حول دور الاستخبارات السورية في هذه الحرب المصيرية التي تجري في سورية يقول الجنرال اللبناني الوثيق الصلة سابقا باجهزة امنية لبنانية تنسق مع اخرى سورية :
هناك انجازات كبيرة تحصل ولكن للاسف لا يعلن المعنيون في سورية عنها، وكذا فمن الطبيعي ان تحقق الاستخبارات الدولية الشاملة العاملة ضد سورية بقيادة اميركية ، من الطبيعي ان تحقق انجازات واختراقات خاصة في ظل وجود واقع هذا هو اسواء ما فيه:
لديك دولة موظفيها والمنتمين الى اجهزتها من كافة الاتجاهات المناطقية والدينية من السوريين ولم يكن لديهم قبل سنتين اي دافع للخيانة سوى الدافع الطبيعي في عالم الاستخبارات وهو
” المال ” و” النساء ” و” حب المغامرة ” و” التوريط والابتزاز”.
مع انطلاق حملة التحريض الهائلة مذهبيا ومع سقوط مئات الاف السوريين في فخ التحريض الطائفي المبني على تضليل اعلامي رهيب، من يعلم كم هو عدد الساقطين في فخ المذهبية ومن ثم في فخ التعاون مع ميليشيات وهابية تعمل عند الاميركيين كمرتزقة باسم التدين؟
هذا الواقع يجعل من الظلم مقارنة امكانيات السوريين الامنية على اختراق اعدائهم بقدرة اعدائهم الكثر على اختراقهم، لانه ليس من المعقول ان تجري عملية تطهير مبنية على الشكوك ضد مواطنين في موقع الخدمة.
ويتابع: ومع ذلك تحقق المخابرات السورية المختلفة نتائج هائلة في مضمار الحروب الاستخبارية المضادة والايجابية.
فهي باعتراف اعدائها تخترق المعارضين من اعلى قمة هرهم السياسي داخل وخارج سورية، وتخترق تشكيلاتهم العسكرية في لبنان وتركيا والاردن وفي بعض المناطق العراقية كما على كل الاراضي السورية. لكن ضخامة الهجمة الخارجية والتمويل الخليجي الهائلة والتورط التركي العدواني والتخطيط الاميركي المثابر، كلها جعلت من المعركة الامنية في سورية معركة عالمية، فجلب الاميركيون الى سورية بقصد او من غير قصد رؤوس الارهاب العالمي من جهة ، ومن جهة اخرى يقوم بالعمليات الامنية ضد السلطة في سورية اكفأ ضباط المخابرات في العالم الغربي.
هل لهم اكفاء في سورية ؟ نسأل الجنرال اللبناني فيقول:
هناك توازن قوة في المجال الاستخباراتي واظن بان السوريين لهم اليد الطولى داخل سورية وهم لم يتخذوا قرارا بعد بنقل المعركة الى خارجها لانهم لا يشعرون بالحاجة لذلك ما يثبت بانهم اقوياء ويسيطرون على شروط المعركة امنيا واستخباريا!
كيف نسأل الضابط اللبناني ” وقد استشهد كبار القادة السوريين وكاد ضابط ” خطير ” ان يقتل في تفجير معد بعناية وقد اصاب سيارته ونجى باعجوبة ؟
يرد: عملية اغتيال القادة في خلية الازمة ضربة حظ لاكثر من جهاز دولي وعربي تعاونوا حتى حققوا شروطها واولها انهم امتلكوا شخصا يخترق مكتب قيادي ولا يخترق مكاتب الجميع ولو لم تختار خلية الازمة عقد الاجتماع في ذلك المقر لما حصلت الخسارة ولكنها ضربة حظ لا تفوق استخباري.
واما عن محاولة اغتيال العقيد حافظ مخلوف الفاشلة فقد تبين بعد التحقيقيات بأنها عملية قوية ولكن الفضل فيها ليس للخبرات المخابراتية بل للاقمار الصناعية الاميركية التي تخصصت في ملاحقة الضباط السوريين بدل متابعة التجسس على روسيا وعلى الصين(….) ثم اردف :
اذا كانت اميركا تخصص اكبر شبكة اقمار صناعية للتجسس في العالم لمساعدة الموساد وجهاز مخابرات عربي (السعودي) على قتل ضابط سوري برتبة عقيد فما هي الضربات التي وجهها هذا الضابط لاستخبارات تلك الدول حتى ارادوها ميتا مهما كانت الكلفة عالية ماديا وتكنولوجيا؟
يجيب الضابط اللبناني بنفسه فيقول :
العقيد مخلوف ضابط واحد من الاف الضباط المدافعين عن سورية في الجيش وفي الامن وفي القوى الجوية والبحرية ولكنه في تخصصه في مكافحة الارهاب والتجسس حقق انجازات تحسب له دوليا، فكثير من كبار الارهابيين الذين سقطوا في سورية كانوا يشكلون خطرا كبيرا على الامن الدولي وبعضهم ملاحق من الاميركيين انفسهم منذ عقدين وبعضهم يملك مفاتيح الشبكات الامنية لتنظيم القاعدة وقد ساهمت جهود العقيد حافظ مخلوف في تنفيذ عمليات كبيرة جدا بالمفهوم المخابراتي وادت الى قتل قادة ارهابيين او الى اعتقالهم، ولو ان الاوضاع في سورية طبيعية وعلاقتها بالامم المتحدة جيدة لجرى تكريم الاجهزة الامنية السورية على انجازاتها بحق الامن الدولي ولجرى تكريم حافظ مخلوف ورؤسائه وزملائه من ضباط الاستخبارات على ما حققوه في مجال مكافحة الارهاب رغم وجود حرب دولية على سورية وازمة داخلية طاحنة !
من هو العقيد حافظ مخلوف ؟
يقول العميد الياس : ” جمعتني دورة الاركان في سورية بزمالة و بصداقة وصلت حد التآخي مع اثنين من كبار قادة معارك الكرامة التي تدور في سورية حاليا على الصعيد الاستخباري، وقد عدت للتو من زيارة احدهما لتهنئته بالسلامة (العقيد مخلوف) ولتقديم واجب العزاء (بالمقدم يوسف ابراهيم احد الضباط العاملين بأمرة العقيد مخلوف وقد استشهد اثناء عملية دقيقة حققت ضربة قوية جدا ضد شبكات الارهاب الدولي التي جائت الى سورية باسم الجهاد ).
يتابع الضابط اللبناني المتقاعد : قضيت مع العقيد حافظ مخلوف اشهرا لا يمكن نسيانها في دورة الاركان، التي تعرفت فيها ايضا الى العميد ماهر الاسد الذي كان وقتها مقدما في الجيش السوري ومع انه كان ابن الرئيس حافظ الاسد قبل ان يكون ضابطا وطالبا في دورة الاركان الا انه كان يتصرف معنا كضباط لبنانيين مشاركين في الدورة ومع زملائه السوريين بمنطق انه مقدم في الجيش السوري وزميل في دورة الاركان وهذا الامر بدا في تواضعه واخلاقه وحرصه على اقامة اطيب العلاقات من ضباط لبنانيين وافدين الى سورية ومع ضباط سوريين من زملائه كان بعضهم في الحياة العسكرية يعملون بأمرته ولكنهم في الدورة زملاء وقد عاملهم كزملاء وبكل الاحترام والطيبة والنبل، وفي الحقيقة لم تنشأ بيني وبين العميد ماهر الاسد علاقة صداقة بل كانت معرفة منحصرة في زمن الدورة الا ان كثيرا من زملائي في الدورة من الضباط اللبنانيين بنوا صداقة قوية معه ولا زالت علاقتهم به قوية حتى اللحظة من الموقع الانساني اولا ومن موقع الزمالة ثانيا ومن موقع الاحترام لضابط يعرف الخاصة في الجيش اللبناني وفي المقاومة اللبنانية ان الصواريخ التي دمرت دبابات الميركافا في جنوب لبنان خلال حرب تموز خرجت من مخازن اللواء الذي يقوده العميد ماهر الاسد ووصلت الى مقاتلي المقاومة تحت اشرافه وجرى تدريب المقاومين عليها تحت اشراف العميد بنفسه، ولأن كنا في هذا العالم العربي لا نعترف للابطال بانجازاتهم الا بعد استشهادهم فأن الشهادة للحق تفرض علينا القول من موقع المطلعين والعارفين بأن البطولات التي حققها اللبنانيون ضد اسرائيل في حرب تموز كان لهم فيها شركاء سوريون ذكر السيد حسن نصرالله بعضهم ولم يذكر اخرين لحساسية مراكزهم ولعلي اكشف سرا اذا ما قلت انه العميد ماهر الاسد هو احد ابرزهم.
وربما لهذا يتعرض كما غيره من الخطرين في سورية على امن اسرائيل ووجودها الى وابل من التسويق الاعلامي الاسود الهادف إلى ضرب سمعته وتحييد فعاليته المعنوية ايجابا على الشعب السوري.
يضيف العميد الياس : اما العقيد حافظ مخلوف (كان رائدا في الدورة ) فمع اني كنت اعلى منه رتبة واكبر منه سنا الا ان شخصيته الشديدة التناقض مع ما نعرفه في لبنان من سمعة المقربين كبار القوم في سورية جعلت دهشتي بمعرفة اخلاقه وقناعاته وجدارته العملية اكبر.
يضيف : نتحدث هنا عن رجل ولد وعاش في كنف عائلة تمت بصلة قرابة ونسب الى الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهو شخصية عرفت الرئيس بشار الاسد منذ الطفولة وفضلا عن القرابة فالعقيد مخلوف اصيب في حادث السيارة الذي اودى بحياة الراحل باسل الاسد ومع ذلك، فهو في الدورة التي تعرفت خلالها عليه كما في حياته العملية ” رجل منضبط جدا ويحترم التراتبية العسكرية ويلتزم بأوامر رؤسائه ويعامل ضباطه ورجاله بطريقة متواضعة جدا ما جعل من القسم الذي يديره من اكفأ الاقسام ليس لتميز قائده فقط بل لأن علاقته الوثيقة بضباطه وبعناصره تجعل كل منهم متفانيا مثله في العمل وعادلا مثله ونزيها مثله، وفي ذلك هناك كثير من الروايات التي يحكيها عنه مواطنون لجأوا الى قسمه على مر السنوات للتظلم من فساد هذا او ذاك من الضباط والمسؤولين في الوزارات.
وقد عرفته في الدورة واعرف منذ ذلك الحين انه “مثال لرجل الامن المجتهد والدقيق والنزيه” وتابع : لقد كان في الدورة تلك كثيرون من الضباط الرفيعي المستوى والمقربين من شخصيات تحتل مناصب رفيعة في الهرم العسكري والامني السوري ولم يكن العميد ماهر الاسد ابن الرئيس في وقتها و العقيد حافظ مخلوف الا احدهم ، ومع ان الاول ابن الرئيس الراحل، والثاني ابن خال أبناء الرئيس وله علاقة قوية جدا بكثير من اعمدة النظام الا اني عرفت فيهما الشخصية السورية الطيبة الخدومة اللطيفة المحبة والمبادرة الى مساعدة الاخرين قبل ان تطلب منهما شيئا. ومن يعرف الرجلين يعرف بأنهما تربوا على الاخلاق العسكرية و على التواضع لا على الغرور.
وحول ما جرى في تلك الدورة العسكرية قال العميد الياس : في الدورة التي تزاملنا فيها والتي كانت تحظى باهتمام خاص من قبل القيادة العسكرية السورية ظهر التشدد فيها منذ اليوم الأول، وقد تأفف بعض ابناء الضباط المحظيين من شدة وجدية المسؤولين عن الدورة، ولكني وجدت العميد ماهر الاسد و العقيد مخلوف ملتزمين تمام الالتزام بموجباتهما ولم يطلب لنفسيهما اي معاملة خاصة.
كانت دورة قاسية بكل المعايير ولم ينجح فيها بعض من اقرب المقربين لقيادات عليا في سورية، بينما اجتازها آخرون بكفائتهم ومنهم بعض الضباط اللبنانيين و اما من السوريين فقد من انشط الضباط واكثرهم جدية طوال الدورة كل من العميد والعقيد.
يضيف الجنرال الياس : تلك المرحلة من حياتي غيرت نظرتي الى الجيش العربي السوري والى الاجهزة الامنية السورية، فلقد خضعنا لدورات كضباط لبنانيين في كثير من بلدان العالم، وانا شخصيا خضعت لدورات في فرنسا وفي الولايات المتحدة ولكني لم اجد الجدية والاحترافية التي وجدتها في سورية من حيث البرامج والتدريبات والدراسة الفائقة الكثافة. فقد كنا نشعر فعلا بمعاناة لم نشعر بها في بلاد الغرب، وتقديري ان سبب الروح المعنوية العالية والتماسك الرهيب في صفوف الجيش العربي السوري يعود في الاصل الى الادارة العقائدية في بناء الشخصية العسكرية لضباط سورية وللمتدربين في مدارسهم، وقد علمت فيما بعد من مدربينا في الدورة بأن تعليمات خاصة كانت قد صدرت في وقتها عن الرئيس السوري تطلب التشدد مع كافة الطلاب وعزو ذلك الى احتمال تأثر المدربين بوجود ابن الرئيس الراحل وقريبه في صفوف المتدربين.
يتابع الضابط اللبناني المتقاعد: بقيت على تواصل مع العقيد حافظ مخلوف لسنوات عرفت خلالها انه انتقل من العسكر الى الجهاز الامني مسؤولا عن فرع يشمل عمله دمشق وريفها، وكما كان صديقا صدوقا في الدورة بقيت علاقتي به قوية طوال السنوات التي تلت تلك الايام وحتى الساعة.
حديث العميد الياس عن صديقه العقيد حافظ مخلوف ليس حديثا شخصيا برأيه ، فـ ” تخصيص الحديث عمن نعرف يؤدي رسالة ايصال صورة عن الضابط السوري الحقيقي الى الناس “
مضيفا: هل سال المواطنون السوريون لماذا خصص السعوديون والاميركيون مواقع وصحف وفضائيات لمهاجمة شخصيات عسكرية وامنية بعينها في سورية وبالاسم الصريح؟
سيريان تلغراف | عربي برس