خاص | سيريان تلغراف
لا تحزن لأنك مواطن عربي مسكين جداً .. فالمساكين أحباب الله …؟؟
المواطن العربي مسكين جداً فلا هو يعرف متى يخرج في مظاهرة ولا حتى في مسيرة كونه في الأصل لا يعرف الفرق بينهما فبالنسبة له كله مهرجان صراخ وما دام هذا الصراخ سيجعل منه إما ثائرا أو مناضلاً أو خائنا أو هاربا فلا يهم أن يرفع شعار يسقط النظام أو ينهض النظام أو يرحل النظام لأن هذا النظام بحاجة الى نظام والنظام بدون نظام مثل حمام مقطوع الماء فيه ولن تسمع سوى صياح المستحمين وبخار الماء يكسوهم فلا يعرفوا بعضهم وسيتزحلط أحدهم ويقع على رأسه وتنفجر نافورة دم تسيح على الارض وسيختلط الحابل بالنابل والايادي تمسك في خناق بعضها دون معرفة السبب ولا أحد يعرف أحد ولا أحد يفهم مالذي حدث بالظبط حين أنقطعت الماء فجأة ولكن يجمعهم شيء واحد هي الفوضى ويفرقهم شيء واحد هو النظام …؟؟
المواطن العربي مسكين جداً لأنه مبتلى بتعاريف غريبة عجيبة هجينة لا يهضمها عقله فهو لم يتعود على عملية الهضم إلا على موائد الطعام ولا يقدر أن يحرك خلية واحدة من خلايا مخه على الفاضي في الوقت الذي عنده استعداد أن ينكش خلية نحل لأجل العسل ولا يحبّ أن يفكر في الامور التي هي في أصل الأمر من علم الغيب لكنه لا يتوانى أن يقرأ برجه اليومي وأن تفتح له احدى العرافات فنجان قهوته ولا يريد سوى أن يكون شهريار عصره في بيته الآمر والناهي لكنه لن يراها مشكلة كبيرة في لحس أحذية مدرائه ولعق بعض كلامهم السخيف مواطننا العربي رجل مفصوم جداً ومتعب جداً ومريض جداً ومستهلك جداً فهو يكره الفساد لكن لا يمانع أن يأكل منه قليلا ويحقدّ على المرتشي لكن لا يهمه أن يكون واسطة خير ويلعنّ الوساخة لكن لا يعنيه أن يرمي الزبالة في الشارع ويشتمّ النظام لكن لا يتأخر أبدا عن موعد القبض آخر الشهر ..؟؟
المواطن العربي مسكين جداّ لأنه لا يريد سوى لقمة العيش التي حللها الله وحرمتها الأنظمة يريد أن يعيش بكرامة رغم أنه لا يفهم تماما ما معنى الكرامة ولا يهم ما معناها ما دام في نهاية اليوم سيعود ومعه طعام اسرته والنظام القائم على تجويع الجماهير العريضة بسياسة الصبر الطويلة هي عصا موسى التي صارت حيّة تسعى بيننا بلا رحمة ولا شفقة ومواطننا مسكين لا يفهم لما فرعون غاضب جداً على هذه الحيّة ولا يفهم لما موسى مصرّ على هذه الثورة تحت مسمى العصيان الالهيّ ولا يعرف هل يقف مع فرعون لأنه يأكل على أرضه ويشرب من مائه أم مع موسى المؤيدّ بالمعجزات البهلوانية في سيرك عريض اسمه الديمقراطية أم يقف مع السحرة في سياسة النأي بالنفس حتى يصفقوا للرابح في هذه المسابقة ..؟؟
المواطن العربي مسكين جداً لأننا الأمة الوحيدة التي ما زالت مختلفة حتى الآن على تقديم القدم اليمنى أم اليسرى عند دخول الحمام لأننا الأمة الوحيدة التي تكره العمل وتعشق الاجازات حتى أننا نسمي أبنائنا بأسماء أيام العطل .. خميس .. جمعة لأننا الأمة الوحيدة التي أخترعت التفاحة على علبّ المعسلّ في الوقت التي صارت التفاحة شعار عريق على منتجات شركة آبلّ لأننا الأمة الوحيدة التي لديها في اللغة العربية 82 إسماً للأعضاء التناسلية ولم تستطع يوما أن تكون هذه الأمة عضواً واحدا في هيئة الأمم المتحدة كل هذا لأننا الأمة الوحيدة التي أخرجت للناس وباقي الأمم بكل أسف دخلت مع الناس …؟؟
بعضكم سيحكّ رأسه ويقول لم أفهم ماذا يقول هذا المعتوه الأجدب بعضكم سيضرب يده على رأسه ويقول يا للهول لقد لمس موطن الوجع تماما هذا العبقري بعضكم سينفجر رأسه لأني وضعت يدي على سرّ أيديولوجية النظام في الفوضى الناعمة وبعضكم لن يفعل شيء فهو في أصل الأمر لا يملك رأساً لا بشرياً ولا انشطارياً ولا نووياً بعضكم سيسخرّ وبعضكم سيضحك وقليل منكم بكل أسف سيحاول أن يكون مثلي مسكين جداً وسيصبح الأمر مهرجانا من كثرة البعض .. وبعضنا سيكره بعضنا .. وحمام مقطوع مائه و كما قال المفتي والعلاّمة أحمد عدوية في مستهل أنشودته الاسطورية ” السح مبح امبو.. الواد طالع لأبو “..؟؟ أؤكد وأشدّ على حنجرته الذهبية في مقولته المشهورة ” زحمة يا دنيا زحمة.. زحمة ولاعادش في رحمة ” فالمساكين أيها المواطنين همّ سبب كل هذه الزحمة مع البعض وهم أيضاً مسببيّ أزمة المسكنة في وطننا على أرصفته العريضة وهم السبب الرئيسي لتسونامي الدعوة الغير مستجابة لزحمة الطلبات فابتهلوا ورائي داعيين آميين اللهم اجعلنا مواطنين مساكين تحت الأرض ولا تجعلنا مساكين مواطنين فوق الأرض..؟؟
على حافة الوطن
الوطن مثل الأمّ مهما كانت جافة جداً ستظلّ الجنّة تحت قدمّها …؟؟
بلال فوراني
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)