يخوض الجيش السوري حرباً تقودها دول عالمية يواجه خلالها مسلحين محليين مدعومين بآخرين أجانب قدموا الى سوريا تحت عنوان “الجهاد”……..وقد وقفت دول اقليمية وغربية خلف هؤلاء المسلحين عبر مدِهم بالمال والسلاح الى جانب ترسانة اعلامية تعمل ليل – نهار على تأجيج حدة الصراع في سوريا ، ما فرض على وحدات الجيش النزول الى ساحة المواجهة “حفاظاً على وحدة سوريا شعباً وتراباً”.
الجيش السوري …تكتيك عسكري جديد يتناسب مع “حرب الشوارع”
يحتل الجيش السوري “المرتبة السادسة عشر عالمياً” من حيث العتاد والعديد بحسب ما تؤكد دراسات معنية بالشأن العسكري ، ما يجعل منه الجيش الاقوى عربياً في الوقت الراهن خاصة بعد تحديد عديد ومهام الجيش المصري عقب اتفاقية كامب ديفيد وتدمير الجيش العراقي آبان الغزو الاميركي الى العراق عام 2003.
متابعون في الشؤون السورية ، يرون ان احد الاهداف الرئيسة لاستهداف هذا البلد اضافة الى ضرب دوره الاقليمي ، هو اضعاف جيشه وانهاكه لانه “الجيش العربي الوحيد” الذي حافظ على استقلالية قراره وعقيدته القتالية (اسرائيل هي العدو) ، لذلك كان لا بد من ضربه .
ورغم تأني القيادة السورية في اعطاء الضوء الاخضر للجيش لملاحقة المجموعات المسلحة عند بداية الاحداث في آذار من العالم 2011 ، فان القيادة وجدت نفسها مضطرة الى “اطلاق يد” الجيش ضد المسلحين خاصة بعد تفجير مبنى الامن القومي بدمشق في تموز / يوليو الماضي ، والذي اودى بحياة 5 من كبار القادة العسكريين والامنيين السوريين وما واكب التفجير من حملة اعلامية هدفت الى الايحاء بقرب سقوط دمشق العاصمة بيد المجموعات المسلحة.
ملاحقة المسلحين كانت صعبة وشاقة على الجيش السوري في ظل اتخاذ المجموعات المسلحة من الازقة والامكان المدنية والسكنية ملجأ لهم وقاعدة للهجوم على الاهداف العسكرية والعامة ، فكان لابد للجيش من اعتماد اسلوب يبتعد عن مفهوم الحرب الكلاسيكية ويركز على ما يسمى “حرب الشوارع”.
وتقول مصادر عسكرية سورية ان “الجيش يخوض حرب شوارع بكل ما للكلمة من معنى وهو قسم بعض وحداته في حلب (مثلاً) الى مجموعات تضم كل واحدة منها قرابة اربعين رجلاً ، محملين باسلحة رشاشة وصواريخ مضادة للدروع ، حيث تتم ملاحقة المسلحين من منزل الى آخر ومن شارع لآخر”.
وفي هذا السياق يؤكد الخبير العسكري والعميد المتقاعد في الجيش اللبناني الياس فرحات في حديث لموقع المنار الالكتروني ، “ان الجيش السوري يواجه حرباً غير مسبوقة مختلفة عن الحروب التي تُعطى في المدارس والمعاهد العسكرية ، وهذه الحرب هي بعيدة عن الحرب الكلاسيكية او التقليدية التي تدور بين جيشين وهو ما لا ينطبق على الحالة السورية” والتي يوضح فرحات “انها تشبه ايضاً حرب العصابات التي تكون عادة بين مسلحين يتمركزون في الادغال والجبال ويشنون بين الحين والاخر هجمات على القرى والمدن”.
ويلفت فرحات “الى هذه الحرب الغير مسبوقة قيادتها عالمية تشترك فيها عناصر المال والسلاح (السعودية ، وقطر….)والمعلومات الاستخباراتية (الولايات المتحدة وفرنسا…) اضافة الى التدريب والاعداد الذي تتولاه تركيا ، والتي يلتقي عندها عنصرا المال والسلاح والمعلومات لتلعب بذلك القيادة الميدانية للمجموعات المسلحة الموجودة في سوريا”.
تركيا تلعب في الحرب ضد سوريا دور باكستان ابان الغزو السوفياتي لافغانستان !!!!!!!!
وتأكيداً على التورط التركي في سوريا يشير العميد فرحات الى “ان انقرة تلعب الدور نفسه الذي لعبته باكستان ابان الغزو السوفياتي لافغانستان في ثمانينات القرن الماضي” حيث تعاونت اسلام اباد مع اجهزة المخابرات العالمية وبالاخص الاميركية لدعم المقاتلين” المجاهدين” ضد السوفيات وحلفائهم في افغانستان ، حيث اشرفت اجهزة المخابرات الباكستانية حينها على تدريب وتوفير المال والسلاح “للمجاهدين الافغان والاجانب” ، لتدخل افغانستان في قتال دام بعد الانسحاب السوفياتي لم تنته مفاعليه حتى الان؟؟؟؟
من هنا يؤكد فرحات ان “تركيا توفر الملاذ الامن للمسلحين السوريين والاجانب عبر انشاء معسكرات التدريب اضافة الى مدهم بالدعم اللازم” ، وصولاً الى حد الاشراف على عملياتهم العسكرية ضد الجيش السوري في مختلف الاماكن وتحديداً في مدينة حلب عاصمة سوريا الاقتصادية وثاني أهم مدنها بعد دمشق.
معركة الحسم ….والخيارات الصعبة
امام شراسة الهجمة العالمية يتساءل كثيرون حول ما اذا كان بمقدور الجيش السوري الحسم في معركته ضد المسلحين خاصة في مدينة حلب التي تخوضها المجموعات المسلحة تحت شعار “يا هازم يا مهزوم”..
اجابة على هذا السؤال يقول العميد فرحات “ان الحسم النهائي ضد المسلحين صعب ويتطلب معالجة دقيقة” للتقليل من حجم الخسائر المادية والبشرية خاصة وان الالاف من المقاتلين استقدموا من الخارج ومعبئين عقائدياً ، الامر الذي يُفسر ارتفاع نسبة الهجمات الانتحارية التي تقع في عدد من المدن السورية ومؤخراً في حلب ، اضافة الى ذلك تعمد هذه المجموعات الى القتال في الاحياء التراثية والاسواق القديمة للمدينة بهدف الحاق اكبر قدر من الخسائر المادية واتهام الجيس السوري بها لتأليب الرأي العام السوري والحلبي ضده.
ورغم كل هذه الصعوبات تؤكد مصادر عسكرية سورية مواكبة لمعركة حلب ، ان الجيش يحقق تقدماً بارزاً وهو ضرب عصافير عدة في حجر واحد، اهمها اسقاط مشروع تحويل حلب الى بنغازي ثانية ، للانطلاق منها الى اقامة منطقة عازلة في الشمال السوري ، وتضييق الخناق على المسلحين بعد جذبهم الى حلب بهدف تقليص رقعة المناطق التي يسيطرون عليها وصولاً الى “الحسم المنشود سورياً”.
سيريان تلغراف