إكتملت فصول مسرحية المعارضة السورية في الدوحة، ونجحت الإمارة القطرية مدعومة بجهود الدول الراعية للثورة بتوسيع الشرخ القائم بين المعارضين في خطوة غير مفهمومة على الإطلاق، وتجلّت خلافات المعارضين بإعلان “لجان التنسيق المحلية” السورية المعارِضة انسحابها من المجلس الوطني بعد نتائج إعادة الهيكلة المخيبة للآمال، وإنتخاب جورج صبرا رئيسا للمجلس الوطني علما أنه سقط في إنتخابات المجلس بعيد حصوله على سبعة اصوات لم تكن كافية ليعبر بواسطتها نحو عضوية الأمانة العامة.
على طريقة عمر الشواف، وفراس قصاص، أعلن المعارض السوري اديب الشيشكلي في بيان له إنسحابه من المجلس الوطني السوري بعد الفشل الذي لاحقه منذ تأسيسه على حد قوله، وقد جاء في بيان الشيشكلي “بعد أربعة عشر شهراً على عضويتي في المجلس الوطني السوري الذي كنت أحد مؤسسيه قبل انضمام كتل وأحزاب المعارضة القديمة والتقليدية، وبعد تجميد عضويتي موقتاً والعودة عن قراري في أواخر أيار (مايو) 2012، أعلن استقالتي من المجلس للأسباب التالية:
1. فشل عملية إعادة هيكلة المجلس وهياكله التنظيمية بما يمثل الثورة ومختلف أطياف الشعب السوري ويخدم أسباب تأسيسه ليكون المظلة السياسية لثورة الكرامة والحرية في سوريا، وبالتالي فشل محاولات إصلاح آلية عمله واتخاذ القرارت فيه لتصبح أكثر تشاركية وتنزع عنه هيمنة بعض أطياف المعارضة القديمة والتقليدية التي أثبتت خلال اجتماعات الدوحة تشبثها أكثر من أي وقت مضى بما تعتبره مصدر سلطتها المطلقة وتعكس من خلاله توقها المزمن للاستئثار بالحكم.
وبدا ذلك جلياً من نتائج انتخابات الأمانة العامة التي طغى عليها لون سياسي وفكري واحد وغاب عنها أي تمثيل نسائي رغم توسيع المجلس وتخصيص كوتا نسائية بنسبة 15 في المئة.
وفي هذا السياق، أرى أن مضاعفة عدد أعضاء المجلس لم تكن سوى محاولة لذر الرماد في العيون وإسكات الأصوات المنادية بتمثيل شامل، حتى جاءت الخطوة مفصلة على قياس بعض الأشخاص والمجموعات بصورة تسمح بالهيمنة وتقطع الطريق على أي تغيير محتمل أو إمكان بروز وجوه قيادية جديدة.
2. فشل إدارة المجلس طيلة الأشهر الماضية في جعله مشروعاً مؤسساتياً بعدما فقد الكثير من مصداقيته أمام الداخل السوري والخارج بسبب سوء الإدارة وضعف التمثيل والتواصل مع الداخل ودعم الثورة وسياسات التفرد والتبعية التي انتهجها البعض، ناهيك عن فقدان مصداقيته أمام المجتمع الدولي الذي لم يعد يعتبره ممثلاً رئيساً للمعارضة السورية.
ورغم أهمية توسيع المجلس ومحاولة إصلاحه التي كنا نراهن عليها لتعزيز وحدة الصف السوري ودعم الثورة بفاعلية، لكن الخطوة جاءت مبتورة لعدم تمكن المجلس من استقطاب شخصيات معارضة بارزة آثرت البقاء خارجه لأسباب لم تعد تخفى على أحد، فضلاً عن تلاشي الأمل من إمكان إصلاحه نتيجة إصرار إدارته على الاستئثار بالسلطة واستبعاد عناصر شابة وحيوية وذات دور فاعل في الثورة.
3. استمرار انعدام الشفافية في تسيير أعمال المجلس بهياكله ولجانه المختلفة، وجنوح كفة كتل على حساب أخرى، ما دفع بجهات مانحة عديدة إلى وقف إمداده بالمساعدات اللازمة لاستمراريته ولدعم الثورة وعزز دور الكتل المستأثرة بالسلطة.
وبما أني انتظرت خطوة إعادة الهيكلة بضعة أشهر علّ تغييراً ما يطرأ على المجلس ويعيده إلى الصراط المستقيم ورسالته الأساس كنموذج للمشاركة السياسية والتمثيل الديموقراطي وتلبية تطلعات وآمال الثورة السورية، وبما أني للأسف بت على يقين أن المجلس تخلف كثيراً عن ثورتنا السامية ولا مجال لعلاج حالة العقم التي أصابته، فإن أوان استقالتي قد حان.
وفي جميع الأحوال، أتمنى نجاح الجهود المبذولة حالياً في التوافق على مشروع وطني شامل موحد تمهيداً للمرحلة الانتقالية”.
بالمقابل هاجم العديد من المعارضين السوريين خطوة تعيين جورج صبرا رئيسا للمجلس الوطني السوري وكتب أحدهم ساخراً على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك “نظراً للمشاركة القوية والفعالة للأخوة المسيحين والسادة الشيوعين في الثورة السورية البطل أبو شادي (( جورج صبرا )) رئيساً للمجلس الوطني، ألف مبروك للسوريين عموما، والمعارضين على وجه الخصوص”.
جواد الصايغ | عربي برس
(المقالة تعبر عن راي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)