بثت مؤسسة المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي التابعة لتنظيم القاعدة، تسجيلاً صوتياً للفاتح أبو محمد الجولاني أمير تنظيم جبهة النصرة . وقد ذكرت المؤسسة أن كلمة الشيخ الفاتح تحمل عنوان “أهل الشام فديناكم بأرواحنا” .
ويأتي بث هذا التسجيل بعد شائعات كثيرة سرت عن مقتل الجولاني وتعيين أمير جديد للجبهة، وكانت مصادر من التيار السلفي الجهادي في الأردن قد أكدت هذه المعلومات المغلوطة التي ثبت بالدليل القاطع عدم صحتها بعد بث التسجيل بصوت الفاتح أبو محمد الجولاني .
وقد بدأ الجولاني كلمته بتحية كل من أمة الاسلام و”أهلنا في الشام” وحملة السلاح وأبناء جبهة النصرة، ثم أنشد أبيات من الشعر وهي :
ثارت شعوب الأرض كالبركان فتمايزوا يا أخوة الإيمان
هذي الجموع تحشدت ضد الذي نسي الكتاب وسنة العدنان
فالشام هبت والثغور تزينت والحور نادت أنتمُ شجعاني
يا شام كوني درة في جبهة قامت لتعلن دولة القرآن
ثم تطرق الجولاني لقرار الولايات المتحدة الأميركية بوضع جبهة النصرة على لائحة التنظيمات الإرهابية، معتبراً أن هذا القرار أتى بعد انهيار نظام بشار الأسد وقرب بزوغ فجر النصر على يد المجاهدين.
واضاف أن هذا القرار يقوم على أساس حجج أميركية واهية وشكوك وظنون وقلق وخوف، وأنه جاء بعد مسيرة طويلة من التهميش والتحجيم الذي مورس ضد جبهة النصرة، ثم انتهى إلى اعتبار القرار الأميركي بمثابة إقرار بقوة الجبهة الفاعلة ضد “العدو” وثناء على سياستها ونهجها في التعامل مع الحليف والصديق كما قال.
وأكد الجولاني أن جبهة النصرة أصبحت “معادلة” يصعب على الغرب حلها وفهم طبيعتها واستقاء المعلومات اللازمة عنها طيلة العام والنصف المنصرمين.
وكشف الجولاني أنه كانت هناك محاولات فاشلة متكررة لفرض الوصاية التركية على جبهة النصرة، وأنها تعرضت في سبيل ذلك لضغوط كبيرة كما تمَّ منع وصول السلاح إليها بشتى الوسائل بحسب قوله.
ثم قال أن الجبهة رفضت الجلوس في أي مؤتمر أو المشاركة في أي لقاء مع أي من الشخصيات السياسية التابعة لأي دولة أو منظمة رسمية، كما رفضت الجبهة بحسب قوله كل العروض المالية التي قدمت إليها من الخارج من أي “جهة رسمية” وذلك رغم ما كان يمر عليها من ضيق الحال كما قال.
ثم قال أن الجبهة تخوض حرباً ضروساً ضد النظام السوري واصفاً إياه بالنظام الغادر الفاجر. وتابع أن الجبهة تمكنت من تنفيذ مئات العمليات النوعية التي تصيب كل واحدة منها مقتلاً في قلب النظام، وهذا إضافة إلى العمليات اليومية الاعتيادية التي ساعدت بحسب قوله في تشتيت جهود النظام.
ثم أشار إلى أن الجبهة عملت على استهداف القواعد الأساسية التي يتكز عليها النظام كالأفرع الأمنية وفرق الجيش وبعض الرؤوس الحاكمة وتجمعات “الشبيحة” كما سماها. وعدد أهم العمليات التي قامت بها الجبهة في دمشق وهي استهداف الأفرع الأمنية مروراً بغزوة الأركان واقتحام وزارة الداخلية. وفي حلب ذكر تفجير فرع الأمن العسكري وعدة مقرات لقوات حفظ النظام مروراً بغزوة “نسف الأوكار” وسلسلة اقتحامات كتائب الدفاع الجوي وكان آخرها بحسب قوله اقتحام ثكنة الشيخ سليمان. وفي إدلب ذكر عملية معسكر النيرب واستهداف التنمية الزراعية، وفي حماة ذكر الجولاني أن اشهر الضربات فيها نسف مقر الفرقة الرابعة في قلب المدينة وأكبر تجمع للشبيحة قرب سلحب بحسب ما قال. ثم ذكر أن آخر عمليات الجبهة في درعا كانت غزوة “الصواعق المرسلة” التي أصابت نادي الضباط. أما حمص فآخر أعمال الجبهة كان نسف حاجز شركس في القصير.
ثم قال الجولاني أن هذه العمليات دفعت النظام إلى أن يتراجع مضطراً إلى الوراء وينشغل بما هو أهم بالنسبة له. وأشار الجولاني إلى أن هذا التراجع سمح للجبهة بالانتشار في الأرياف وتطهيرها والسيطرة عليها.
وبعد تطهير الأرياف، يقول الجولاني، أنه بدأ الزحف باتجاه بعض المدن الرئيسية، وبحسب قوله فإن هذه المدن منها ما أوشك على أن يتطهر ومنها ما هو في الطريق إلى ذلك.
ثم ذكر الجولاني أنه أصبح واضحاً الدعم الأميركي والدولي المتواصل لمد عمر النظام السوري بإعطاء المهل وإرسال المراقبين والسعي في الهدن، مستشهداً بما قال أنه سماح بدخول الدبابات السورية إلى منطقة محاذية للجولان المحتل، كان محظوراً عليها دخولها مدى أربعين عاماً، لقتل الثائرين والتنكيل بهم بحسب قوله.
ثم قال أن الولايات المتحدة الأميركية تنفس عن غضبها وتعبر عن فشل دورها في المنطقة وذلك بوضع جبهة النصرة على لائحة الإرهاب جزاءً لها على معونة هذا الشعب المكلوم كما قال.
وبحسب الجولاني فإن القرار الأميركي يلاقي غضباً شعبياً واسعاً في الأوساط الاسلامية وانهالت ضده بيانات الشجب والاستنكار من أكثر من مائة مؤسسة ومنظمة وجماعة، ورحب الجولاني بتسمية إحدى الجمع “لا إرهاب إلا إرهاب الأسد” واعتبر أن هذه التسمية هي أبلغ رد من الشعب السوري المسلم على القرار الأميركي بحسب قوله.
وخاطب الجولاني أبناءه من جبهة النصرة قائلاً أن المعارك التي يخوضونها هي مفاصل أساسية في تاريخ الأمة الاسلامية حسب قوله، واستشهد ببيت من الشعر: ((إن الخلافة سنة كونية *** كن أنت جندياً لها بتفاني)).
وقال أن مرحلة انهيار السلطة تترك فراغاً خير من يتركه جبهة النصرة، وشدد على موضوع العلاقة مع الكتائب المسلحة الأخرى وقال أن هذا الأمر متروك البت فيه للقيادة العامة في الجبهة لكنه اعتبر أن حفظ الحقوق وحسن المعاملة وغض النظر عن الأخطاء هو أساس التعامل مع الجماعات الأخرى “ما لم يبدلوا”.
وختم بهذه الأبيات:
وسنرفع الرايات فوق شآمنا **** سقط النصيريُّ الحقير الشاني
قوموا ارفعوا رايات عز إنها **** بشرى النبي تسود في البلدان
عبدالله علي | عربي برس