Site icon سيريان تلغراف

مثال حقيقي عن كيفية صرف موظف لراتبه الشهري على أسرته المكونة من أربعة أشخاص

ليس غريباً أن تجد حلاً لمعادلة رياضية متوازنة الجوانب لتكون النتيجة صحيحة ودقيقة، ولكن الغريب أن تجد معادلة غير منضبطة لتكون النتيجة غير متوقعة.

 فالمثل الشعبي القائل 1 + 1= 2 هو معادلة ليست بغريبة أو معقدة، وإجابتها واضحة وجلية، أما المعادلة التي تقول: 15 / 30 = – ؟ فهذه معادلة غير معروفة وغير دقيقة الإجابة.

الموظف الذي راتبه 15 ألف ل.س، سيحسب كثيراً، لأن اليوم لديه يقف ب500 ل.س، ومبلغ 500 ل.س هذا سيُقسّم على عدد أفراد الأسرة، وبالطبع وفق احتياجاتهم اليومية.

نحن لن نختار سوى أسرة مكونة من أربعة أشخاص فقط، أي أنها أسرة مكونة من الموظف نفسه وزوجته غير الموظفة وولديهما، أحدهما رضيع والآخر في الصف الأول.

 وبحسب صحيفة “النور” المحلية فإن هذا النمط من الأسر كثير في وقتنا الحالي، وهو الأكثر نسبة.

 ولنبدأ منذ أن يقبض الموظف راتبه وهو بداية الشهر، وقبل أن نبدأ نود الإشارة إلى أن النموذج الذي نأخذه هو واقعي وليس من الخيال، أي أن الأسرة التي نشير إليها وطريقة صرفها واقعية وحصلنا على تفاصيلها

الزوج بعد أن يقبض راتبه سيبدأ بتلبية احتياجات منزله من المواد الغذائية الأساسية وغيرها والمتمثلة بـ: “الخبز الزيت بنوعَيْه الرز السكر السمون الفروج اللحوم الغاز المازوت الحليب الفوط المواصلات الاتصالات فواتير الكهرباء والمياه والهاتف الشاي القهوة الألبان الزيتون البطاطا البندورة التفاح الكرمنتينا البيض المنظفات الأدوية الطبيب ليمون حامض ثوم بصل فول وبعض الخضراوات الأخرى الخاصة لإعداد الوجبات “الطبخ”.

وفي حال قمنا بجمع أسعار هذه المواد، فإن الخبز سيكلفه شهرياً بشكل وسطي 450 ل.س في حال اشترى في كل يوم ربطة خبز بسعرها النظامي وبالطبع أسعارها الآن اختلفت في السوق السوداء وبلغت 300 ل.س في حلب، و75 ل.س في ريف دمشق، أما الزيوت ففي حال استخدم الزيت النباتي من النوع الوسط، فإن سعر اللترين يصل إلى 350 ل.س أما زيت الزيتون فيصل إلى 200 ل.س.

 السمنة وسطياً يحتاج إلى كيلو وسعره وسطياً 150 ل.س من النوع الوسط.

 الرز لن يحتاج فإنه يستخدم الرز التمويني وكذلك السكر في حال وجد في صالات “المؤسسة العامة الاستهلاكية”، أي لن نحسب هاتين المادتين.

 الفروج سعره وسطياً 450 ل.س وليأكل مرة واحدة فقط في الشهر. اللحوم ستكلفه 450 ل.س للحم العجل، أي أنه لم يستهلك كيلو بل أقل، إضافة إلى كيلو من السمك وسعره وسطياً 300 ل.س.

 أما الغاز فهو يحتاج وسيطاً إلى أسطوانة شهرياً بسعر 450 ل.س، ولم نقل إنه يأتي بها من تجار الأزمات فيصل سعرها إلى 1200 ل.س وأكثر.

 المازوت يحتاج إلى 1825 ل.س شهرياً في حال عبأ “طاسة” المازوت سعة 5 لترات كل يومين، وبالطبع لم نحسب “الطاسة” الخاصة بالاستحمام، وبالطبع هذا بالنسبة لسعر المازوت النظامي، أما سعره لدى تجار الأزمات فهو 45 و60 ل.س للتر الواحد.

أما من الحليب فهو يحتاج إلى أربعة أكياس حليب، سعر كل واحد منها 500 ل.س، أي 2000 ل.س شهرياً.

 أما فوط الأطفال فهو يحتاج وسطياً إلى 1000 ل.س شهرياً، الاتصالات يحتاج وسطياً إلى 1000 ل.س، أما المواصلات فهو يحتاج إلى 3000 آلاف ل.س في حال كان يسكن في ريف دمشق. فواتير الكهرباء يحتاج وسطياً إلى 400 ل.س مقسمة على شهرين، أي 200 ل.س شهرياً.

 أما الشاي فهو يحتاج إلى 150 ل.س شهرياً، والقهوة بحدود 200 ل.س شهرياً، والألبان بحدود كيلو ونصف وسعره لا يقل عن 180 ل.س.

 أما الزيتون فهو يحتاج إلى كيلو وسطياً وسعره 150 ل.س، والتفاح يحتاج إلى 5 كيلوات وسعرها 200 ل.س، و5 كيلوات كرمنتينا وسعرها 150 ل.س، أما البيض فإن سعر الصحن الواحد ارتفع ليصبح ب 315 ل.س فهو يحتاج إلى 1260 ل.س شهرياً، لأنه يستخدم صحناً كل أسبوع أي أربعة صحون بيض في الشهر، المنظفات يحتاج منها إلى 1000 ل.س سورية شهرياً، أما الأدوية والطبيب فإنه يحتاج وسطياً إلى 1000 ل.س أيضاً، ويحتاج إلى كيلو ليمون حامض وسعره 35 ل.س، ويحتاج إلى ثوم وسعره 50 ل.س، ويحتاج إلى كيلو وبضع غرامات من البصل وسعره 50 ل.س، ويحتاج إلى كيلو فول مدمس وسعره 90 ل.س، ويحتاج أيضاً إلى بعض مواد الطبخ من الخضروات مثل اللوبياء والزهرة والباذنجان وغيرها بحدود 2000 ل.س شهرياً على أقل تقدير.

إذاً المواد السابقة لا يمكن لأي أسرة أن تستغني عنها ولا تحتوي على أي مادة من مواد الرفاهية، فلم يشتر الموظف الموز أو المكسرات، كما أننا أغفلنا بعض الأمور مثل السكر والرز، لأن هاتين المادتين مقننتان، ولا تكلفان صاحب الأسرة كثيراً، وإن كان يحتاج إلى كيلو أو أكثر من السكر شهرياً، وفي حال أراد الشراء فإنه سعره بلغ في السوق المحلية 80 ل.س.

 كما أننا لم نذكر بعض المواد الغذائية الأخرى مثل الزعتر والجبنة والعدس والبرغل.

 كما أننا لم نذكر الألبسة والأحذية وحالات الطوارئ ولم نذكر أي جانب لطفليه، سواء الألعاب أو التنزه، ولم نذكر التدخين، فهناك الكثير من الأسر تعتبر مدخنة، ولم نذكر أنه اشترى بعض المشروبات مثل العصائر أو المياه الغازية، أو أنه اشتهى أن يأكل فروجاً مشوياً أو بروستداً، كما لم نذكر موسم المونة والأعياد والمدارس وغيرها والتي تحتاج إلى رواتب مضاعفة لراتبه الحالي.

إذاً يوجد الكثير من الجوانب لم نأت على ذكرها، واكتفينا بذكر الأساسيات فقط، أي السلع المدورة التي تستخدم شهرياً.

وهنا في حال جمعنا الأرقام السابقة فإن مجموعها هو 19040 ل.س، أي أن مجموع المواد السابقة يفوق راتبه بـ 4040 ل.س، وهنا لا بد للموظف أن يتقشف أكثر من التقشف المذكور ليستغني عن إحدى السلع الأساسية لكي يكفيه راتبه ويخرج بنهاية الشهر كما يقال “رأس برأس”.

لذا فهو سيقوم بالاستغناء عن اللحوم الحمراء “العجل” والاكتفاء بالدجاج والسمك، كما أنه سيخفض كمية الفواكه، ومصروف اتصالاته، أي بمعنى يحتاج إلى معادلة رياضية ربما يعجز جهابذة المخططين الاقتصاديين عن حلها.

وهنا نصل إلى نتيجة مفادها أن وسطي الراتب الحالي لهذا الموظف لا يكفيه أن يعيش عيشة كريمة، لأنه في حال أراد أن يشتري أي سلعة زائدة عن السلع المذكورة أعلاه فإنه سيضطر إلى الدّين، وهنا لا بد من تأكيد رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع العام والخاص، وردم الهوة الكبيرة بين الأسعار والأجور.

وكانت “وزارة التجارة الداخلية” قد تقدمت في أيلول الماضي باقتراح إلى الحكومة، يتضمن زيادة الرواتب والأجور للعاملين في القطاعين العام والخاص، ومستحقي الإعانات الاجتماعية، على أن تكون هذه الزيادة على شكل نسبة مئوية متحركة وفق مؤشر غلاء المعيشة حسب واقع تطور الأسعار زيادة أو نقصاناً.

وبالطبع فإن تنفيذ هذا الاقتراح بات ضرورياً، وخاصة مع ضعف القدرة الشرائية للمواطن واشتداد حرارة الأسعار، وخاصة أن شعار التجار حالياً بات “ارتفاع الدولار” حتى طال هذا الارتفاع البقدونس والبطاطا والبندورة والخيار، وبالطبع عدم المواءمة بين الأسعار والأجور، فإن ذلك من شأنه أن يقلل الطلب على المواد، وبالتالي انخفاض الإنتاج وحدوث التضخم، وهذا ما يحدث حالياً في أسواقنا المحلية.

لذا لا يوجد سوى حلين أمام المسؤولين والمخططين الاقتصاديين وهما: إما رفع الحد الأدنى للأجور، وإما خفض الأسعار بما يتلاءم والأجور.

سيريان تلغراف | الاقتصادي

Exit mobile version