بعد ثلاثة أسابيع من دخول المتمردين السوريين مدينة حلب، تضاءلت الذخيرة إلى 600 طلقة رصاص وستة صورايخ، ما أوقعهم في مأزق دموي.ويحتكر المجلس العسكري في حلب إمدادات السلاح، خصوصاً أن ما رفع من أهميته كقوة بارزة في «الحرب الأهلية»، تنافس «جماعة الإخوان المسلمين» والمجموعات الأصولية الإسلامية.
خاطب رجل مدني أحد القادة من «كتيبة التوحيد الإسلامية»، «كل ما أريده منكم هو تصوير تسجيل قصير، ثم وضعه على موقع يوتيوب، والإشارة فيه إلى أسمائكم واسم وحدتكم العسكرية، كما أن تعلنوا أنكم تنتمون إلى مجلس حلب العسكري، ولكم أن تفعلوا بعدها ما تشاؤون»، مضيفاً «أريد أن نظهر للأميركيين بأن هذه الوحدات تنضم إلى المجلس العسكري. لقد التقيت الأحد الماضي مع أميركيّين في أنطاكيا، وأبلغاني بأنه لن تصلنا أي أسلحة متطورة ما لم نتوحد تحت قيادة المجالس العسكرية المحلية».ويشير أبو محمد، وهو ضابط منشق من أكاديمية حلب العسكرية، إلى مصادر السلاح التي تصل إلى حلب، موضحاً أن «عدداً من المانحين في السعودية يحولون الأموال إلى سياسي لبناني نافذ مقيم في اسطنبول، وهو يقوم بالتنسيق مع الأتراك، فكل شيء يحدث بالتنسيق مع الاستخبارات التركية».
وينقل أبو محمد وعد القيادة إليهم بأنه «في حال نقلوا المعركة إلى قلب حلب، فإن خطوط الإمداد ستصبح سالكة».ولكن بعد ثلاثة أسابيع من دخول المتمردين إلى مدينة حلب، تضاءلت الذخيرة المتاحة للجبهة الممتدة من شارع سيف الدولة شمالاً، إلى حي صلاح الدين في الجنوب الغربي، إلى 600 طلقة رصاص وستة صواريخ «آر بي جي» فقط، وأصبحت خطوط المواجهة أمام الجيش السوري على شفير الانهيار.
يقول أبو محمد «لقد قالوا لنا إنه يجب علينا البدء بالمقاومة، وعندئذ فقط سنحصل على الدعم»، مضيفاً «قسمت المدينة إلى ثلاثة قطاعات، ووزع المتمردون قواتهم وذخائرهم على الجبهات الثلاث، بينما قررت القوات الحكومية تركيز كل قواها في قطاع واحد، هو حي صلاح الدين». ويتابع «لقد اضطررنا أن نوجه الذخيرة إلى هنا (صلاح الدين)، في الوقت الذي توقف فيه وصول الإمدادات الموعودة، والنتيجة هي تدهور وضعنا في الجبهات الثلاث في الوقت ذاته، نحن لا نملك الذخيرة التي وُعدنا بها، كل يوم يتقدم الجيش شيئاً فشيئاً، لذلك فإن الشيء الوحيد الذي نملكه وننفقه في المعركة هو الرجال».
لكن في الأيام التالية وصلت إلى المتمردين كمية صغيرة من الأسلحة، وبالرغم من ذلك يشكل إيصالها إلى الجبهات معضلة أخرى.في جبهة أخرى، يقف الحاج بلال المشرف على أحد التقاطعات في منطقة سيف الدولة، وهو يرغب في الاستفادة من الإمدادات العسكرية الجديدة من أجل التقدم عدة كيلومترات نحو مجمع إستاد حلب العملاق، الذي تستخدمه القوات الحكومية قاعدة لقواتها ودباباتها ومدفعيتها، ولكنه سيدفع حياته ثمناً لهذا الطموح غير الواقعي.
أما الرائد الذي زود الحاج بلال بالذخائر من تركيا، فقتل بعد فترة قصيرة، وهو الذي كان اشتكى لأخيه الضابط أبو حسين، فساد القيادات، قائلاً «لا أحد يدفع لك إلا لكي يشتريك، الإخوان المسلمون، و(قائد الجيش السوري الحر) رياض الأسعد، إنهم فاسدون، يتلاعبون بنا، لقد أمضيت في تركيا ثلاثة أسابيع ولم أحصل على شيء». وأضاف «لقد التقيت رئيس المجلس الوطني السابق برهان غليون، واصطحبني إلى اجتماع في اسطنبول للقاء أمير في القوات المسلحة القطرية، لقد تناقشنا وشرحنا له كل شيء، فأخبرنا بأنه مطلع على ما يحدث، وأكد لنا أن الأمور ستتحسن قريباً، لكننا غادرنا خاليي الوفاض».
سيريان تلغراف