أسفر حادث الهبوط الاضطراري للطائرة السورية المتوجهة من موسكو إلى دمشق عن حدوث أزمة حادة بين تركيا وسورية ، ويمكن أن يؤدي أيضا إلى تدهور العلاقات الروسية-التركية.وقد اتهم رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان روسيا الاتحادية بتوريد ذخائر إلى دمشق ، وهو ما تنفيه موسكو بشكل قاطع.
وبحسب المعلومات المتوفرة لدى صحيفة “كوميرسانت” فقد كان على متن طائرة الركاب السورية 12 صندوقا تحتوي على أجزاء لردارات الدفاع الجوي. فيما ينوي جهاز الأمن الفيدرالي التحقيق في تسريب المعلومات عن إرسال الشحنة إلى سورية، وذلك في المؤسسات الروسية المختصة. وقد أعلنت الولايات المتحدة أنها ستطرح مسألة توريد الأسلحة إلى سورية خلال اتصالاتها بالجانب الروسي.
وقامت مقاتلتان من طراز”أف – 16″ تابعتان لسلاح الجو التركي يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول بإجبار طائرة “آ – 320” المدنية السورية المتوجهة من موسكو إلى دمشق على الهبوط في مطار أنقرة للاشتباه بأنها تنقل شحنة لا تتفق مع شروط الطيران المدني. وكان على متن الطائرة 35 راكبا بينهم 17 راكبا روسيا . وبعد التفتيش الذي استغرق 9 ساعات سمحت السلطات التركية للطائرة بالاقلاع. لكنها احتجزت الشحنة المكتشفة على متنها.
وقد نفى مصدر للصحيفة في هيئة التعاون العسكري التقني نفى قاطعا وجود أسلحة على متن الطائرة. وقال فياتشيسلاف دافيدينكو الناطق باسم مؤسسة “روس أوبورون أكسبورت” الروسية قال:” لم تكن هناك شحنة تابعة لنا”. وأضاف أنه ليست لديه معلومات عن محتوياتاها وانتمائها. كما رفضت هيئة التعاون العسكري التقني الادلاء بأي تعليق.
وبحسب المعلومات المتوفرة لدى الصحيفة كان على متن طائرة “آ – 320″ السورية 12 صندوقا تحتوي على أجزاء لردارات الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري والوثائق التكنولوجية الملحقة بها. وبحسب قول المصدر فإن الشحنة لم تتطلب أي تنبيه عنها أو تفتيش خاص لأنها لم تشكل خطرا لا على أفراد الطاقم ولا على الطائرة. وقال مصدر آخر:” لا تعتبر هذه الشحنة سلاحا. وإذا نقل راكب في الطائرة جهازا لاسلكيا مفصولا عن الكهرباء فإنه لا يشكل خطرا على الطائرة وركابها. فلم نخالف اية قوانين دولية”.
وأوضح مصدر قريب من هيئة الطيران المدني الروسي أن اعتراض الطائرة المدنية يتم عادة اذا غيرت مسارها بشكل سريع ولم ترد على الاشارات اللاسلكية مرسلة إليها أو في حال وجود معلومات عن اختطافها. وانطلاقا من هذا الموقف يمكن وصف عملية اعتراض الطائرة السورية من قبل المقاتلات التركية بأنها عدوان. فيما أعلن وزير النقل التركي بينالي يلديريم أن أنقرة ستلجأ إلى حقها بتفتيش شحنات الطائرات المدنية المشكوك بنقلها لمعدات عسكرية إذا اقتضى الأمر بذلك.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن وزارة الخارجية التركية أعربت عن الأمل بالا يؤثر الحادث سلبا على علاقات بلاده مع روسيا الاتحادية . وكان رد فعل موسكو معتدلا بالفعل. فيما أعرب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش عن احتجاجه بشأن تهديد حياة وأمن الركاب وبينهم مواطنو روسيا الاتحادية. وأفاد الناطق باسم الكرملين أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بتأجيل زيارته لأنقره التي خطط للقيام بها في الأسبوع القادم إلى يوم 3 ديسمبر/كانون الأول القادم.
لكن السلطات التركية قالت إن تأجيل الزيارة كان قد أعلن عنها في 8 أكتوبر/تشرين الأول.
وصرح ألكسندر خرامتشيخين رئيس قسم الدراسات في معهد الدراسات السياسية والعسكرية لصحيفة “كومرسانت” أن اعتراض الطائرة هو عمل تركي مضاد لسورية بالدرجة الأولى. وأضاف أن ذلك لن يساعد طبعا في تحسين العلاقات مع روسيا.
وأكد فيكتور ناديين رايفسكي الباحث في معهد العلاقات الدولية لدى اكاديمية العلوم الروسية والخبير في الشؤون التركية أكد أن الأمورصارت تتجه نحو الحرب. وقال:” من الواضح أن تركيا تعمل في مصلحة حلفائها في الناتو ويمكن أن تتحول إلى رأس جسر تنطلق منها عمليات الناتو ضد سورية.” ولا يستبعد الخبراء أيضا اناعتراض الطائرة عبارة عن إشارة مرسلة إلى موسكو مفادها أن الوقت حان لتسليم بشار الأسد. لكن قسطنطين ماكيينكو الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والتكنولوجية على قناعة بأن تركيا يمكن أن ترسل أية إشارات إلى موسكو. لكنها لن تجلب المردود المرغوب فيه.
فيما لا تنوي السلطات الروسية ترك هذا الحادث دون عواقب. وتقول الصحيفة أن جهاز الأمن الفيدرالي يمكن أن يبدأ في القريب العاجل بالتحقيق الداخلي في تسريب المعلومات عن إرسال الشحنة إلى سورية وذلك في المؤسسات الروسية المختصة، علما أن سلاح الجو التركي وجه مقاتلتيه لاعتراض الطائرة السورية بعد إحاطته علما بشحنة تنقلها. ولو لم تكن على ثقة بوجودها لما تصرفت هكذا.
يذكر أن رحلة “دمشق – موسكو” تقوم بها شركة الخطوط الجوية السورية مرتين في الأسبوع. وكتبت الصحف التركية أن الاستخبارات الأمريكية كانت قد زودت أنقرة بمعلومات عن الشحنة المحمولة بهذه الطائرة بالذات. ولا يستبعد أن تسريب المعلومات تحقق بذنب الجانب السوري.
سيريان تلغراف