الثورة الشعبية في أي بلد هي عنوان تحضر بكل المقاييس و لذلك نرى الشعوب الأخرى تساند الطموحات الشعبية السلمية الصادقة لان الشعب هو سيد نفسه و هو مصدر السلطات و إذا أراد نزع الشرعية عن الحاكم فهو محق.
و مع ذلك رأينا بعض ” الثورات” في تاريخ البشرية تخرج عن الإطار الصحيح كثورة شعبية سلمية لتصبح مجرد ثورة صعاليك و قتلة و إرهابيين بل أثبتت عديد الأبحاث الأكاديمية و المتابعات الصحفية الجادة أن ” اليد” الخارجية المسمومة كانت تحرك خيوط بعض الثورات من وراء الستار و أحيانا تقوم بأعمال قذرة لغاية إسقاط الأنظمة لصالح نفسها تحت ذريعة حماية الثورة من نفسها أو حماية الثورة لتصل إلى “أهدافها” التي عادة ما تكون أهدافا تتماهى مع مصالح تلك الدول المتآمرة.
من خاصيات الثورة النظيفة الشريفة أنها شعبية متجانسة تنطق بصوت واحد و لها أهداف معينة واضحة حتى لو طالت إسقاط النظام برمته و من أدبياتها أنها ترفض التدخل الأجنبي المباشر و تسعى إلى حل بطريقة سلمية يحفظ الوطن و المواطن.
بمجرد التمعن جيدا فيما ذكرت يقفز إلى أذهان الكثيرين اليوم أن الثورة السورية المزعومة التي “يحكى ” عنها بإسراف شديد في منظومة التلفيق المنظم الإعلامية العالمية و العربانية هي ثورة على الطريقة الأمريكية الصهيونية و ليست ثورة على الطريقة الإنسانية التي تعودت عليها البشرية عبر العصور.
من ينفى اليوم دخول المخابرات الصهيونية الأمريكية الغربية الخليجية التركية على خط المؤامرة في سوريا ؟ ما هو الدور الموكل لأي مخابرات في العالم ؟
بالطبع السؤال واضح و الجواب أوضح لان دور أي مخابرات في العالم هو خدمة مصالح أنظمتها سواء بعمليات الاغتيال أو التخريب أو بث الإشاعات الكاذبة و لا أظن عاقلا يتصور أن هذه “الأعمال” هي أعمال ثورية سلمية لا دافع لها إلا خدمة “الثورة” السورية.
من ينفى اليوم وجود كل ” قواعد” الدنيا ( من القاعدة) داخل سوريا ؟
من يريد مثلا حصر تسميات الجماعات الإرهابية الوهابية السلفية الأصولية الإخوانية و معرفة كيفية وصولهم إلى أرض ” الجهاد” المؤدية إلى حواري الجنة الموعودة و من يسلحهم و ما هي أهدافهم الحقيقية من هذه ” الزيارة” الفجائية إلى بلاد الشام سيحتاج إلى كل الخبراء العرب و الأجانب المتابعين لشأن الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تتنقل بكل حرية و بإيعاز مباشر من المخابرات الصهيونية و الخليجية التي تصدر الإرهاب عوضا عن كتب الشريعة و القران.
لو قارن المتابع المتعقل بين أدبيات هذه الجماعات التكفيرية المتطرفة و أهدافها المعلنة و “أساليب” عملها الإرهابية القروسطية التي تسعى إلى إسقاط الأنظمة بحجة “كفرها” لإحلال نظام الخلافة الإسلامية على بعد 1400 سنة من الآن و بين ما تسعى إليه الثورة السلمية الشريفة من تغيير سلمى يؤدى إلى مجتمع فيه كل”أدوات” الحضارة و التحضر من تداول سلمى للسلطة و فتح مساحات الحرية في كل المجالات و توزيع عادل للثروات و إقصاء المحسوبية و الفساد و الرشوة و غير ذلك من القيم الإنسانية الثابتة لأدركنا أنه لا وجه للمقارنة بين مفاهيم الإرهاب و مفاهيم الثوار.
من ينفى حصول عمليات إرهابية لطخت المشهد السوري ؟
عندما سمحت جماعة غليون و السيدا و كل من تماهى معهما في الداخل و الخارج للجماعات الإرهابية بمساندة ” تطلعاتها” الصهيونية في إسقاط النظام بالقوة الإرهابية و المخابراتية و عندما سمحت بالتوازي لبعض القوى الإقليمية و العالمية بتسليح هذه الجماعات و غض لطرف عن وجودها و اقترافها لكل الأعمال التفجيرية و الاعتداءات الإرهابية على المدنيين و الأبرياء و القتل على طريقة ” التحليل و التكبير” الجهادي البربري عندما سمحت بذلك عن سابق ترصد و معرفة تكون خرجت عن أحقية المطالبة و فقدت تلك الشرعية “الشعبية” كمواطن أو كمجموعة و أصبحت مجرد زنادقة و قتلة و متطرفين و إرهابيين..
لعله من الوجيه الإشارة إلى أن تأكيد ” المعارضة” على وجود الإرهابيين و قيامهم بعمليات قذرة مروعة بلغــت حــــــد حرق الجثث و التنكيل بها و السحل في الشوارع و تقطيع الرؤوس و الأجسام و محاولة التبرؤ من هذه الأفعال هو مجرد ذر رماد على العيون لان هذه المعارضة نفسها هي التي تتواصل مع الإرهابيين و تعمل معها داخل الأراضي السورية و تقوم بنفس هذه الأفعال الإجرامية.
من ينفى اغتيال الكوادر السورية المدنية ؟
من مبادئ الثورة الشريفة أن تعتبر المواطن مهما كان وجه الاختلاف النظري معها هو مواطن يجب الحفاظ عليه خاصة إذا كان يؤدى دورا مرموقا في رفع مستوى الدولة في أي مجال و لا شك أن العلماء و الأطباء و المدرسين و علماء الدين و كوادر الطيران المدني الذين طالتهم يد الغدر و الإرهاب ” الثورجية الصهيونية الإرهابية السلفية الوهابية” قد ذهبوا ضحية مجانية عززت القدرات الصهيونية و أفقدت المجموعة الوطنية السورية ركائز عالية القدرة العلمية تطلبت الكثير من الجهد و الوقت لتكون في مواقعها تخدم الصالح العام و ترقى بالخدمات المقدمة للمواطن إلى نسبة ايجابية معينة.
من ينفى تهديم الجوامع و دور العبادة ؟
لعل تكديس الأسلحة المهربة في الجوامع و طرد المصلين و إرهابهم بالقنابل و القتل و التعرض بالتنكيل للائمة و الخطباء هو مثال فاضح على التدني الأخلاقي و السلوكي لمن يزعمون الثورة و لمن حالفهم من الجهاديين الشياطين الذين “يخالطون” المخدرات و الكحول و يستبيحون الحرائر أكثر من “مخالطتهم” لكتب الشريعة و الفقه الإسلامي ناهيك عن أن استباحة المساجد بهذا الشكل المتخلف يدل على أن هذه”الثورة” قد فقدت الأخلاق بشكل مروع.
من ينفى سرقة الآثار و تهديم البنية الاقتصادية و تعطيل مصالح الناس ؟
تشهد المدن السورية و خاصة مدينة حلب على مرور صعاليك “الثورة” التابعين للمخابرات الصهيونية و نهبهم للآثار و تهديم و سرقة و نهب المعدات التي تتبع المعامل و المنشئات العامة و هذا السلوك الإرهابي الإجرامي يعطى مزيدا من الضوء على الوجه القبيح و القذر لهذه المجموعات ” الثورجية” الإرهابية و لعل الثورات السلمية لا تجعل من المواطن رهينة يتم تعذيبها في الأقبية و “محاكمتها “صوريا و لعل الثورات لا تعطل مصالح الناس بشكل متعمد و لعل الثورات لا تهدف في الحقيقة إلا صالح المواطن فلماذا كانت هذه” الثورة” بهذه القذارة.
من ينفى رفض هذه المجموعات المسلحة للحوار ؟
يدرك المتابعون للتاريخ أن الثورة السلمية تحتاج إلى الحوار مع السلطة مهما كان وجه الاختلاف و طبيعة السلطة و لكن أن تتحول المجموعات الإرهابية إلى مشروع تهديم الدولة و تخرج عن المطالبة السلمية فهذا يدل على أنها مجرد كارت في يــــد الإرهاب و الصهيونية بل أن هذا الرفض لا يعنى إلا إعطاء الوقت للإرهاب لتنفيذ إجرامه و تقطيع أوصال الدولة و تهديم مقدراتها الأساسية.
ماذا أفاد “الوجود” القطري السعودي التركي هذه ” الثورة” ؟
قل لي من تخالط أقول إليك من أنت … يعرف الجميع أن الأنظمة الثلاثة المذكورة هي لأنظمة ذات ميول صهيونية أمريكية مشبوهة و يعرف الجميع دور هذه الأنظمة في العراق و في كل الدول العربية و يعرف الجميع في العالم و ليس في المنطقة فقط أن مجرد ” مخالطة” هذه الأنظمة و الوقوف معها في نفس محطة المترو يثــــير الشبهات و يضر أكثر مما ينفع و لعل ” الثورة” باختيارها لهؤلاء “الأصدقاء” قد قتلت مطالبها في المهد و عرت توجهاتها الصهيونية للسوريين قبل العرب و العالم و لعل هذا الوجود المذكور قد خدم النظام السوري بشكل كبير لان مجرد وجود هذا ” الثلاثي ” المرح مع الصهيونية و الأمريكان و الغرب هو خارطة طريق المؤامرة التي لا يخفيها الغرب للمنطقة ولكل ما هو صوت للمقاومة و الممانعة.
بالنهاية لم تخدم الجزيرة و “صغارها” و لا قطر و السعودية و صهاينتها و لا المخابرات الإقليمية و إجرامها و لا الجماعات الإرهابية و”جهادها” و لا برهان و “غليونه”و لا عبد الباسط و ” سيداه” هذه ” الثورة” على الطريقة الأمريكية…
احمد الحباسي | بانوراما الشرق الاوسط
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)