلها بالمفخخات

سبعة عشر مخطوفا من أبناء السويداء على أيدي عصابات “النصرة” يوجهون نداء إلى أهلهم وإلى السلطة للإفراج عن معتقلين معظمهم ليسوا من أهالي درعا !؟

كشفت مصادر معارضة في حوران ومحافظة درعا أن “جبهة النصرة” تحشد منذ أيام قرابة 3 آلاف مسلح في منطقة “هضبة اللجاة” الوعرة تمهيدا ربما لمهاجمة أهالي محافظة السويداء وتخومها وإثارة المزيد من الفتن بين أهالي المحافظتين المتجاورتين .

وبحسب مصادر أخرى في المنطقة ، فإن التحشيد يشمل مجموعات مسلحة أخرى تعمل مع “النصرة” مثل “كتائب أحرار الشام” ـ الذراع الخاصة لـ”جبهة النصرة” ـ و “لواء العمري” في ما يسمى “الجيش الحر” ، فضلا عن مجموعات أخرى أقل شأنا وحجما .

وأجمعت هذه المصادر على أن “جبهة النصرة” في طريقها لأن تصبح التنظيم المسلح المهيمن في المنطقة الجنوبية كلها بسبب المبالغ المالية الهائلة التي تدفعها .

وعلى هذا الصعيد ، قال مصدر مقرب من الحركة المذكورة إن “جبهة النصرة” ، التي تدفع بضع مئات من الدولارات في المحافظات الأخرى مقابل كل مسلح تستقطبه إلى صفوفها ، تدفع في منطقة حوران مبالغ مضاعفة مرات عدة بالنظر لصعوبة اختراق المنطقة من قبلها ، فضلا عن دفعها ما لا يقل عن خمسة ملايين ليرة مقابل كل عملية عسكرية تنفذها مجموعة مسلحة أخرى في درعا “شريطة أن يتم تجييرها إعلاميا لصالحها” ، أي لصالح “جبهة النصرة”.

وفي المحصلة ، وبسبب “فت العملة الخيالي” ، يتابع المصدر ، أصبح عدد كبير من المجموعات المسلحة في حوران تابعا فعليا لعمليات “جبهة النصرة” ويتلقى أوامره منها ، ولا يتصرف إلا بإمرتها ، كما لو أنه فصيل من فصائلها ، وبشكل خاص : “لواء العمري” ، “شهداء حوران” ، “كتيبة الشهيد عمار نصر الله” ، “كتيبة المجاهدين” ، “كتيبة العبود” ، “كتيبة حافظ المقداد ـ سرية عثمان” ، “لواء شهداء حوران” ، “كتيبة شيخ الإسلام ابن تيمية” ، “كتيبة درع الوطن” ، “كتيبة الشهيد عبد الله شقير” ، “كتيبة خيالة نور الدين الزنكي” ، “كتيبة اليرموك ـ سرية أسامة بن زيد” ، ” كتيبة تجمع أحرار السهل والجبل” ، “كتيبة عبد العزيز أبا زيد” ، “كتيبة البراء بن مالك” ، “كتيبة درع الجنوب” .. إلخ !

يشار إلى أن هضبة “اللجاة” ، التي تبلغ مساحتها حوالي 30كم مربع ، والتي جاء اسمها من حقيقة أنها كانت على مر العهود ملجأ للعصاة والخارجين على القانون والثوار ، ترتفع عن سطح البحر حوالي 800 متر و تمتاز بوعورة قاسية جدا بفضل طبيعتها البركانية .

وهي ، إلى ذلك ، مليئة بالكهوف والمغاور الطبيعية والبرك المائية المتشكلة من سقوط الأمطار ، والتي تصلح مياهها للشرب بفضل نظافتها ونظافة البيئة المحيطة بها .

ويعتقد خبراء عسكريون أنه من المستحيل القضاء على أي تمرد مسلح في الهضبة بالطرق التقليدية ، بما في ذلك القصف الجوي ، وأن الطريقة الوحيدة لذلك هي استخدام الأسلحة الكيميائية ، خصوصا وأن الهضبة غير مسكونة من المدنيين ، باستثناء بعض التجمعات السكانية القليلة على سفوحها ، والتي لا يتجاوز عدد سكانها الـ40 ألفا ، ما يجعل إمكانية إجلائهم فيما لو أتخذ قرار بـ”إبادة المسلحين كيميائيا” أمرا متيسرا ، كما يقول خبراء درسوا تجربة الجيش البريطاني في استخدم هذا النوع من الأسلحة خلال الحرب العالمية الأولى ضد الأكراد في العراق .

كما أن تطهير الهضبة من آثار الأسلحة الكيميائية ، قبل إعادة المدنيين ، أمر سهل نسبيا بالنظر لطبيعة الهضبة ، حيث من الصعوبة بمكان أن تمتص الجغرافيا البركانية مكونات هذه الأسلحة ، وفق ما يقوله هؤلاء الخبراء .

وكان مسلحو “جبهة النصرة” تسببوا بقتل عدد من المدنيين من أبناء السويداء أواسط الشهر الجاري حين هاجموا مطار “خلخلة” العسكري القريب من المدينة بمدافع الهاون .

كما أنهم يعمدون إلى مهاجمة الباصات ووسائل النقل العام والخاص ما بين دمشق ومحافظة السويداء ، وهو ما جعل حركة المواصلات بينهما شبه معدومة في الكثير من الأوقات .

لكن الحدث الأبرز، والذي يهدد بتفجير الوضع في المنطقة ، هو ما حصل السبت الماضي (22/12) حين عمد مسلحو “جبهة النصرة” إلى اختطاف سبعة عشر مدنيا من أهالي السويداء ، وذلك بعد أن فشل هجومهم على أحد الحواجز القريبة من منطقة “عرى” التابعة للمحافظة .

وطبقا لمصادر “سيريان تلغراف” في المنطقة ، فإن إحدى المجموعات التابعة لـ”الجيش الحر” ، التي لم تستطع “الجبهة” استقطابها حتى الآن ، عمدت إلى إخبار الجيش السوري وأجهزة الأمن بعملية “جبهة النصرة” ضد الحاجز ، ما مكن ضباط وعناصر هذا الأخير من أخذ احتياطاتهم ، وتمكنهم بالتالي من قتل واعتقال حوالي 38 مسلحا من عصابات “النصرة” خلال هجومهم الذي فشل والذي لم يسفر سوى عن استشهاد وجرح ستة عسكريين من عناصر الحاجز .

وهو ما دفع عصابة “النصرة” ، التي جن جنونها بسبب الفشل ، إلى اختطاف 17 مواطنا مدنيا من أبناء الطائفة “الدرزية” في المنطقة من أجل مبادلتهم بالمسلحين المعتقلين وبجثث من قتلوا منهم خلال الهجوم الفاشل .

على هذا الصعيد ، وفي أول ظهور لهم منذ اختطافهم ، بثت “جبهة النصرة” يوم أمس شريطا للرهائن السبعة عشرة هددت خلاله أهالي السويداء ، لاسيما أبناء بلدة “عرى” ، بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم يطلقوا سراح المعتقلين ، كما لو أنهم هم الذين يعتقلونهم !

وتضمن الشريط نداء استغاثة من أحد الرهائن ، بدا واضحا أنه أملي عليه من قبل الخاطفين ، ناشد فيه السلطة و وجهاء المدينة التدخل للإفراج عن المعتقلين!

وفي القسم الثاني من الشريط ، تلا مسلح من “جبهة النصرة” ، يتضح من لكنته أنه فلسطيني الأصل ، بيانا  باسم 33  مجموعة مسلحة في درعا وحوران هدد فيه بقتل الرهائن خلال 48 ساعة ومهاجمة السويداء وتوابعها بالسيارات المفخخة وتدمير بيوتها على سكانها إذا لم يطلق سراح المعتقلين من “جبهة النصرة” و “سيدات معتقلات” وجثث محتفظ بها لمسلحين .

مصدر معارض في حوران كشف لـ”سيريان تلغراف” أن المتحدث في الشريط كاذب ، حيث أكد أن عدد المعتقلين لدى الأمن العسكري في السويداء ، الذين يطالب بهم المتحدث ، هم ستة فقط ، أربعة منهم ليسوا من درعا أصلا .

وأوضح بالقول إن هناك مداخلات استخبارية “من وراء الحدود” تقف وراء  البيان و وراء الضغط من أجل إطلاق سراح المسلحين الستة ، وليس من أهالي درعا ، بالنظر لأهميتهم الأمنية كما يبدو .

وعن السيدات اللواتي يطلب البيان إطلاق سراحهن ، قال المصدر لا يوجد سيدات من درعا معتقلات في السويداء سوى اثنتين لدى المخابرات العسكرية ، وهما من “بصر الحرير” * ، ولكن يتعاملن كما يبدو مع “جبهة النصرة” !

وإلى ما تقدم ، كشفت مصادر “سيريان تلغراف” نفسها أن هناك مخيما للمهجرين طائفيا ومذهبيا من بلدة “بصرى الشام” أقامه لهم أبناء السويداء مؤخرا ، ويضم حوالي ألف نازح أقدمت “جبهة النصرة” على تهجيرهم من البلدة المذكورة بعد أن أحرقت منازلهم لمجرد كونهم شيعة ، مع الإشارة إلى أن قسما من هؤلاء المهجرين في المخيم هم من أبناء الطائفة السنية المتهمين بأنهم من “مناصري النظام” !

سيريان تلغراف

* بصر الحرير هي إحدى مدن حوران تابعة إدارياً لمحافظة درعا. تقع إلى الشمال من مدينة درعا وإلى الجنوب الشرقي من دمشق، وتبعد عنها حوالي 90 كم .

Exit mobile version