Site icon سيريان تلغراف

الحريري .. في كل لقاء سعودي ” فضيحة ” .. بقلم ميسم رزق

بعدما استرسل في سبات سياسي عميق أثار جدلاً واسعاً حول «مستقبله» في بيروت، رفع رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري رأسه مجدداً. وإذ به «يهزه» قليلاً، متأثراً بحركة الزيارات التي قام بها، أو اللقاءات التي عقدها بين فرنسا والمغرب والمملكة العربية السعودية.

سجّل رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، أخيراً، موقفاً جديداً مناهضاً لحزب الله اتهمه فيه «بإرسال مقاتلين إلى سوريا للمشاركة في قمع حركة الاحتجاجات، والمشاركة في قمع المظاهرات المطالبة بتنحّي الرئيس السوري بشار الأسد بكل الطرق الممكنة». قد لا يكون موقف «الزعيم الشّاب» الذي أطلقه على باب الإليزيه الفرنسي، بعد حديث طويل مع رئيسه ركّز فيه على الدور الفرنسي في دعم المعارضين السوريين، جديداً في مناهضته لنظام بشار الأسد. الا أن ذهابه إلى حد زجّ حزب الله في قلب الأزمة السورية، تقاطع مع البيانات المتكررة التي أطلقها تنظيم القاعدة متوعداً «الشيعة في لبنان المؤيدين لحزب الله، الذي يساعد بشار الأسد في قتل السنّة في سوريا». يأتي تطرّف الرجل سياسياً، بعد عدد من المعلومات التي تناولت ارتباط تياره بعدد من عمليات تمويل يقوم بها لدعم خلايا تابعة للجيش السوري الحر في شمال لبنان.

وقد يكون استقواء الشيخ سعد مرتبطاً بما «يروّج له السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري في مجالسه الخاصة عن ضربة إسرائيلية لإيران، وهجوم عسكري يقضي على حزب الله، وتهيئة الحريري للعودة رئيساً للحكومة».

لم يسقط تصريح رئيس الحكومة السّابق سهواً في أحد البيانات التي يطلقها دورياً للتذكير أنه «ما زال هنا». فقد رفع الرجل نبرته وهو يهمّ بالمزايدة على غيره من قادة 14 آذار، في تصريح له لصحيفة «لوموند» الفرنسية. هناك على صفحاتها، ادّعى متباهياً بسبق تكهّناته بما يحصل في المنطقة، قارئاً ما بين السطور في لبنان وسوريا. رشق الحريري «تنظيراته» إثر لقاء جمعه بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، بعدما استقبله وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس وذلك في إطار «دعم باريس لقوى السيادة والاستقلال في لبنان».

ثمّة من ربط حديث الشيخ سعد أوتوماتيكياً، بجرعات فرنسية تلقّاها على مائدة الباريسيين، لجهة موقف الإليزيه من الأزمة السورية. لكن ذلك لا يعدو كونه تحليلات بحسب دائرة الرجل الضيقة، التي أكّدت أن «الحريري طالب الفرنسيين بأن يظهروا دعماً أكبر لفريقه في لبنان، إضافة إلى تصعيد أكبر في مواقفهم تجاه النظام السوري». لكن الرجل المتحمّس «لمس من مضيفيه انضباطاً ضمن الإطار الدولي للحركة السياسية بشأن سوريا». كما أنه «فوجئ بغياب الاندفاع عند الفرنسيين، والذي كان يرنو إليه قبل الزيارة».

وإذ كان الشيخ قد احتفظ لنفسه بالتوقيت السياسي المناسب لعودته إلى بيروت، بعيداً من «التلكؤ» الأمني، فقد بدأ يحيط عودته القريبة هذه بعدد من اللقاءات التي فتحت باب التحليلات على مصراعيه. أولها، كان مع زعيم المختارة وليد جنبلاط في إطار التنسيق الانتخابي. وآخرها، دعوة الغداء الذي تلقّاها للجلوس على مائدة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مقر إقامته بالدار البيضاء إلى جانب عدد من الأمراء السعوديين.

لكن هذا اللقاء لم يحظ بالاهتمام ذاته الذي لقيته الصورة الفوتوغرافية المنشورة للحريري منتظراً مأدبة الغداء بالنكهة المغربية. بدا «المدلل» السياسي في بيروت، طفلاً متروكاً من دون اهتمام سعودي. قبع وحيداً، على هامش «الدردشات» الثنائية التي جمعت الأمراء بمسؤولين مدعوين. ولسوء حظ الحريري، يبدو أن عدسة الكاميرا لا تتفق واطلالاته الإعلامية. ففي كل ظهور رسمي مع الملك السعودي، «فضيحة» فوتوغرافية، ضبطته هذه المرة، كأن أحداً لا يرضى بأن يتحدث معه، أو يتبادل معه حواراً، مع أنه اعتاد كسب رضى الآخرين حيثما كان أو وُجد.

يبرّر مستقبليون صورة الحريري في حضرة الملك، بطبيعة الدعوة. يقول هؤلاء إن «الدعوات غير الرسمية لا تأخذ عادة طابعاً بروتوكولياً»، ومن الطبيعي أن «يجلس الحريري أو أي مسؤول آخر بانتظار التئام الجميع حول الطاولة، من دون أن يجمعه لقاء سياسي بأحد الشخصيات». ويؤكّدون أنه «لم تكن هناك مناقشة جدّية في الأحاديث التي تمّ تداولها، بحيث إن الدعوة كانت عائلية، دعي إليها أمراء من المملكة إلى جانب مسؤولين مقربّين من العائلة المالكة ومنهم سعد الحريري».

أما عن الظهور اليومي، والتصريحات الدورية، فلم يرَ المقربون منه أي «تصعيد جديد». فـ«لغة الرجل السياسية لم تتبدّل منذ الانقلاب الذي نفّذه فريق 8 آذار على حكومته»، كما أن «سقف خطاباته في ما يتعلق بالثورة السورية لا يزال نفسه».

في المحصلة، كل ما يقوم به الرئيس السابق للحكومة يندرج تحت خانة وحيدة: انا هنا.

ميسم رزق

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version