Site icon سيريان تلغراف

يا مَن تُهدِدُ بالرُشيش .. بقلم المهندس باسل قس نصر الله

يا من تهددُ بالرُشيشِ
بكلِ أنواعِ الفتيشِ
طالباً تحسين عيشي

(الرشيش = السلاح الرشاش – الفتيش = المفرقعات)

هذه الكلمات لأغنية في مسرحية “نزل السرور” القديمة لزياد الرحباني، وتدور المسرحية حول احداث لبنان في ثمانينات القرن الماضي، وتحكي قصة نزلاء فندق بسيط يستولي عليه مسلحون ويضعونهم كرهائن، ويطلبوا منهم تلحين نشيد للثورة.

ويكون بين النزلاء من يقوم بتلحين وغناء النشيد الوطني للثورة، ومنها هذه الكلمات السابقة.

أصبحنا في سورية اليوم، نعيش كلنا في فندق لا نجوم ولا شموس ولا اقمار له.

اصبحنا كلنا رهائن العنف من جهات متعددة، ونسمع ونقرأ عنها، فمنها من يطالب بتحريرنا ومنها من يعدنا بالشفاء العاجل من كل اسقامنا، ومنها من سيقودنا الى الجنة، وكلهم يتكلمون باسمنا نحن الذين صمتنا في السابق والحاضر.

تردني رسائل متعددة احداها تكلمت عن الاخوة الارمن الذين سافروا الى أرمينيا وهناك أحدهم يقول :
” يوجد شباب هم في أرمينيا منذ ثلاثة أشهر يجولون ولا يجدوا عمل ولكن لن يعودوا الى سوريا”

ويضيف
“في كل مرة تحطّ الطائرة القادمة من حلب تكون قد أحضرت عشرات لا بل مئات الحلبيين الأرمن”

ثم يحدثني قائلاً: ” أنا أعلم عن صديق ذهب الى لبنان ووجد عملاً هو لا يرضى به في بلده إنما يعمله فقط لأنه خارج بلده!”

ويسألني ” هل نحذوا حذو الناس التي سافرت… نترك املاكنا وبيوتنا؟؟؟ إنما الى الى متى نبقى في الخارج؟؟ حتى نعود؟؟؟ والمعروف عن أي بلد بالعالم معظمهم يشكو البطالة”

ويتابع ” هل نبقى في بيوتنا نأكل ونشرب ونمرر اليوم كاليوم الذي سبقه بعد أن خسرنا عملنا بسبب الأزمة، وإذا رضينا بهكذا وضع هل ننتظر مصيرنا لا سمح الله كما حدث للشهيدة باسكال بنت كلود بعد أن فقد الأمن، في النهاية نرى أن لا السفر لا يحل المشكلة كما أن البقاء أيضا لاً يحلها..”

حتى أصل الى المقطع الاخير في الرسالة حيث يقول : ” جميع رهباننا الكرام لايأبهوا بنصيحة… فهم لا يقدموا شيئ ونحن محسوبون عليهم.”

أحزن كثيرا للرسائل التي تردني ومنها هذه الرسالة.

ما وصل اليه الأمر، لن أناقش من السبب فيه، أسمع عن اتهامات وكلام مثل: لو قبلوا بكذا لما كنا قد وصلنا الى كذا.

فقط أتوجه بكلمتي الى الجميع.

إن بلادنا تحترق وليس المهم أن نعرف من أشعل النار، ولا من هدم البلد، بل علينا ان نطفىء ونبني.

منذ يومين مرت بعض عناصر مسلحة في شارع الكنيسة في السريان الجديدة بحلب، ولفت انتباهي موقفين منهم، الأول هو اطلاقهم الرصاص على بائع خضرة باتهامهم له انه شبيح (وهي تهمة من السهل ان نتهم بها اي شخص)، اما النقطة الثانية فهي التكبير امام الكنيسة.

كتبت الى بعض الاصدقاء الذين هم خارج سورية موضحا أن التكبير “لا اله الا الله” موجود في الانجيل في رسالة القديس بولس الرسول الثانية الى اهل كورنتوس وفي ذبيحة الاوثان يقول ”

“اما نحن فلا اله الا الله الأحد”

وقلت لا شك ان استخدام كلام الله في امور استفزازية هو غير مقبول، فاجابني اخ منهم انهم سينتبهون الى ذلك لأنهم يريدون طمأنتنا (وانا لا استخدم لغة نحن وانتم) ويوصون باخذ الحيطة من هكذا أمور.

ايها الصديق الذي ارسل لي الرسالة، أنا افهم مشاعرك وافهم خوفك وغضبك والمك وحزنك، ولكن في فمي ماء.

فقط استطيع أن انقل شذرات من رسالتك، وقد فعلت.

يا من تهددُ بالرشيش، هذه بعض مخاوفنا

اللهم اشهد اني بلغت

عالم بلا حدود

المهندس باسل قس نصر الله

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version