نشرت مجلة “الشؤون الدولية” التي أسستها وزارة الخارجية الروسية مقابلة مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف تحدث فيها عن أهم التحديات التي تواجه العالم أمس.
حيث قال لافروف: يعتبر ميثاق الأمم المتحدة وثيقة فريدة مبرمجة على أنها منظم لعالم متعدد الأقطاب الذي يمكنه في الوقت الراهن الحفاظ على النظام العالمي المعاصر.
فهناك من ينتقد مواقفنا من الغرب ويقول بأن مجلس الأمن أصيب بشلل لأن روسيا والصين استخدموا حق النقض الفيتو ضد مشاريع القرارات التي تهدف إلى إسقاط النظام في سوريا، وهذا الموقف أبعد ما يكون من الحقيقة، فنحن استخدمنا حق النقض الهادف إلى إسقاط النظام مع أن ميثاق الأمم المتحدة لا يسمح بتدخل خارجي من أجل تغيير الأنظمة ويطلب احترام السيادة وسلامة أراضي الدول، وبهذا تكون كل من روسيا والصين قد دافعت عن ميثاق الأمم المتحدة في تصويتها ضد مشروع قرار حول سوريا.
وأضاف لافروف: شاهدنا تضاؤل لدور القانون الدولي وسجل خبراء المجتمع الدولي هذه الظاهرة قبل كل شيء بسبب النشاط الذي يقوم به الحلف الأطلسي في ظل غياب أو إنتهاك قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة، دعونا نوضح الأمور.
فإذا ما تذكرنا الحرب في العراق ومحاولات قادة حلف الناتو الحصول على تفويض من مجلس الأمن، بالرغم من أنه بات معلوماً للجميع أن الأسباب والحجج كانت واهية وعندما فشلوا قاموا بالعمل العسكري بدون الحصول على تفويض لازم، ومع ذلك سرعان ما أصبحت أمريكا تسعى بنشاط لدى مجلس الأمن الدولي لعقد مؤتمر مصالحة وطنية في العراق، هذا ما تطلبه الواقع الموضوعي ولذلك اضطر الحلف العودة لآلية القانون الدولي.
وفي ليبيا لم يقرر الحلف التصرف بدون تفويض من مجلس الأمن لأن أعضاء الأطلسي أصبحوا يدركون تماماً أن القرارات أحادية الجانب لن تحظى تأييداً من المجتمع الدولي، وبالنتيجة حصلت على هذا التفويض، وثمة مسألة أخرى هو أن الحلف انتهك وبشكل فظ قرار المجلس لكن هذه قضية منفصلة.
وحول الأزمة السورية قال لافروف: روسيا ومنذ اللحظة الأولى من الأزمة السورية وقفت لصالح التوصل إلى موقف دولي متضامن لوضع نهاية مبكرة للعنف السائد من قبل جميع الأطراف المتنازعة، ولهذا هناك قاعدة تسوية قانونية سياسية يعتمد عليها المجتمع الدولي. ولكن للأسف فإن بعض الدول الغربية يسعون من خلال تصريحاتهم في الآونة الأخيرة إلى البحث عن سبل لتسوية الأزمة السورية دون اللجوء إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة.
وأنا على ثقة بأن مثل هذه الخطوات ستكون لها نتائج وعواقب مدمرة وخطيرة على سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام وعلى المدى البعيد سيكون لها التأثير السلبي على النظام العالمي المعاصر. مع العلم أن بعض الدول حاولت سابقاً فرض سياساتها على مجلس الأمن الدولي مستبقة نتائج الحوار السوري – السوري والتي تهدف إلى إسقاط النظام السوري وهذا ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، وبدلاً من تسوية الأزمة وإطلاق عملية التفاوض أخذ خصوم النظام السوري من الخارج نهجاً لقلب الحكم في البلاد، ومما يترتب على ذلك فإن بعض شركائنا غير راضين عن الطريقة الدبلوماسية السياسية لتسوية الأزمة وإنهم ماضون في تكرار السيناريو الليبي بدعمهم طرف واحد من الأطراف وجر المعارضة لرفض أي آفاق للحوار السلمي مع الحكومة السورية. وأعتقد أن هذا طريق مسدود، والمخرج الوحيد من الوضع الراهن هو الانقضاض على جميع الأطراف المتحاربة وإجبارها الجلوس على طاولة المباحثات لتحديد معالم مستقبل الدولة ومازال هناك وقت للقيام بهذا العمل وروسيا مستعدة لذلك.
سيريان تلغراف | وكالات