بداية سيدي الرئيس وكم اشعر بالفخر وأنا هكذا اخاطبك لأنك اثبتّ أنّك كذلك في زمن عز فيه الرجال من خلال ما أثبتموه من مواقف وطنية وقومية في مواجهة أعداء الأمّة والعروبة، وكنتم ولا زلتم السند الصادق للمقاومة العربية في وجه الصهيونية.
سيدي الرئيس ما دفعني اليوم تحديدا للكتابة هو موقف مفرح مبكي حدث من أحد اطفالي والبالغ من العمر اربعة عشر ربيعا، حيث كنا نتداول في حديث عائلي وليس هناك افضل من الحديث عن أوضاع منطقتنا العربية وتحديدا سوريا فنحن في الغربة لا نجد أفضل من ذلك ومتابعة أخبار بلداننا العربية وما يجري عليها من مؤامرة صهيونية أمريكية قطرية، وقبل الاسترسال في الحديث عن الحوار الذي دار بيني وبين ولدي هذا ، يحضرني هنا موقف آخر من ولدي الآخر عام 1998 وعند وفاة الرئيس المغفور له وكان ولدي هذا آنذاك يبلغ من العمر 3 أعوام فقط لاغير، أذكر أنه بقي جالسا أمام جهاز التلفاز ويبكي امام شاشة القناة السورية وهي ترتل القرآن على روح المغفور له لمدة 3 ايام وأقسم انه عندما كانت والدته أو احدا من اخوته يريد تغيير القناة كان يزداد بكاءَ ويستعين بي ، وأقسم انني كنت اُخفي ابتسامتي عنه عندما يردد ان الرئيس قد مات ولا بد ان يظل القرآن لا غيره مفتوح ، تصور سيدي الرئيس طفل من غزة وفي غزة لا يتجاوز عمره الثلاثة اعوام يبكي الرئيس السوري المغفور له في اللحظة التي كانت غزة بمجملها وغالبية سكانها على موقف عداء مع المغفور له نتيجة التحريض الاعلامي الهادف .
أيها الأسد الباسل / اوجه لك ما قاله ابني في الحوار حرفيا دون زيادة أو نقصان، وأيضاً دون توجيه مني أو من احد ، وكنا قد تطرقنا في الحديث لحجم المؤامرة المحاكة ضد سوريا وما الهدف منها ومبغى وصول أعداء الأمة لما بعد سوريا.
قال ولدي: نحن نرى كيف تجند امريكا العرب والمسلمين للقتال ضد سوريا باسم الدين ، فلماذا لا نقوم نحن بتجنيد الناس وايضاً باسم الدين للقتال مع سوريا ضد أمريكا واذنابها؟
ولماذا لا يقوم الرئيس السوري بالسماح وتجنيد المتطوعين من الثوريين العرب والمسلمين للقتال الى جانب الجيش العربي السوري؟ ولماذا نحسب حساب الرأي العالمي التابع لأمريكا في اللحظة التي هم انفسهم ينتهكون ذلك؟
سيدي الرئيس لا اخفيك سراً لقد نزلت اسئلة ولدي هذا على راسي كالرصاص المنصب لضرب البنية التحتية للدولة السورية لكنه هذه المرة رصاص مغاير أي بناءً لا هداماً، ولبرهة صمتُّ كي أُلملم نفسي حتى استطيع ان اجيبه جواباً يقنعه ولا يهز قناعاته ، وكم غمرتني الفرحة وأنا استمع اليه بقدر الخوف الذي ملأ صدري أن لا تكون إجابتي شافية كافية، سقت له المبررات مبتداً بانه لا يجوز ان ننجر وراءهم فنحن نقاتل باخلاق ، ولا يمكن ان ننجر معهم في ذبح العرب والمسلمين فهذا هو هدفهم الاول، واننا لو فعلنا ذلك سنزيد من حجم العداء ، وما الى آخر ذلك من مبررات. وبذلت جهدي كي أقنعه بنظرية أخلاق الحرب والتي يفتقر لها اعداء سوريا .
لكن ولدي وبكل جراة قد يعتبرها المأزومين أعداء الفكر الحر وقاحة قاطع مبرراتي معترضاً ورافضاً : بابا ما هذا الضعف والتناقض؟ أرجوك لا تسوق مبررات من البداية رفضتها ، ورد علي بما يقنعني، احترت معه واحترت في نفسي ، كيف لي أن اكون ضعيف الحجة أمام ابني؟.
وأنا هنا بدوري سيدي الرئيس أرمي بالحمل الثقيل الذي ألقاه ولدي على كاهلي على كواهلكم فانتم أهل لها .
وهنا قد يعتبرني البعض مجنونا وقد يعتبرني البعض الاخر واهما وقصير النظر، وقد يتهمني البعض بالسطحية، ولكني اقولها بصراحة وبكل وضوح : إنني مؤيد لما قاله ولدي وبكل حرف، وإنني معه قلباً وقالباً. وهنا أنا من يتسائل لماذا فعلاً لا نفتح باب التطوع للمقاومة للاشتراك في الدفاع عن سوريا وعن مقاومتنا ،
ولماذا ننتظر حتى يتأزم الوضع في سوريا أكثر حتى نتدخل؟ ، ولماذا تنتظر اطراف المقاومة حتى اللحظة الأخيرة حين تصبح سوريا مأزومة حتى تتدخل لصالح سوريا؟.
أعتقد ان القناعة التي تولدت لدي بعد حديثي مع ولدي غير التي كانت ، وعليه اعتقد انه حريٌّ بنا أن لا ننتظر وأن يساهم كل منا بدوره باعادة تلك الجرذان والتي هاجمت وتهاجم سوريا لجحورها ، ولتكن تساؤلات ولدي صرخة لكل أنصار العروبة والمقاومة ، يكفينا وقوفاً على الحياد ، وبما أن اعداء الأمة يجاهرون في تحالفهم معاً لضرب معقل من معاقل المقاومة فلنتحد معا وننحاز الى جانب سوريا في حربها الضروس ، ولنجند انفسنا وأبنائنا مع الأخوة السوريين ونقاتلهم كما يقاتلوننا فلا يفل الحديد إلّأ الحديد.
سيدي الرئيس المقاوم / أتمنى أن أكون قد وفقت في توصيل ما يجول في رأس طفل عربي صغير، وكيف ينظر لكم ولسوريا.
ودمت كعهدنا بكم عدواً للصهيونية والامبريالية والرجعية العربية
الدكتور طه ستيتان