أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المكلفة من قبل الأمم المتحدة بالتحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان والمجازر وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سورية، تقريرا مفصلا عن الأحداث القائمة في الفترة ما بين 28 سبتمبر/ايلول الماضي ولغاية 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، والذي أكد ان سورية تشهد حربا طائفية بامتياز.
واكد تقرير اللجنة الذي يقودها الخبير البرازيلي باولو بينيرو الذي صدر يوم 20 ديسمبر/كانون الأول أن الصراع السوري وبعد عامين أصبح صراعا طائفيا بامتياز وان الأقليات المسيحية والدرزية والتركمانية والكردية وكذلك اللاجئين الفلسطينيين في البلاد قد تم جرهم إلى الصراع.
وأشارت اللجنة إلى أن الأقليات السورية قد شكلت لجانا شعبية مسلحة للدفاع عن مناطقها خوفا من التعرض لهجمات المعارضة المسلحة من الطائفة السنية وأن عددا من تلك اللجان الشعبية في مناطق مثل دمشق وغيرها قد شاركت في القتال إلى جانب القوات الحكومية بعد أن قامت الحكومة السورية بتزويدها بالسلاح والزي العسكري.
ولفت التقرير الى ان التحقيقات أكدت دخول مجموعات من العراقيين الشيعة سورية للقتال، محذرا من تحول الصراع في سورية إلى درجة ترغم مجتمعات بأكملها للخروج من البلد أو التعرض للقتل داخل البلاد بما يعنى أنها تواجه تهديدا وجوديا، مشددا على ضرورة اللجوء إلى التفاوض والتوصل إلى تسوية سياسة الأمر الأكثر إلحاحا من أي وقت مضى .
وأضاف التقرير أن العنف الذي لايهدأ في سورية قد أسفر عن وقوع الآلاف من القتلى والجرحى والمعتقلين والمختفين وكذلك أحدث دمارا هائلا وفي الوقت الذي فر الآلاف من منازلهم هربا من جحيم العنف المتصاعد فان من بقوا يواجهون يوميا تحدي تأمين الاحتياجات الأساسية.
وأكد التقرير أن أنماط انتهاكات حقوق الإنسان كما تحددها المواثيق الدولية والقانون الدولى الانساني مازالت مستمرة دون هوادة خاصة في ظل انتشار الكيانات المسلحة سواء المؤيدة للحكومة أو تلك المناهضة لها . من ناحية أخرى نوه التقرير إلى أن مستوى العنف في البلاد يختلف من منطقة إلى أخرى استنادا إلى عدة عوامل منها الأهمية الإستراتيجية لمنطقة معينة أو طبيعة انتشار القوات الحكومية إضافة إلى التركيبة الطائفية للسكان المحليين وتنظيم الجماعات المسلحة وإمكانيات الحصول على الدعم اللوجستي.
وذكر التقرير أن مستوى العنف قد زاد بشكل درامي داخل وحول المدن الكبرى وبخاصة دمشق وحلب حيث تقدمت المجموعات المسلحة إلى إحياء قريبة من مراكز تلك المدن، مشيرة الى انه مع زيادة حدة التوتر في مختلف المناطق السورية فان ذلك قد أدى إلى اشتباكات مسلحة بين جماعات مسلحة مختلفة على طول خطوط الانقسام الطائفي خاصة حين تحاول المجموعات المسلحة السيطرة على مناطق تسكنها أغلبية من الأقليات الموالية للحكومة ولاسيما من العلويين والمسيحيين.
واشار التقرير الى ان المجموعات المسلحة تمكنت فى الشهرين الأخيرين من الوصول إلى مناطق إستراتيجية هامة، حيث أصبحت قادرة على أن تمثل تحديا حقيقيا للقوات الحكومية فى مناطق تضم مراكز البنية التحتية الحساسة مثل حقول النفط والطرق السريعة الرئيسية والمطارات ومعسكرات الجيش.
وقال التقرير أن معظم المقاتلين الأجانب الذين يتوافدون إلى سورية للانضمام إلى المجموعات المسلحة المعارضة للحكومة هم من السنة القادمين من بلدان الخليج، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبما يزيد من حدة طائفية الصراع ويدفع جهات فاعلة أخرى إلى الدخول فيه، مضيفا أن أعضاء فى حزب الله يقاتلون أيضا إلى جانب الحكومة السورية.
وأكد التقرير ان اللجنة مستمرة في التحقيق بشأن المزاعم التى تشير إلى قيام القوات النظامية بقتل المسلحين وغير المسلحين بدون وجه حق لمجرد الاشتباه في معارضتهم للحكومة، إضافة إلى استمرارها أيضا في تحقيقاتها حول اعتقال وتعذيب الأشخاص حتى الموت من قبل بعض أعضاء المجموعات المسلحة.
وأكدت اللجنة من جانب أخر أن القنابل البرميلية التي تقوم القوات الحكومية بقصفها وكذلك الهجمات الصاروخية والقصف المدفعي قد زادت بشكل كبير، حيث سجلت اللجنة عددا كبيرا من الحوادث فى عدة محافظات سقط فيها ضحايا مدنيين. وقالت اللجنة إن كافة الأدلة فى هذا الخصوص تشير إلى أن القوات الحكومية لم تقم باتخاذ الاحتياطات الكافية لتجنب الخسائر فى أرواح المدنيين.
كما ذكرت اللجنة أيضا أنها تقوم بجمع الأدلة فيما يتعلق بقيام بعض جماعات المعارضة المسلحة بعمليات إعدام حيث تم جمع الأسرى من الجنود الحكوميين وإطلاق النار عليهم.
سيريان تلغراف | وكالات