تعيش كيبيك مسلسلا طويلا اشبه بتلفزيون الواقع مع تحقيق جار بشأن قضية فساد مدوية تتناول عقودا مزورة ورشاوى دفعت كضرائب وكدسات من الاوراق النقدية موضوعة في اكياس بلاستيكية في قبو لعدم معرفة ما يفعل بها.
وقد كشف شاهدان رئيسيان هما رجل الاعمال الكبير في مجال البناء لينو زامبيتو ثم المسؤول التقني الكبير في مدينة مونتريال جيل سوربرونان، منفرجي الاسارير مبتسمين بلهجة تتسم بالمودة للمحققين في لجنة شاربونو التي شكلتها الحكومة المحلية، سيلا هائلا من المعلومات يوما بعد يوم نقل قسما كبيرا منها تلفزيون راديو كندا.
واعترفا ببعض الاسف بضلوعهما في الفساد، موضحين انهما كانا جزءا من “نظام” قائم منذ زمن طويل.
وعلم دافعو الضرائب الكيبيكيون ببعض الذهول بما كانوا يشعرون به منذ فترة طويلة.
فهم دفعوا تكلفة صيانة شوارعهم بنسبة لا تقل عن 25% اكثر من تكلفتها الحقيقية. كما تم اختلاس مبالغ ضخمة من الاموال لحساب رجال اعمال من اصل ايطالي ضمن اطار منسق بين كارتل مافيوي وموظفين فاسدين واحزاب سياسية واجرام منظم.
وفي طليعة المستهدفين بلدية مونتريال وبضاحيتها بلدية لافال ثالث مدن كيبيك. وتكاثرت الدعوات الى استقالة رئيس بلدية المدينة جيرالد تريمبلاي خصوصا عندما كشف ان حزبه يتقاضى عمولات عن عقود تمنحها ادارته.
ودعت صحيفة لابرس الخميس الى “ان يستقيلوا وينتهي الامر”، مؤكدة ان تريمبلاي “لم يعد يحظى باي مصداقية ليحكم مونتريال”.
لكن تريمبلاي -الذي يجهل مدى تورطه المحتمل في احابيل الفساد ولم يتقرر الاستماع الى اقواله في هذه المرحلة- لا يستسلم للامر.
وتشير الصحافة الى انه سيتخلى عن ترشيح نفسه مجددا الى البلدية لكنه سيرفض الاستقالة قبل نهاية ولايته الحالية في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.
واعتبر جيل سوربرينان المهندس الذي كان مسؤولا عن انظمة الصرف الصحي في مونتريال ان الفساد “كان سرا شائعا”، مؤكدا انه تقاضى في خلال عشر سنوات رشاوى بحوالى 600 الف دولار واحتفظ بقسم منها في قبو منزله.
والوضع اصعب بالنسبة لجيل فايانكور رئيس بلدية لافال الذي اتهمه لينو زامبيتو بانه تقاضى شخصيا عمولة بنسبة 2,5% على العقود التي كان يوافق عليها.
ونفى رئيس البلدية بشدة لكنه ما لبث ان اعلن انه “سينسحب موقتا لاسباب صحية”. وقامت الشرطة مؤخرا بدهم وتفتيش مكتبه ومنزله ومصرفه بدون معرفة نتيجة ذلك.
ومن جهة عالم البناء والاشغال العامة دفع التحقيق رجل الاعمال المليونير توني اكورسو الى الانسحاب من الاعمال.
وهو ملاحق بتهمة “الاحتيال على الحكومة” و”الفساد في الشؤون البلدية” والتهرب الضريبي، واعلن انه سيتقاعد لاسباب شخصية ولمصلحة مجموعته.
الى ذلك لم تنج حكومة كيبيك السابقة برئاسة جان شاريست وحزبه الليبرالي الذي هزم في الانتخابات التشريعية في ايلول/سبتمبر الماضي، من اتهامات زامبيتو التي تتناول خصوصا تمويلات غير قانونية تحت اسماء مستعارة. وهذه الاتهامات التي رفضها المسؤولون المعنيون لم تثبت في القضاء.
لكن بالنسبة لوسائل الاعلام الكندية المنخرطة منذ زمن طويل في مطاردة الفاسدين لم يظهر في الوقت الحاضر سوى رأس الجبل الجليدي في انتظار كشف المزيد من المعلومات.
سيريان تلغراف | وكالات