صحيفة “كوميرسانت” ترى أن الأزمة السورية يمكن أن تتسبب في أزمة سياسية خطيرة داخل تركيا. حيث ترى المعارضة هناك أن تدخل حكومة أردوغان في الصراع السوري، أدى إلى زعزعة الأمن فـي البلاد وخصوصا في المناطق الحدودية مع سورية، بالإضافة إلى تصاعد نشاط المقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد.
وتوضح الصحيفة أن سكان المناطق الجنوبية من تركيا، أخذوا يتذمرون من وجود عشرات آلاف اللاجئين، ومئات المقاتلين السوريين، في مناطقهم. ولعل ما زاد في توتير الأجواء السياسية في تركيا، إقدام السلطات مؤخراً على منع مجموعة من نواب حزب الشعب الجمهوري التركي، من الدخول إلى معسكر “أبايضين”، الواقع في محافظة هاطاي، الذي يتمركز فيه حوالي خمسة آلاف من أفراد المعارضة السورية المسلحة، وهذا الأمر دفع زعيم الحزب المذكور كمال كيليتشدار أوغلو، إلى اتهام الحكومة، ورئيسِها رجب طيب أردوغان شخصيا، بإنشاء “قاعدة عسكرية مغلقة”، الأمر الذي يعتبر خرقا لدستور البلاد. وعلى خلفية هذا التصعيد، لا يستبعد المحللون، أن تجد الحكومة التركية نفسها مضطرة لإعادة النظر في سياستها تجاه سورية.
والجدير بالذكر، أن الجولة الجديدة من المواجهات الداخلية على خلفية المسألة السورية قد ظهرت في بداية شهر سبتمبر/أيلول الجاري، عندما اجتاحت مدينة أنطاكيا التابعة لمحافظة هاطاي الحدودية، مظاهرات احتجاجية ضد المسلحين السوريين الذين بدأت تعج بهم المدينة. وهذه إشارة مقلقة بالنسبة للقيادة التركية، إذ أن الكثيرين من سكان هذه المناطق هم من الطائفة الشيعية التي تكن مشاعر التعاطف لحكومة دمشق. ومن الممكن أن يصبح أي صدام بين هؤلاء والمعارضة السورية سببا لصراع مسلح على أساس طائفي. وأنقرة تعرف جيدا ما ستتقود إليه مثل هذه الصدامات.
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها الصحيفة، فإن الحكومة التركية تقوم حاليا بنقل السوريين من منطقة الصراع المحتملة في المحافظات الجنوبية الشرقية إلى شمال البلاد. وبالنسبة لمن يرفض منهم الانتقال إلى المعسكرات التي بنيت خصيصا لهم في الشمال، فإن السلطات التركية تضعه أمام خيارين: هو إما أن يبحث عن مكان لجوء في دولة أخرى، أو أن يعود إلى سورية. وعلى مايبدو، فإن شهر العسل في العلاقة بين اللاجئين السوريين وأنقرة قد انتهى، لأنه سيكون مكلفا للغاية بالنسبة لرجب طيب أردوغان وحزبه.
سيريان تلغراف