في الرابع من تشرين الثاني المقبل ستكون العاصمة القطرية الدوحة على موعد مع إجتماع المجلس الوطني السوري الذي سيلتئم بهيئته لعامة لإعادة هيكلة المجلس، وإنتخاب رئيس جديد له، الإجتماع كان من المقرر ان يعقد في السابع عشر من الشهر الحالي، ولكن خلافات المعارضين، وتضارب وجهات نظرهم دفع بالقيمين عليه إلى تأجيله آملاً في إمكانية الوصول إلى حل يرضي الجميع.
آمال منظمي لقاء الدوحة إصطدمت بتعنت المعارضين ومطالبهم، ومحاولة كل فرد منهم تشكيل جناح خاص به يساعده في اللحظات الصعبة، ولكن المصيبة وقعت عندما قرر اعضاء في المجلس الوطني إستبعاد بعض الشخصيات المعارضة غير المنضوية تحت راية المجلس، والتي برزت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ويأتي خالد ابو صلاح في مقدمة تلك الشخصيات، فالرجل لم توجه له أي دعوى للحضور.
إستبعاد الناشط الفلسطيني الأصل عن اللقاء دفعه بمطالبة المجلس الوطني السوري “بعقد اجتماع هيئته العامة لإعادة الهيكلة والاصلاح المزعوم في مخيمات اللاجئين في تركيا لا بإقامته في قطر و تكبيد الثورة مصاريفا جديدة لطالما هي بأمس الحاجة إليها”، مضيفاً “عدد المدعويين للوهلة الأولى كان الف ومئة شخص، ثم خفض هذا العدد لستمئة وسيكون الاجتماع في أحد أهم فنادق الدوحة مع تحمل كامل أعباء السفر للمدعويين أي بما معناه أن تكلفة سفر، وإقامة الشخص الواحد لن تقل عن 4000 دولار”.
وتوجه ابو صلاح للمعارضين بالقول “هل فقدتم ضمائركم ياأيها المعارضون ..،هل فقدتم حسكم الإنساني، أهلنا في الداخل يتضورون جوعا وبردا ويقبلون على شتاء قارس ولايوجد لديهم مايسدون فيه رمقمهم ولا ما يقيهم برد الشتاء ، إنها رسالة تحذير لكم اذا أردتم الاجتماع والاتفاق فل يكن بين أهلنا في المخيمات لا بفنادق ال7 نجوم ، فليكن بين صرخات الأطفال ونحيب الأرامل ، وإلا سنشهر بكم ونحن بأمس الحاجة للدرهم الواحد”.
تهديدات ابو صلاح بكشف المستور دفعت بعضو المكتب المالي للمجلس الوطني السوري مازن الصواف إلى توضيح الصورة للناشط الحمصي المعارض معلناً “أن المجلس الوطني لن يدفع ليرة أو ريال واحد فقطر هي من تكفلت ببطاقات السفر والفندق والطعام وتكاليف تأشيرات الدخول والمواصلات من وإلى المطار”.
الصواف أوضح أن المجلس قام فقط “بحجز فندق كامل يحتوي على قاعات تتسع لاجتماع ال ٤٠٠ عضو وكذلك المراقبين من السلك الدبلوماسي والصحافة، ولن يسمح لأحد غير مدعو بدخول الفندق لأسباب أمني”.
وعن سبب إختيار إمارة قطر لإقامة الإجتماع قال الصواف إن هنالك الكثير من المعارضين السوريين مبعدين عن تركيا ولا يسمح لهم بالدخول فوقع الإختيار على الدوحة”.
المفاجأة تمثلت بإقدان الصواف على فتح النار على المكتب التنفيذي للمجلس الوطني قائلاً “قام المكتب التنفيذي باختطاف المجلس وتهميش أعضائه، والأداء بعد عام كامل يثير للشفقة”، متابعاً “عملنا جاهدين مستعملين الإقناع والحصار القانوني في أغلب الأحيان، والضغط والتهديد والوعيد في أحيان أخرى، إلى أن أجبرنا المكتب للقبول بإعادة الهيكلة ومبدأ الإنتخابات وتعديل النظام الداخلي، بحيث يصبح أعضاء المكتب المنتظر انتخابهم في ٤ أوكتوبر خاضعين لمشيئة وقرارات ٤٠ عضو، يشكلون الأمانة العامة المنتخبة من قبل جميع الأعضاء، ولهذه الأسباب تم ضم عناصر كثيرة من الحراك الثوري والمجالس العسكرية والتنسيقيات والشخصيات الوطنية ونبذل جهدنا لاستبعاد بعض العناصر التي تم الإجماع على ضعف أدائها”.
وفيما يشبه إعترافا بقرب تخلي الدول العربية، والغربية عن الثورة بعدما دعمتها منذ البداية أشار الصواف إلى “أن المجلس الوطني يتعرض حالياً لضغط خارجي هائل لكي يقبل حل على الطريقة اليمنية ولكن مع وعود غير مضمونة بتغيير النظام في المستقبل”، مضيفا ” مؤتمر اصدقاء سورية لم يعد يهتم لأمر الثورة بقدر إهتمامه بضمان سلامة الأسلحة الكيميائية، وحماية الأقليات ومكافحة التنظيمات المتطرفة كالقاعدة والتكفيريين ومنع الإنتقامات الطائفية والذبح على الهوية”.
وختم الصواف جداله مع ابو صلاح بالقول “علينا أن نكون حكماء في طروحاتنا، وذلك بالتمسك بالمجلس الوطني وتحسين أدائه ليرتقي لمستوى الثورة والثوار والإستعداد للحوار بشرط التمسك بالثوابت الوطنية التي قامت من أجلها الثورة: إسقاط النظام بالتزامن مع الحفاظ على مؤسسات الدولة وإنشاء دولة القانون والمواطنة… دولة ديمقراطية تعددية لا مركزية تستند على الإسلام الحضاري والذي لا يتعارض مع حقوق الإنسان التي تبنته معظم بلاد العالم المتقدمة، وهذا الهدف لن يتحقق بين ليلة وضحاها.. نحن مع أي حل سياسي انتقالي يتبنى هكذا مشروع بشرط عدم إضاعة المزيد من الوقت والعودة لنقطة الصفر من خلال طرح مجالس وطنية جديدة، فالهدف القصير المدى هو وقف إراقة الدماء بأقرب وقت ووقف التدمير، إن أمكن، والمحافظة على مؤسسات الدولة والجيش مع تحويل المجرمين للعدالة. الإنتصارات العسكرية على الأرض، والسياسية من خلال النجاح بإعادة هيكلة المجلس الوطني ودعم الشعب له لتحقيق مطالب الثورة بتغيير النظام، تجعلنا نتفاوض مع ما يسمى بالدول الصديقة من موقع قوة”.
مصدر في المجلس الوطني السوري أكد لعربي برس أن “خالد ابو صلاح عمد إلى مهاجمة المجلس الوطني بعدما إستبعد من لقاء الدوحة، ولكن قلقه على اموال الثورة لم يظهر عندما دعي إلى إلقاء كلمة في مؤتمر أصدقاء سورية، فلماذا لم يبادر آنذاك إلى دعوة الحضور للقاء في مخيمات اللاجئين”.
المصدر لفت “إلى انه ورغم تقديرنا الكبير لدور ابو صلاح إلا انه يجب ان يعي الأخطاء الجسيمة التي تسبب بها، خصوصا وانه أوقعنا في مأزق عقب إكتشاف التغطيات الإعلامية المزيفة التي كان يقوم بها”،مضيفاً” حاول ابو صلاح فرض نفسه كممثل للثورة في الداخل إلى جانب رزان زيتونة، ولكن طلبه رُفض بإجماع المجلس الوطني، لذلك بادر إلى محاولة إستهداف المجلس، رغم أننا قدمنا له حوالي اربعين الف دولار اميركي أثناء معركة بابا عمرو”.
عربي برس | جواد الصايغ