اعتبر محلل السياسة الخارجية التركية في صحيفة «ميللييت» سامي كوهين أنه «لا لزوم لعدّ قائمة المشاكل التي سببتها المسألة السورية لتركيا. من الناحية الأمنية تحوّلت الحدود الى منطقة صدام ساخن، وظهرت مخاطر نشوب حرب بين البلدين مع الدعم الكثيف المسلح لأنقرة للمعارضة السورية».
هذا من الناحية العسكرية، أما سياسياً واقتصادياً، فيقول كوهين «سياسياً انقطعت الخيوط مع دمشق بسبب سعي تركيا للقضاء على النظام. والسياسة التي اتبعتها تركيا أفضت الى توتر مع إيران وروسيا أيضا. واقتصاديا تعرضت تركيا لخسائر تجارية كبيرة بسبب الأزمة السورية وأنفقت أكثر من 300 مليون دولار على قضية اللاجئين. وهذه الكلفة ستزيد مع استمرار تدفق أعداد جديدة من اللاجئين. جانب من هذه السلبيات كان خارج سيطرة تركيا لكنها تحمّلت هذه النتائج. وعلى الحكومة ان تعترف بأن جزءا كبيرا من هذه النتائج هو محصلة سياساتها تجاه سوريا».
ويقول الكاتب ان «النقطة التي وصلت إليها الأوضاع كانت تتطلب إعادة نظر في هذه السياسة. هذا لا يتطلب التخلي عن الوقوف الى جانب الشعب السوري، لكن إعادة النظر بسلوك يؤدي الى قيام مخاطر حرب أهلية والعمل على نهج يفضي الى حل بدلا من الصدام. واستطلاعات الرأي التي تعكس معارضة الأتراك للحرب على سوريا، كما المواقف المتحفظة لحلف شمال الأطلسي، والولايات المتحدة تحديدا، كانت تدعو الى اعتماد النهج السلمي لحل الأزمة بدلا من الصراع المسلح».
ويشير الكاتب الى انه «ربما اقتنعت أنقرة مؤخرا بضرورة تغيير نهجها تجاه سوريا. وقد أعطت الى جانب علامات إظهار القوة إشارات لضرورة المشاركة في بحث لحل الأزمة سلميا. ومن ذلك مؤشران: الأول إعطاء الدعم لمهمة المبعوث الأخضر الابراهيمي، والثاني لقاء أردوغان مع أحمدي نجاد. فلقاء باكو أسفر عن مفاجأة هي تشكيل آلية ثلاثية من أجل حل سلمي في سوريا تضم تركيا وإيران ومصـر او روسيا. وهذا يعني اتباع سياسة أكثر ليونة والقبول بالتعاون مع إيران».
ويختم كوهين بأنه «حتى الآن لم يعرف أساس ومعايير هذا التفاهم، لكن هذه الخطوة تظهر ان حكومة أردوغان تفكر الآن بطريقة جدية لوضع معيار جديد في سياسة خارجية، فتحت على تركيا مشاكل لا حصر لها، كتلك التي أشرنا إليها من قبل».
سيريان تلغراف