“لا أمل في توحيد المعارضة السورية، والجماعات الاسلامية المتطرفة دخلت على خط العمل المسلح للمعارضة التي تحمل السلاح في سوريا” ، بهذه العبارة التشاؤمية حاول دبلوماسي اوروبي اعطاء تقييم للجهود الدبلوماسية والعسكرية الاخيرة للدول التي تتشارك الرغبة في اسقاط القيادة السورية.
واضاف الدبلوماسي الاوروبي في حديث لـ (المنــــار) أن وزيرة الخارجية الامريكية المنتهية ولايتها، هيلاري كلينتون، حاولت في الايام الاخيرة لولاية اوباما الاولى ، واستجابة لضغوط خليجية وتركية توفير الرعاية الامريكية لخطة خليجية ـ تركية لتوحيد ما يسمى بـ “قوى المعارضة” من خلال صياغة جديدة وتوزيع جديد للادوار والعناصر.
الدبلوماسي الاوروبي اوضح بأنه ومن خلال متابعته الشخصية لاجتماعات المعارضة السورية في جميع محطاتها الاقليمية والدولية، توصل الى نتيجة بأن العناصر التي تستخدمها الدول التي تتشارك في الرغبة في اسقاط الاسد، كواجهة سياسية لاطلاق التصريحات ضد النظام السوري لا يمكن أن تحقق عائدا حقيقيا على الارض رغم حجم الاستثمار الكبير فيها من جانب الدول الخليجية والغربية، وأن معظم قيادات المعارضة السياسية في الخارج يتعاملون مع الازمة السورية على انها فرصة ذهبية يمكن من خلالها تحقيق عائد مالي شخصي لهم ، وفي حال تمكنت الدول الخليجية والغربية من اسقاط النظام فسيحصلون ايضا على عائد سياسي وسيحاولون الظهور بمظهر الطرف الذي قاد ما يسمى بـ “الثورة السورية” الى الانتصار واسقاط النظام.
وكشف الدبلوماسي الاوروبي لـ (المنـــار) أن بعض شخصيات المعارضة السورية في الخارج والتي تمسكت بالمحافظة على مسافة بينها وبين المجلس الوطني السوري ورفضت أيضا المشاركة في اجتماع الدوحة الاخير، ترى بأن الشخصيات السورية التي تصفها الدوائر الخليجية والغربية المعنية باسقاط النظام السوري بـ “قادة وزعماء المعارضة” لا يمتلكون أي التفاف جماهيري من حولهم وأن كلمتهم يمكن أن تكون مسموعة فقط في داخل جدران منازلهم.
واستهزأ الدبلوماسي الاوروبي من الشخصيات التي تحاول الولايات المتحدة والخليج الاستثمار فيها، معتبرا هذا الاستثمار بانه استثمار خاسر ومضيعة للجهد والوقت والمال، مستشهدا بصورة الالتفاف الذي حظي به رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم عند دخوله قاعة الاجتماع للمعارضة السورية وكيف التف من يوصفون بزعماء المعارضة السورية وخيارات الحكم القادم في دمشق، حول بن جاسم لمصافحته وتأكيد حضورهم الاجتماع بانتظار العائد المالي لهذه المشاركة.
يقول الدبلوماسي الاوروبي لـ (المنـــار): ” كان الاساس ضعيفا ومليئا بالشوائب والعناصر الفاسدة، فنواة العمل المسلح للمعارضة السورية كان مبنيا على عناصر اجرامية واتسعت اليوم لتنضم لها عناصر اجنبية من جنسيات مختلفة لتتحول الى مجموعات من المرتزقة، بالاضافة الى حالة اختراق للعمل المسلح التي تقوم بها تلك المجموعات من جانب جماعات اسلامية متطرفة تتبنى افكار القاعدة واساليبه من خلال التفجيرات في مراكز المدن السورية”.
واكد الدبلوماسي الاوروبي ان ما يقلق دوائر صنع القرار الاقليمية والغربية الداعمة لاسقاط النظام السوري، أن هذا النظام لم يرسل حتى الان اية اشارة تدل على انه بدأ يهتز وان سقوطه بات وشيكا. مضيفا بأن عدم القدرة على اختراق القيادات العليا للجيش السوري وتماسك عناصر هذا الجيش والتفافهم حول النظام هو الذي افشل حتى الان مهمة الدول الداعمة لاسقاط النظام السوري.
وحول خطوات الادارة الامريكية برئاسة اوباما في ولايته الثانية بالنسبة للازمة السورية، كشف الدبلوماسي الاوروبي عن “الحاح كبير” تعرضت له ادارة اوباما خلال الاشهر الاخيرة من اجل المبادرة الى استخدام الحلول العسكرية لاسقاط النظام السوري، الا أن واشنطن رفضت التجاوب مع هذا الالحاح ، خاصة وأن حلفائها في اوروبا يرفضون ايضا التورط عسكريا في سوريا.
واعتبر الدبلوماسي الاوروبي ان الخيارات الموجودة على الطاولة الامريكية حول الازمة السورية في معظمها خيارات سياسية، متوقعا أن تبدأ الحلول السياسية تطفو على السطح بوتيرة متسارعة ومتزايدة في الاسابيع المقبلة، لكن هذا لا يعني اختفاء او تراجع التصعيد العسكري الميداني على الارض، بل على العكس تماما، حيث يرى الدبلوماسي الاوروبي أن اقتراب الحل السياسي سيدفع المتحاربين على الساحة السورية الى رفع وتيرة القتال في محاولة لتحقيق مكاسب ميدانية تسهل المهمة على طاولة الحل السياسي.
سيريان تلغراف