التحليل عمل شاق في منطقة كباش دولي , التعقيد يأتي في الخيارات التي مشوا فيها وطبيعة المناورات . حافة الهاوية خيار الجميع , لكن هل الجميع يقتنع بالوقوف عند هذا الحد؟
في عام 2006 حدث تخريب متعمد في المعادلة الأمنية الشرق أوسطية ,الوعي بدأ يتعامل مع مفردات تقود إلى فهم مختلف تماما , هناك من تدخل في المعطى العسكري فبتنا نتصرف ونقرر وفق قواعد جديدة هي” ما بعد حيفا” بدأ العدو على الفور يشتغل على ترميم الفعالية العسكرية والفكرية لإعادة الوعي الشعبي قبل المقاوم إلى تموضعه القديم , في هذه اللحظة كان العدو يعتقد انه يبلي حسنا قبل أن يفرض عليه قاعدة عمل أكثر صرامة و إذلالا : تل أبيب مقابل شارع في بيروت .. تل أبيب مقابل مزرعة دجاج في قطاع غزة . الإسرائيلي الخائف في المجارير يحاول الإجابة عن أسئلة وجودية لأول مرة , هل من الحكمة اتخاذ تدابير سلامة يوم القيامة ؟!! المقاومون يجيبون بحرفية وبلاغة بتفجير حافلة في أكثر شوارع تل أبيب صرامة امنيا حيث يتواجد مبنى وزارة الدفاع. في هذه الإجابة أعجبتني القراءة هنا ” اعتدنا أن تكون القنبلة استشهاديا لكن هذه المرة ليست كذلك , إنما عبوة وضعت بعناية في حافلة . يقولون بان لا “جريمة” كاملة يبدو انه بات لدى المحققين الصهاينة رأي آخر .
الكل يحترف اللعب وهنا يكمن التعقيد
أميركا تلعب ببيادق أعدائها وتضحي ببعضهم لتكسب نقلة !! من بإمكانه أن يستثمر في الخصم , هل حدث وامسك احد البالغين يدك عندما كنت طفلا واخذ يكيل بها اللكمات على وجهك والحائط؟! هذا المشهد كاريكاتوري وللأسف حدث معي ذات يوم , يبدو أن أميركا كانت تراقب مدربي في تلك اللحظة ! هذا بالضبط ما فعلته مع مستخدميها العلمانيين في تونس ومصر والآن ما تفعله مع مستخدميها الراديكاليين. في الوقت الذي ينهال فيه الجميع عليك بالضرب أنت تشاركهم هجومهم المدمر وتكيل الضربات القاضية لجسدك ! سيكتب التاريخ أن مستعمرا استطاع أن يدمر بلدانا ويحتلها دون أن يطلق رصاصة واحدة أو ينفق دولارا واحدا.
أميركا أيضا تحترف اللعب وأنا احترم الذكاء
إيران تضرب القاعدة في سوريا وتمدها بالسلاح في أفغانستان ,شيعة لبنان ممتنون لها وإخوان غزة يرفعون لافتات كبيرة بأربع لغات منها العبرية والفارسية ” شكرا إيران ” يتهمونها بنشر المذهب الشيعي ويطلبون منا نقل البندقية إلى الكتف الآخر , لن أناقش الاتهام وأقول : في زمن الاخوان حيث المرشد يحك أعضائه التناسلية أمام الكاميرا ويحتال باسم الدين يكفيني أن أجد شخصا مازال يحلم بالصلاة في القدس ولم يعد يهمني إن أسبل يديه في الصلاة أم حتى وضعها خلف ظهره . نحمد الله أن الدهاء الفارسي يؤمن بالقدس.
الوهابية كائن مشوه دموي يقوم على اللعب على الغرائز الطائفية والقبلية وتحويل الإنسان من حضارة كاملة إلى مكب للنفايات الغير قابلة للمعالجة , الوهابية فكر غير قابل للتعايش حتى مع نفسه حتى بت على يقين بأنك لو عزلت وهابيا في غرفة لن يمضي نصف النهار حتى تسمع صراخه وهو يكيل الشتائم لكل من حوله , احتالوا على الله من حيث لم يحتسب! وجعلوا من حورياته التي ” تورط ” بذكرها في كتابه محرضا وشريكا كاملا في مجازر لم يعاينها التاريخ في مكان آخر. ويتساءل الوهابيون ماذا كان ليفعل سيدنا إبراهيم لو لم يحضر الخروف في الوقت المناسب ؟إذا لنقدم الأضاحي للرب من أبناء أعدائنا! لم يتوقفوا هنا بل استثمروا في الضحية في حروبهم النفسية ضد أعدائهم وإعلاميا وحتى اقتصاديا.
أيضا يلعبون بحرفية
السعودي والقطري يتصرف بعقلية البدوي الحاقد الذي نسبة ذكائه لا تتجاوز نسبة الذكاء الموجودة في حذائي , لكن عندما تتوفر للحقد الإمكانية يصبح مدمرا.
العثمانيون الجدد كانوا يبحثون عن أي دور لهم في الشرق الأوسط ولا يهم إن كان وضيعا , الأميركي أقنعهم بسهولة بالإمبراطورية الأجيرة فلعبوا أيضا بقليل من الذكاء إنما بحقد كاف.
التنين الصيني يفضل أن يمضي بهدوء يومه في كهفه , بطبيعته صعب أن تقنعه بقتال أعداء يحشدون له بعيدا عن كهفه , فقط عندما يشعر بوجودهم في الجوار ينفث لهيب النار محذرا مرة ومرتين قبل أن يقرر الخروج وتدمير أعدائه.
أميركا ترتكب الأخطاء الكبيرة وأصبح وجودها واضحا في نزاع الصين البحري مع اليابان وقطع البحرية الأميركية التي تحشد الآن في بحر الصين ضمن إستراتيجية نقل الثقل الاستراتيجي إلى آسيا مفردات وضع الصيني تحتها خطين بالقلم الأحمر.
كل الدول تعمل وفقا للتناسب الطردي بين قيمة الجغرافيا وقيمة الدور إلا سوريا ,قيمة دورها يتناسب طردا مع المجهول (س ) فالتوقيع السوري تجده في السودان وقطاع غزة وفي لبنان والعراق ومجددا بدأنا نلاحظه بوضوح في تركيا وقبلا في الصومال وإيران وفي حادثة يجهلها الكثيرون في الثمانينات عندما فقدت معدات عسكرية أميركية حساسة من قاعدة في إحدى ولاياتها وضعت سوريا على لائحة المشتبه بهم.
يحد الأطلسي جنوبا «البوط» العسكري السوري
شاؤا أم أبو حذاء الجندي السوري يتداخل مع الجغرافيا .وضعت القواعد الصاروخية الإستراتيجية بالقرب من الحدود العراقية لكن وبدون مقدمات أصبح الأميركي على بعد خطوات منها , كان الوصول إليها يحتاج إلى قرار فقط.
في ظل انهيار كبير في جزء من المعادلة التي تحكم الأمن القومي السوري مالذي عطل القرار؟ وما هي الإمكانية التي اعتمد عليها الأسد عندما لم يكتف برفض املاءات كولن باول بل أمر بطرد الأخير من المطار بعد انتظاره ربع ساعة في أرضية المطار دون أن يأتي احد لاستقباله ؟كيف خرق الأسد قاعدة عمل البيت الأبيض “إما معنا أو ضدنا” ولم يصبه أذى ! في الثمانيات كانت السيارات المفخخة تجهز في العراق لتضرب في الشام والقوات السورية تخوض معارك عنيفة في الأردن ولبنان وتجد وقتا كافيا لتهدد البوارج الأميركية في المتوسط وتدعم الكردستاني في تركيا ولتدير جزء من الثورة في إيران وهنا أنوه إلى أن الدور السوري في الثورة الإيرانية لم يكن فقط التصفيق . كل هذا في الوقت الذي لم يكن الخالد حافظ الأسد ليأمن الوقوف على باب قصره حيث تعرض لمحاولة اغتيال أودت بحيات حارسه !! كيف بإمكاننا أن نفهم هذا التناقض الكبير وما الذي يجب أن نفهمه ؟ أي دولة أخرى بمقدورها أن تفعل هذا ؟ إسرائيل ” تشاجرت ” مع بضعة ألاف وكادت تنهار لولا تدخل الثنائي مرسي- اردوغان لإنقاذها . تحدث الإعلامي رفيق نصر الله عن لعنة تصيب خصوم سوريا ,هل تنقصنا الأمثلة لنتجاهل كلامه و نتجاهل الحديث القدسي”الشام كنانتي من أراد لها بسوء ضربته بسهم منها”.
اعترفت رايس في مقابلتها بان الأسد فكك كمين الشرق الأوسط الجديد وكان القرار الأميركي إما مشروعه الخاص في الشرق آو الفوضى الخلاقة. السوري بدل في عناصر الوسط المحيط وخررب بعضها ليصبح غير ملائم للحياة بالنسبة لإسرائيل , فمن تذخير المقاومة في لبنان وفلسطين إلى ضرب الوجود الأميركي في العراق ومحاولة سحب التركي إلى الحياد أقله, وأخيرا رصاصة الرحمة بإعلان مشروع ربط البحار الأربعة , هذا المشروع الذي لا يمكن حساب أرقام قيمه الإستراتيجية , تنويه: رأيي الشخصي كان من الأجدى التحضير للمشروع وتنفيذه على الأرض بسرية تامة لأن هذا المشروع يجعل السوري صانع كبير في القرار الأميركي وهذا مالا يمكن تحمله لا أمريكيا ولا أوربيا ولا حتى عربيا !
إحدى مظاهر الحلف الصيني الروسي الإيراني السوري هي إحياء طريق الحرير لكن ما هي الاعتبارات التي دفعت إلى حذف جزء الطريق المار في الأناضول مع أن مسلسل اردوغان في تلك الفترة كان يحظى على أعلى نسبة مشاهدة , هل نقبل بوجود ” محض الصدفة ” في سلوك الدول الكبرى ؟ أم وحدي من انطلت عليه تمثيلية اردوغان !ستحتجون, حسنا صديقي كلام جميل لكن الإرهاب وصل إلى ضواحي الشام ! دفاعي , وأنا أيضا أريد الوصول إلى إجابة كافية لكن اسمحوا لي أن أفكر بصوت عالي:
نسمع كثيرا في وسائل الإعلام المختلفة عن تدمير أكثر من نصف شبكة الدفاع الجوي السورية وأنا أصدق هذا , لكن السؤال الطبيعي الذي يفرض نفسه , إذا لما لم نرى إلى الآن خرقا واحدا لأجوائنا من قبل طائرات الناتو , خرقا ولو صغيرا يستعملوه في الإعلام ؟
نسمع عن سيطرة الإرهابيين على 70% من البلاد , إذا ما مبرر وجود كل قيادات المعارضة السياسية والعسكرية في تركيا وأوربا وغيرها؟
البعض اعترف بجزء من العصابة المأجورة ممثل وحيد للشعب لكن هل وجدنا حتى قطر وتركيا الأشد حقدا ووقاحة تنزلان العلم السوري وتسلمان مفاتيح سفاراتنا الفارغة إلا من بعض الموظفين لهم ؟
بالمنطق دولة دخلها القومي بعد قليل سيقارب الصفر و اقتصادها بكل مكوناته ضرب و تعرض للتو لتخريب كبير لن يكون بمقدورها أن تنفق على نفسها مع الجهد الحربي على مدى سنتين , والسؤال إلى هذا اليوم هل تأخرت الدولة في صرف رواتب موظفيها ؟ على النقيض وجدناها تصرف تعويضات كبيرة للمتضررين . يبررون بأنها تستنزف احتياطيها البالغ.
18 مليار دولار , هل سلوكها يوحي بذلك ؟ وهل لاحظتم على وليد المعلم انه فقد قدرته على تنويم نصف الحضور بعد أول عشر دقائق ! اعتقد من يعجز عن الوصول إلى رقم الاحتياطي للخصم ليس بوسعه أن يفعل شيئا مهما بالنسبة للأسرار العسكرية لهذا الخصم.
إذا كيف نفسر هذا المشهد؟ برأيي لا تحاولوا أن تجدوا فهما للقيادة فقط بل حاولوا أيضا أن تكتشفوا المجهول (س) . بالنسبة إلي , لقد عوضت مكانه بالقيمة المطلقة ” الله” وهذا يتوافق مع إشارة سيادة الرئيس ” سوريا الله حاميها “.
ويليام الاحمد | الخبر برس
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)