يبدو أن الأزمة السورية غيّرت بالنسبه لمن كان يتخذ من سورية قلعة حصينة تحميه من غدر الموساد وأدواته العربية مفهوم الحق والباطل، فهل بات الباطل في سورية بنظر هؤلاء هو قتالها لمجموعات المرتزقة التي تمولهم الولايات المتخدة الاميركية ويحظون بدعم دولي – عربي لا مثيل له، سوى ذلك الذي تحظى به اسرائيل فهل من الصدفة ان تعمل اميركا ليل نهار على محاربة الرئيس بشار الأسد ونظامه؟ وألا يعتبر ذلك عدوانا خارجيا على سورية يستدعي التصدي له ومواجهته ؟
كان لافتا ان يقر نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق بأن نظام الرئيس بشار الأسد ” دعمهم ولم يبخل عليهم بشيء، وهذه حقيقة لا يمكن أن ننكرها”، لكنه أكد أن “دعم النظام السوري للفلسطينيين في حقهم، لن يدفعهم لدعمه في باطله، لأنه لا يمكن دعمه في مواجهة شعبه”، مشيرا إلى أنه “لو كانت القضية قضية عدوان خارجي أو ظلم يقع على سوريا لكنا أول المدافعين عنها” فألا يعتبر إرسال الاف العناصر الجهادية من شتى أصقاع الأرض الى سوريا وتسليحهم لهدم أسس الدولة السورية ومقوماتها، وارتكاب المجازر بحق السوريين عدوانا خارجيا يستدعي من القوات السورية النظامية والشعب السوري ان يتصدى لها ويمنع تغلغلها، والحؤول دون تنفيذ مشروع “الامارات المتطرفة” في المحافظات السورية والعودة بسورية الحضارة آلاف الأعوام الى الوراء؟
كما لا بد من سؤال ابو مرزوق وغيره من قيادات حماس هل باتت حق الفلسطينيين في أرضهم باطلاً؟ قد تبدو الاجابة على هذا السؤال بديهية وهي النفي، لكن مناسبة السؤال ان دمشق لم تغير موقفها الداعم للحق الفلسطيني بأرضة وترابه ووطنه، ودمشق لم تفاوض حتى الآن مع الاسرائيلي بل مستمرة في دعم خيار المقاومة، بينما حماس هي من انتقلت الى ضفة “الاعتدال العربي” الذي أتاح دخول خالد مشعل الى غزة والقاء عظته، بينما مُنع امين عام حركة الجهاد الاسلامي رمضان عبدالله شلح من دخولها بمجرد انه في المحور السوري – الايراني، وانتقال حماس الى الحضن القطري الاخواني انتج هدنة في غزة بعد المساعي التي بذلها محمد مرسي مع القيادة الاسرائيلية.
وبالعوده الى كلام أبو مرزوق الذي أكد أن الدعم الذي كان يقوم به النظام السوري للمقاومة الفلسطينية مطلوب من كل الأنظمة والشعوب، تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، لأنها قضية شعب واقع تحت الاحتلال، فهو دعم حق ويجب على الجميع السير فيه”، فهنا لا بد من سؤاله عن شحنات الأسلحة والصواريخ التي باتت تنهمر على حماس من الدول العربية المعتدلة لاستخدامها في وجه العدو الصهيوني، مع العلم ان زيارة امير قطر الى قطاع غزة كانت عبارة عن “ساعات واقلام وسيارات” تدور حولها الشبهات بأنها سهلت اغتياال أحمد الجعبري! أم ان التسوية التي أنتجت بمساع من حمد بن جاسم ومحمد مرسي كفيلة بعدم تعريض الكيان الصهيوني لأي طلقة من غزة، وبالتالي لا حاجة لحماس لا للصواريخ ولا للتسلح والاختباء بعد اليوم؟
اما عن كلام ابو مرزوق حول اقحام المخيمات بالصراع في سوريا فسؤال اخر اليه هل الجيش السوري من قام باقتحام المخيم ومن الذي هجر الفلسطينيين القاطنين واتخذ منه مقرا عسكريا لعملياته، وهل الجيش السوري من قام بقصف المخيم بقذائف الهاون ليغطي خسائره في داريا؟
واذ اعتبر أبو مرزوق أن حالة الشعب الفلسطيني والشعب السوري هي حالة واحدة، فهنا لا بد من معرفة موقفه وحركته من المجموعات المسلحة في سوريا، لا سيما تلك المتطرفة فهل هو يعتبرها بأنها ثمثل الحق في وجه الباطل الذي يتكلم عنه؟ وهل دفاع الجيش السوري عن السوريين والفلسطينيين من المجموعات المسلحة التي أتت الى سوريا لتعيث بها قتلا وذبحا ونهبا بات باطلاً؟
يوسف الصايغ | عربي برس