استأنف مجلس الشعب في جلسته التي عقدها اليوم برئاسة محمد جهاد اللحام رئيس المجلس اعماله بالاستماع لاجوبة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور قدري جميل حول موضوع غلاء أسعار السلع والمواد الأساسية في السوق المحلية وعدم وجود آليات مراقبة تضبط هذا الارتفاع.
وأكد الأعضاء أهمية اعادة النظر بالقوانين المصرفية وتسيير دوريات من قبل وزارة التجارة الداخلية على الاسواق مدعومة بقوات الأمن الداخلي وتوسيع التشاركية في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية وصياغة قوانين جديدة تمكن الوزارات من التغلب على المشكلات اليومية التي تعترض سير عملها وتتكيف مع العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على الشعب السوري وصياغة سياسات اقتصادية تتناسب وطبيعة المجتمع السوري وذوي الدخل المحدود.
ودعا بعض الأعضاء إلى محاسبة الذين يتلاعبون بلقمة عيش المواطنين ووضع حلول كفيلة بالحد من ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية ودعوة حاكم مصرف سورية المركزي إلى مجلس الشعب للاستماع إلى الإجراءات التي اتخذها المصرف لحماية الليرة السورية مع التأكيد على عودة الدولة إلى دورها التدخلي في المفاصل الأساسية كافة وحل مشكلة تأخر صرف الرواتب والأجور في بعض المناطق.
وتساءل الأعضاء عن مدى تمسك الحكومة بالبيان الوزاري الذي أعلنته وما تحقق من بنوده والعمل على اعادة الثقة بين المواطنين والحكومة وتفعيل عمل مديرية حماية المستهلك وحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي التي أثرت بدورها على نقص بعض السلع والمواد الغذائية وفرض عقوبات صارمة بحق كل من يثبت تورطه في ارتفاع الأسعار واحتكار المواد في بعض المناطق.
وطالبوا بالعودة الى الاستيراد عن طريق المؤسسة العامة للتجارة الخارجية مع السماح لتجار القطاع الخاص بالاستيراد على نفقتهم الخاصة ودون أي تمويل من قبل الدولة والعمل على وقف المضاربات الوهمية على القطع الأجنبي والتي تسببت بارتفاع سعر صرف الدولار وبالتالي ارتفاع أسعار المواد والسلع الاساسية وايجاد حلول واقعية لظاهرة الاحتكار وتعديل القوانين بحيث يتم السماح لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتدخل في جميع المواد والسلع.
وبين الأعضاء أهمية تأمين مستلزمات الانتاج الزراعي كالمازوت والأسمدة والكهرباء وتعزيز مقومات صمود الشعب السوري وتمكين المزارعين من تنفيذ خطة انتاج القمح للعام القادم إضافة إلى مكافحة ظاهرة تهريب بعض المواد الأساسية وعلى رأسها مادة المازوت إلى الخارج وتشكيل وفد من أعضاء مجلس الشعب لزيارة الدول الصديقة لشكرها على تقديم الدعم للشعب السوري بأنواعه كافة وحثها على تقديم المزيد من المساعدات من أجل تعزيز صمود السوريين في مواجهة الهجمة الصهيوأمريكية والامبريالية التي يتعرض لها.
ودعا بعض الأعضاء الى تحويل مخصصات المناطق التي تتعرض لاعتداءات الإرهابيين من مواد الغاز والمازوت والبنزين إلى مناطق قريبة أكثر أمنا واستقرارا والاسراع بإصلاح خطوط السكك الحديدية المتوقفة عن العمل وايجاد لجان شعبية على طول هذه الخطوط لحمايتها من عبث الارهابيين وحماية الأملاك العامة ومحاسبة الفاسدين في قطاع النفط واتخاذ اجراءات رادعة بحق محتكري المشتقات النفطية وصولا إلى الحجز على محطات الوقود اذا لزم الأمر.
ولفت الأعضاء الى ما تعانيه محافظة حلب من ارتفاع للأسعار واحتكار بعض السلع والمواد الأساسية متسائلين عن امكانية استئجار طائرات شحن خاصة لنقل البضائع الى المناطق المتضررة أو تأمين حماية لقوافل الشحن داعين إلى محاسبة المسؤولين عن تعرض صوامع الحبوب والمرافق الحيوية والمنشآت الاقتصادية لأعمال النهب والتخريب وتشديد العقوبة على تجار الأزمة واعتبارها في مرتبة الخيانة العظمى وندب عدد من العاملين في الدولة للعمل بصفة مراقبي أسعار.
وطالبوا بايجاد الحلول الكفيلة بوضع حد للارتفاع في الأسعار في محافظة إدلب واتخاذ اجراءات قاسية بحق المتورطين فيها.
واعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية “ان الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سورية حاليا ليست وليدة اللحظة وأن الحكومة تعمل اليوم على حل القضايا المستعجلة التي وردت في البيان الحكومي وعلى رأسها مشكلة النقل والتحويلات المصرفية والاحتياطي الاستراتيجي من المواد والسلع” مشيرا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الوضع على أرض الواقع والتجاذبات السياسية الاقليمية والدولية التي أدت الى حدوث بعض الارباكات في تأمين بعض السلع والمواد الأساسية.
ودعا إلى “استخلاص العبر والدروس من السياسات الاقتصادية السابقة الخاطئة منعا لتكرار حدوثها في المستقبل واقتلاع الفساد من جذوره واتخاذ الاجراءات الكفيلة بعدم عودة هؤلاء الفاسدين للعمل في مفاصل الدولة” لافتا إلى أن وزارة العدل تعمل على اعداد عدد من المشاريع والقوانين سيكون لها أثر كبير في محاربة الفساد بما ينعكس ايجابا على الوطن والمواطن.
وقال “إن المواطن ليس مسؤولا عن الأزمة بل هو هدف موضوعي لها لذلك يجب عليه أن يكون أحد أدوات حلها والخروج منها” داعيا إلى الاعتماد على القوى الكفوءة في أجهزة الدولة والاستناد على بعض قوى المجتمع الأهلي المتضررة من استمرار الأزمة.
ورأى النائب الاقتصادي أن حل أزمة المحروقات يتم من خلال اعادة تشغيل المصافي والقضاء على الفساد في قطاع النفط واستيراد كميات اضافية من المحروقات لسد حاجة السوق المحلية داعيا إلى عدم التهويل واعتبار الازمة الاقتصادية غير قابلة للحل.
ولفت جميل الى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وجهت كتابا يقضي بنقل مادة القمح من المناطق الشرقية إلى المناطق الداخلية التي يوجد فيها عدد كاف من المطاحن كما “تسعى إلى تأمين شحنات اضافية من مادة الطحين من الدول الصديقة ريثما تعود بعض المطاحن المتوقفة إلى العمل” موضحا ان سورية في هذه المرحلة بحاجة الى اقتصاد مركزي قوي وانعطاف جذري في السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق المصالحة الوطنية لضمان الخروج من أزمتها الحالية.
واعتبر النائب الاقتصادي أن “الأزمة الاقتصادية الحالية هي أحد جوانب الأزمة الكلية التي ينعكس تأثيرها على مناحي الحياة الأخرى” داعيا إلى بذل الجهود من قبل جميع شرائح المجتمع والاسهام في تجاوز الأزمة الاقتصادية وتحقيق المصالحة الوطنية ووقف العنف بما يسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي بشكل شامل ويحقق العدالة الاجتماعية ويضمن عودة الاقتصاد السوري إلى وضعه السابق.
وأشار إلى ضرورة “أن يتوصل السوريون وحدهم الى توافقات سياسية كبرى تضمن خروج البلاد من الأزمة وذلك عبر الحوار الوطني الذي يضمن سيادة الدولة ووحدتها الوطنية والدور الضامن للجيش العربي السوري في حياة البلاد وبما يكفل منع التدخل الخارجي ووقف العنف ويحقق المصالحة الوطنية.
وأعاد مجلس الشعب مشروع القانون المتضمن تعديل بعض مواد قانون حماية المستهلك رقم 2 لعام 2008 الى الحكومة لإجراء المقتضى القانوني نظرا لكون وزارة الاقتصاد والتجارة المشار إليها في مشروع القانون ألغيت وتولت مهامها كل من وزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.
سيريان تلغراف