من حق مناصري تيار المستقبل في لبنان، والمهجر الإفتخار بنهج تيارهم السياسي، والإنساني، والإغاثي، من حقهم رفع شعار “إرفع رأسك فأنت مستقبلي” فقيادة التيار السياسية مارست لعبة الدهاء على العالم اجمع بخطوة قل نظيرها أربكت معها حساباته، وجعلته يدخل في آتون الظلمات، والفضل كل الفضل في ذلك يعود إلى نواب عملوا على تحييد أنظار سكان الكرة الأرضية عما يخططون له نصرة للثوار السوريين.
إتهامات كثيرة تلقاها المستقبلييون حول دورهم في تسليح المجموعات العسكرية للمعارضة السورية، ولكنهم وضعوا تلك الإتهامات في خانة شيء ما يقوم النظام السوري بالتحضير له، لتدور الأيام، وتكشف أن المستقبليين مقاتلين، وقيادة، فضلوا إقامة مبارياتهم المزعومة بمواجهة النظام السوري على ارض الأخير، وبين جماهيره، لأن النتائج السابقة تشير إلى ان التيار الأزرق يقدم اداءاً افضل عندما ينزل ضيفا عند الفرق المنافسة، بينما يصيبه الخمول عندما يستضيف المنافسين، ولقاءات السابع من ايار اصدق مثال على ذلك.
رحلة الشماليين الجهاديين إلى سورية لم يكتب لها النجاح بعد وقوعها في الفخ السوري، ولأن المستقبل يعاني تخبطا على مستوى القيادة خرج النائب السابق مصطفى علوش لينفي ان يكون من بين القتلى من يوالي تيار الرئيس الراحل رفيق الحريري، ولكن على بعد امتار قليلة من مكان إقامة علوش أعلن عضو كتلة “المستقبل” النائب معين المرعبي إعتزازه، وإفتخاره بـ”الشهداء” الذين سقطوا مؤخرا في سورية، مشيراً إلى أنه سيعمل على إستعادة المفقودين منهم دون ان يوضح طريقة إستعادتهم إن كانت بتنفيذ عمليات خطف متبوعة بدخول وسيط دولي على خط التفاوض، أو بترك موضوع إستعادة رفاتهم على عاتق حكومة النأي بالنفس، والتي ينظم النائب المرعبي إعتصاما مفتوحا امام منزل رئيسها في طرابلس.
المرعبي الذي هدد يوما مضى بالإستقالة من المجلس النيابي، ووضع نصب عينيه إستهداف الجيش اللبناني، وقائده فجر قنبلة أخرى عندما أقدم على إفشاء السر الذي لطالما إحتفظ به سعد الحريري لنفسه، النائب العكاري أعلن بوضوح أن قتلى تلكلخ من اللبنانيين كانوا في مهمة انسانية تمثلت بإقدامهم على مساندة إخوانهم في سورية.
النائب العكاري الآخر خالد ضاهر لم يترك مناسبة سقوط قتلى لبنانيين في سورية تمر مرور الكرام، معلنا أن من سقط منهم “دفعته حماسته وغيرته للدخول الى سورية بهدف مساندة الشعب السوري، خصوصا بعد ان تأكد لهم، ان “حزب الله”، ومن وصفهم النائب وليد جنبلاط بـ”شبيحة الجبل”يحاربون في سورية، ولكن ضاهر الذي إتهم مراسلة إحدى القنوات التلفزيونية بالتضليل نتيجة إعلانها ان الجيش السوري اصبح قاب قوسين أو أدنى من دخول حي بابا عمرو، نسي أن جنبلاط أطلق هذا الكلام منذ عدة أشهر فهل تأخر الجهاديين في دخول سورية يعود إلى كون جهاز الإستخبارات الذي يأتمر بأمرتهم، ويعمل وفق أجندتهم كرمى لعيون ضاهر لم يتسنى له التأكد من كلام جنبلاط فوراً، أم أن دفعة المقاتلين هذه ليست الأولى بل سبقها إلى ساحات الوغى دفعات سابقة.
أحمد فتفت بطل موقعة مرجعيون كان له رأي آخر، فهو لفت إلى “أنه يلقي اللوم على من أرسل هذه المجموعة سيما وانهم غير مدربين، نحن لا نريد التدخل في الشأن السوري، ولكن لا يجوز التنصل من المسؤولية في كل مرة”، فهل يا ترى لو أن هذه المجموعة مدربة جيدا كان يحق لها ان تدخل سورية لتقاتل هناك، وساعتها سيفاخر فتفت بدعمها، ولن يجري التنصل منها.
بعد كل ما حدث، سيتوقف العالم عند حدث وحيد، وهو نجاح رئيس تيار المستقبل رفيق الحريري، ونوابه في إستخدام عبارة مساعدات إنسانية لأغراض أخرى، فالرجل نجح في تحييد الأنظار عما قدمه من سلاح، ورجال (حرم عوائلهم من رؤيتهم مجدداً) تحت بند المساعدات الإنسانية العاجلة إلى الشعب السوري الشقيق.
جواد الصايغ
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)