فيما يشبه الرثاء والنعي ، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تقريرا موسعا بقلم “جي سولومون” خصصته للعميد وسام الحسن ، رئيس “فرع المعلومات” اللبناني الذي اغتيل قبل عدة أيام .
وقد خلصت الصحيفة إلى القول من خلاله إن مقتله شكل “خسارة قاسية للإدارة الأميركية التي قررت بعد حادثة الاغتيال إعادة النظر على نحو كامل بسياستها إزاء لبنان”.
وطبقا للصحيفة ، وما تنقله عن مسؤولين غربيين وعرب ، فإن الحسن كان “مهندس العلاقات الأمنية على خط بيروت ـ واشنطن (…) فهو ارتبط بعلاقات تعاون جيدة مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية (…) ولهذا فإنه يعد بمثابة الحليف اللبناني الأهم للولايات المتحدة ، ومن هنا كان اغتياله ضربة قوية لها ولأوربا” .
وبحسب هؤلاء المسؤولين الذين تحدثوا إلى الصحيفة ، فإن استهداف الحسن جرى “بسبب ارتباطه بعلاقة قوية مع الولايات المتحدة والدول الغربية ودعمه للثورة السورية” .
وفيما يتعلق بـ”المكانة الوظيفية” التي كان يشغلها الحسن ، يقول ديبلوماسي للصحيفة إن موته “شكل ضربة قوية للأميركيين” ، بينما لفت مسؤولون أميركيون الانتباه إلى أوجه التشابه الكبيرة بين استهدافه واستهداف رفيق الحريري من ناحية الدوافع والتكيتيكات .
وفي السياق نفسه ، أشار ديبلوماسيون عرب إلى زيارة قام بها الحسن في آب الماضي إلى واشنطن ، حيث أجرى مناقشات موسعة مع الجنرال ديفيد بترايوس ، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية ، ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى من إدارة الرئيس باراك أوباما .
وطبقا لما نقلته الصحيفة عن “مطلعين” على أجواء الزيارة ، فإن بترايوس والحسن تطرقا إلى “مخططات سوريا لزعزعة الاستقرار في لبنان بواسطة حزب الله والسياسيين الموالين لها” ، إضافة إلى مناقشة “ما يبذله حزب الله من دعم للنظام السوري” على حد تعبيرهم .
وإلى ما تقدم ، قالت الصحيفة إن الحسن كان يرتبط أيضا بعلاقات وثيقة مع الاستخبارات الفرنسية ، وقد عاد إلى بيروت قادماً من فرنسا قبل بضع ساعات فقط من تعرّضه لعملية الاغتيال .
ويشير سولومون إلى أن مقتل الحسن جاء في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن أن تكثف عملياتها الاستخبارية داخل لبنان وسوريا والأردن والعراق ، نظرا لتخوفها من احتمال أن تتسبب أعمال العنف الدائرة في سوريا في نشوب صراع إقليمي أكبر ، بالتزامن مع تكثيف جهودها مع حلفائها لمكافحة أنشطة إيران وحزب الله في المنطقة .
واشنطن بوست
أما صحيفة “واشنطن بوست” ، فنشرت من جهتها مقتطفات من مقابلة أجراها ديفيد أغناطيوس مع الحسن قبل أسبوع من مقتل هذا الأخير ، شريطة عدم النشر ، إلا أن مصرعه دفع أغناطيوس إلى نشر مقتطفات منها .
وفي التقديم لهذه المقتطفات ، يقول أغناطيوس إن الحسن لا يشبه رجال الاستخبارات في الشرق الأوسط فهو “بشوش وهادئ ويحب التحدث إلى الصحافيين ، ما يسهّل التعامل معه” .
ويصف إغناطيوس وسام الحسن بـ”الرجل الرمادي” الذي يختلف عن “الباشا” و”الأفندم” في البلدان العربية ، وهو على “لطفه” كان بالنسبة لأميركا “اللاعب المحوري” في علاقاتها الأمنية مع لبنان .
ويضيف القول “غالباً ما يكون ضحايا الاعتداءات الإرهابية بالنسبة للقراء الغربيين مجرّد قصاصات من الورق تحمل أخبار مصرعهم ، بعد أن باتت الاغتيالات أمراً معتاداً ، لكن الوضع مع وسام الحسن اختلف” .
ويعود إغناطيوس إلى حديثه مع الحسن الذي كان يتمنى أن يبقى لبنان بعيداً عن الحرب السورية ، فيقول إن الحسن طلب من أميركا عدم تسليح المعارضين السوريين ، وإنما “ضرورة تواجد عناصرها على الحدود لتدريب المقاتلين ومساعدتهم على اكتساب أصول القيادة والسيطرة”.
وبحسب الصحيفة، فإن الحسن أبلغ أغناطيوس بأن الحلّ الوحيد للأزمة السورية هو تشكيل قيادة موحدة لـ”الجيش السوري الحرّ”، بينما حذّر أميركا من عدم الاستخفاف بما يجري على اعتبار أن “سوريا باتت تشهد حرباً حقيقية” .
يشار إلى أن الحسن كان متورطا في الصراع داخل سوريا حتى أذنيه ، إذ كان يقف وراء استدراج السلاح من ليبيا إلى محافظة حمص وإلى حلب وإدلب عبر ميناء طرابلس (باخرة “لطف الله” 2 وسواها) وعبر الضابطين المتقاعدين الموكلين الأمر من قبله ، العميد حمود ومحمود الجمل ، فضلا عن النائب عن حزب “تيار المستقبل” عقاب صقر . وهو ما يعترف به مواربة في الحديث مع “ديفيد أغناطيوس” حين يقول له “إن اتصالاته مع المعارضة السورية وضعته تحت الضوء الكاشف لحزب الله” .
سيريان تلغراف