سيريان تلغراف | خاص
في الشرق أيضا …. عروس سرقوا برتقالتيها في ليلة الزفاف ليعصروا القطرة الأخيرة من شرف أنصاف الرجال …. سحابة جف ثدييها بانتظار المطر القادم من الأرض … وقمر ما زال يقدح أذن نجمة كي يحكي لها عن صلاح الدين بعد أن كفرت بعرب ما بعد ما بعد كامب ديفيد … وطفل ما زال يرمي المعجزات من فوق صخرة عذراء صابرة … مقسما أن أمه طاهرة لكن المتفرجين أنجاس بثوب القديسين .
يا صغيري لم يراك القوم … فأحذية الجنود تحجب عيناك عنهم إذ تدق وجوههم الباردة الصامتة ولحاهم التي استطالت في ظل الغياب … حاولت أن أراك يا صغيري … لكنهم ثبتوا عنقي إلى جذع نخلة عراقية قوسوا ظهرها فصارت عمياء لا تفرق عدوا من صديق … حاولت التقاط الدموع من على جانبي نهرك لأصنع إسوارة لمعصم الشمس … لكنهم كذبوا علي وادعوا أنك زهرة تندى في فجر والعمر ربيع …. أزهرت أشواكهم يا صغيري فافتح قلبك للألم واصرخ العمر خريف ….
قالوا يا صغيري بان موسى ما زال يركب الصحراء باحثا عنك …. وأن قومه ما زالوا دون رأسك المقدسة …. فسامحني إذ تعثرت بصخر جمجمتك بعد أن ذبحوك قربانا للهيكل الجديد … سمعت صراخك المر كدمع الحطب … لكنهم قالوا بأنك تهلل لسقوط الخبز المقدس في السبت العربي …. “ليس بالخبز وحده يحيا العرب” وإنما بلحمك الطري يا صغيري … حللوك لانك لست مثلهم بل طائر حر … كنت يا صغيري وليمة بحجم روحك الجائعة … اصرخ في بطونهم وتقيأهم كي لا يحولوك إلى نفط …. فالنفط الأسود لن يصير كما تحلم حليبا أبيضا لأمك التي لم تكبر بعد … لم يأخذوك إلى الحج لانك صغير … كلما نظر الحجر الأسود بين الجموع ليراك رآهم يطوفون بنعشك سبعا … ويرمون الحجارة في الوادي السحيق ليقتلوا صورتهم … قالوا أنك صرت كأبيك نجارا تصنع التوابيت للاعشاب الضارة … لكنني رأيتك ممسكا بحجر تحفر قبرك تحت دبابة صنعت من دمك ومالهم …. كم عمرك يا فتى ؟ كم حجر ؟
ويطبطب الأعراب على روحك الصاعدة قائلين ” مت لا تخف فنحن ما زلنا نقرأ الفاتحة” … اقرأ عليهم سورة من روحك المقاومة علهم يتذكرون آيات الكتاب … كذبوا علي يا صغيري وأخذوني إلى بلاد سوداء كعينيك …. حيث فارس ما زال يضمد جرح الحسين … أقسموا لي أنه قلتلك … مشوا على الدم فاتحين …. وظل قاتلك الحقيقي هناك يبحث عن ضحية أخرى …
في الشرق عروس اسمها غزة … يدها محاصرة بنفق يلد الخبز للجياع … وطفل يصرخ بالذين تاهوا …
أيها الطفل ثمة من رآك لكنهم يحاولون قتله … قل لهم ألا يطفئوا العيون الشامية كي لا اتوه عنك ستين عام مرة ثانية ..
مهند العاقوص