Site icon سيريان تلغراف

السفير : خفايا كمين تلكلخ .. مقتل 22 إسلاميا كانوا متوجهين للقتال إلى جانب الارهابيين في سورية

برز تطوّر أمني لافت للانتباه، زجّ بمدينة طرابلس والشمال، في أتون البركان السوري، وذلك مع إعلان مصدر امني عن مقتل 22 إسلاميا من أبناء الشمال معظمهم من طرابلس وضواحيها بينما كانوا متوجهين للقتال إلى جانب المعارضة السورية المسلحة، بينما بقي مصير البعض من المجموعة المؤلفة من ثلاثين شابا مجهولا حتى الآن.
وألقى هذا “الحدث” بوطأته على طرابلس، فأربك قياداتها السياسية والأمنية ومختلف «الكوادر الشعبية» في التبانة والقبة والمنكوبين، وفرض حالة طوارئ حقيقية في جبل محسن، وطرح أسئلة إزاء صدقية الكثير من المواقف التي أعلنت سابقا، وتنصل أصحابها من إرسال السلاح والمسلحين الى الأراضي السورية للقتال ضد النظام، لا بل كان هؤلاء يرددون دائما أن مشكلتهم مع «حزب الله» أنه يقاتل على الأراضي السورية ضد المعارضة، بينما هم يلتزمون شعار «النأي بالنفس» الذي ترفعه الحكومة الميقاتية!
واذا كان الانخراط اللبناني في الصراع السوري معروفا سياسيا وأمنيا وأحيانا بالصوت والصورة، قبل الواقعة ، فانه مع هذا التطور النوعي يكتسب بالدم المراق لباقة من الشباب المغرر بهم، بعدا سياسيا وأمنيا خطيرا، خاصة في ظل تقارير تملكها مراجع رئاسية وأمنية تتحدث عن انتقال مئات المقاتلين يوميا، ذهابا وإيابا، عبر الحدود الشمالية والشرقية، للقتال الى جانب المعارضة السورية.
ولعل التساؤلات الكبرى دارت منذ الإعلان عن مقتل الاسلاميين، حول الجهة المحرضة والراعية التي تولت نقل هؤلاء الشبان من طرابلس الى الحدود السورية، خصوصا أن صغيرهم لم يتمّ العشرين من عمره، واما كبيرهم فلم يتجاوز الخامسة والعشرين، والانكى ان بعض هؤلاء الشبان ذهبوا الى «المجزرة» من دون معرفة أهاليهم.
ووفق الرواية الأمنية الشمالية التي توافرت لـ«السفير» عن هذه الحادثة، فان نحو 30 شابا ينتمون الى تيارات اسلامية متشددة (لبعضهم أشقاء في تنظيم «فتح الاسلام»)، شوهدوا للمرة الأخيرة في طرابلس بعد أداء صلاة فجر أمس الجمعة، وذلك قبل أن يتوجهوا دفعة واحدة الى أحد المعابر غير الشرعية في عكار عند الحدود اللبنانية ـ السورية.
وتضيف الرواية أن المجموعة «تسللت من هناك مع آخرين من جنسيات غير لبنانية باتجاه بلدة تلكلخ، وأقامت في منزل يعود لأحد قيادات المعارضة السورية في البلدة، وذلك استعدادا للانتقال الى العمق السوري للمشاركة مع مجموعات أخرى في عمل عسكري مقرر مسبقا ضد مواقع الجيش السوري النظامي».
الا ان المفاجأة تجلت في ان القوات النظامية السورية قد سبقت وصولهم بنصب كمين في المكان نفسه، وقع فيه الاسلاميون الثلاثون، ما أدى الى مقتل 22منهم وأسر ثلاثة، فيما تمكن واحد منهم من الفرار، وقام بابلاغ بعض الاهالي في طرابلس بما حصل (ترددت ليلا معلومات أن عدد الناجين من الكمين قد يكون أكبر).
وما يلفت الانتباه في هذا الأمر، أن تلكلخ تعتبر من البلدات التي يسيطر عليها النظام بشكل شبه كامل وهي تمارس حياتها من دون أية خروق أمنية، وبالتالي كانت تجابه كل المحاولات السابقة للدخول اليها برد عنيف من الجيش السوري المنتشر على طول الحدود، وهذا يؤشر الى احتمالين:
الأول، افتقاد المجموعة الاسلامية المتشددة، الى المعلومات والدراية والخبرة الكافية حول طبيعة المنطقة لا سيما من الناحية العسكرية.
الثاني، ان يكون قد غرر بأفراد المجموعة ووقعوا ضحية عمل أمني مخابراتي أدى الى محاصرتهم وقتلهم دفعة واحدة (يجري الحديث عن فواتير وأموال قد تكون دفعت لبعض «العقول المدبرة» وليس للمغرر بهم).

وارخى هذا الحادث حالة من التوتر الشديد في طرابلس، ووضع الطرابلسيون أيديهم على قلوبهم خشية أن تشهد مدينتهم جولة جديدة من العنف في المناطق الساخنة التقليدية بين التبانة والقبة والمنكوبين وجبل محسن، على خلفية مقتل الشبان الاسلاميين في سوريا.
وتردد أن القتلى اللبنانيين الذين عرفت اسماؤهم حتى الآن هم: أحمد نبهان (السويقة)، محمد المير وعبد الله الزاهد (القبة)، حسان سرور وحسين سرور (شقيقان من التبانة)، عبد الرحمن الأيوبي ومحمد الرفاعي وقاسم العمري (أبي سمراء)، يوسف أبو عريضة، عبد الحكيم إبراهيم، بلال الغول وعلي الحاج ديب (المنكوبين في البداوي)، خضر علم الدين (المنية)، مالك الحجلي، عبد الحميد الآغا، عبد الرحمن الحسن، فراس كنج، مصطفى خير الدين وشخص لبناني من آل المرعبي لم تعرف كامل هويته، بالاضافة الى الشاب الفلسطيني محمد مسلم الحاج وهو من سكان التبانة.
ورافق التوتر تجمعات في شوارع عاصمة الشمال وظهور مسلح في بعض الأحياء الداخلية، وإطلاق نار كثيف ورمي عدد من القنابل في شارع سوريا، كما سجل نزوح بعض القاطنين على خطوط التماس.
ومواكبة لهذا الطارئ، عقدت سلسلة اجتماعات لعدد من «الكوادر الشعبية الاسلامية في التبانة» لمناقشة الحدث، الذي اعتبره أحد «الكوادر» بأنه «لن يمر مرور الكرام»، مؤكدا أنه سيكون له تداعيات على المستوى الأمني.
وفي موازاة ذلك، تسارعت الاتصالات السياسية والأمنية على أعلى المستويات لاحتواء التوتر، وترافق ذلك مع اتخاذ الجيش اللبناني تدابير استثنائية، بينها تسيير دوريات راجلة ومؤللة وأقامة حواجز ثابتة وقطع الطرق المؤدية الى جبل محسن، خصوصا في ظل المعلومات التي تحدثت عن إصرار بعض المجموعات المسلحة في طرابلس على فتح جولة عنف جديدة مع «الحزب العربي الديمقراطي» في جبل محسن الذي حضر إليه من حكر الضاهري في عكار أمين عام «الحزب العربي الديمقراطي» النائب السابق علي عيد لمتابعة الأمور على الأرض، خصوصا أن مسؤول العلاقات السياسية في الحزب رفعت عيد موجود حاليا في أميركا.
وأكدت مصادر الحزب أنها لن ترد على ما تتعرض له من إطلاق نار وقنابل، وأنها تترك معالجة الأمور لقيادة الجيش اللبناني.
وعقد ليل أمس اجتماع في منزل النائب محمد كبارة ضم قيادات سياسية وأمنية جرى خلاله البحث في التطورات الأمنية في المدينة، وأكد المجتمعون على دور الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية في ضبط أمن المدينة واستقرارها، والأخذ على يد كل من تسوّل له نفسه تعريض سلامة المواطنين للخطر.
وقال النائب كبارة لـ«السفير»: «إذا كان هؤلاء الشبان قد استشهدوا في سوريا، فهم مصدر فخر للمدينة، ولا يجوز أن يكون استشهادهم سببا لفلتان أمني لا يخدم سوى المتربصين شرا بطرابلس».


وقالت مصادر شمالية متابعة ان «تيار المستقبل» سيكون معنيا حتى مساء يوم غد الأحد بممارسة الضغط على «كوادر التبانة» من أجل ضبط النفس، بغية تمرير استحقاق مهرجان احياء ذكرى الأربعين للواء الشهيد وسام الحسن، بغية عدم تكرار تجربة التشييع في العاصمة، وما تلاها من محاولة لاقتحام السرايا الكبيرة.
وأبدت المصادر نفسها تخوفها الشديد من إمكان عودة عقارب الساعة الى الوراء، وحذرت من دخول مناطق طرابلس في جولة عنف جديدة، لا سيما في ظل الاحتقان غير المسبوق في المدينة، وفقدان القوى السياسية والأمنية السيطرة على كثير من المجموعات المسلحة التي باتت لها توجهاتها وأجندتها الخاصة، الأمر الذي قد يؤدي الى اتساع رقعة المواجهات المسلحة وربما هذه المرة الى خارج المدينة.
وفي ساعة متأخرة من الليل، شكك مرجع أمني لـ«السفير» في إمكان أن يكون الشبان قد قتلوا جميعهم، مؤكدا أنهم تعرضوا لكمين من القوات النظامية السورية في تلكلخ، وقتل بعضهم وفُقد البعض الآخر، مشددا على ضرورة الانتظار لحسم مسألة مقتل الجميع.

سيريان تلغراف

Exit mobile version