Site icon سيريان تلغراف

سيناريو العراك بين ابو فاضل واللاذقاني

ما يحصل اليوم في برامج “التوك شو” السياسية عبر بعض الفضائيات العربية، لم يعد مجرد نزوة، أو زلة لسان أو حتى زلة “يد”، بل وصل الى حد بات معه من الضروري دق جرس الإنذار.

في الفترة الأخيرة، وخصوصا منذ بدء الأزمة السورية، تحول بعض السياسيين والإعلاميين من ضيوف برامج الحوار السياسي،الى متحاربين، واستحالت طاولات الحوار متاريس.. وإذا كان مثل هذه البرامج شهد في حلقات سابقة ظواهر نافرة مثل رمي ضيف لزميله بكوب الماء والمنفضة، وتبادل الشتائم والتعارك بالأيدي، أو حتى الانسحاب من الحلقة، فإن ما حدث في حلقة أمس الأول من برنامج “الاتجاه المعاكس” عبر قناة “الجزيرة” بين الضيفين الكاتب والمحلل السياسي جوزف أبو فاضل، وعضو “المجلس الوطني السوري” محيي الدين اللاذقاني، بدءا من اللغة المستخدمة وصولا الى”المعركة الميدانية” الختامية، ينذر ليس بتصاعد وتيرة الاحتقان فحسب، بل “بنعي” لغة الحوار هذه المرة.

وليس مبالغا القول انه ربما بات يصح التفكير جديا، باتخاذ تدابير أمنية احترازية لدى القنوات التلفزيونية، أثناء بث حلقات الحوار السياسي! أو أصبح على المقدمين والضيوف ربما توفير بوليصة تأمين على الحياة قبيل المشاركة فيها، في ظل إمكانية التشاجر وإلحاق الضرر الجسدي بالمتعاركين! وانطلاقا من ذلك، باتت المشاركة في مثل هذه البرامج بمثابة مغامرة، يصبح معها الداخل الى الاستديو مفقودا، والخارج منه مولودا! لكن ماذا حصل في حلقة “الاتجاه المعاكس”؟ اتسمت الحلقة منذ بدايتها بالتوتر، وكان لافتا فيها استخدام تعابير استفزازية طوال الوقت، من دون أن يوفر أبو فاضل بانتقاداته دولة قطر و”الجزيرة” عبر شاشتها.

وتطورت الأمور مع الأخذ والرد وتبادل كل أنواع الشتائم الى أن طفح كيل أبو فاضل مع اقتراب الحلقة من نهايتها حين قال له اللاذقاني: “ألم ترفع أنت شخصيا في المطار لافتة “شكرا قطر”؟ فاستشاط أبو فاضل غضبا قائلا: “فشرت برقبتك.. أنت نذل وكلب.. سكّر تمك”.

ونظر حوله على الطاولة ليستعين بما يرمي به خصمه، وعندما لم يعثر على ضالته، ترك مقعده، وهمّ بالهجوم على اللاذقاني الذي وقف بدوره متراجعا الى الوراء، فيما كان أبو فاضل يقول له: “اوعا تفتح تمك”. اللاذقاني: “اخرس… اخرس”. أبو فاضل: “بتاكل قتلة هاه”؟ اللاذقاني: “بذلّك أمام الناس”.

هنا عاجل أبو فاضل اللاذقاني بصفعة قبل أن يصل فيصل قاسم، الذي حاول الفصل بين الضيفين، اللذين واصلا التعارك خلف الكاميرا ليغيب المشهد، فيما سيل الشتائم والسباب من “العيار الثقيل” لم يتوقف على وقع “جنريك” الختام.

ولأن البث المباشر كان قد توقف عند هذا الحد، الا أن الاشتباك بين الضيفين استمر في الكواليس، من دون أن يتمكن قاسم وحده من فرض وقف “إطلاق النار”. فتدخلت “قوة فصل” من العاملين في الاستديو للمساعدة على فض النزاع. وفي اتصال مع الزميل جوزف أبو فاضل، أوضح لـصحيفة السفير ردا على سبب موقفه في الحلقة، أن “محيي الدين اللاذقاني كان يشتمني باستمرار. وقد تحملته بداية. لكنه تناول الجنرال ميشال عون بكلام بذيء قال فيه: “لما هرب معلمك حفيان وترك عائلته وبناته (..)”، وأكمل ذلك بكلام غير أخلاقي، لم يستثن السيد حسن نصر الله، والرئيس بشار الاسد. وهذا يعبر عن مستوى متدن لأنه يتجنب معالجة الموضوع ليغرق في الشتيمة. وعلاوة على ذلك، “يشخصن” الحوار، ليتهمني بالعمالة، كما قال لي “ستدخل التاريخ من باب الخدم”. فكان علي إما أن أغادر الحلقة ليسجل هدفا لصالحه، أو أن أردعه. وقد اعتمدت الخيار الثاني”. وأضاف: “لم أرفع يدي يوما على أحد. لكنني كنت أتكلم بالسياسة ويرد علي بالتجريح. وقد أسكته فيصل قاسم لهذا السبب. لكنه منذ البداية “كان جايي يعمل بطل”. حيث انني منذ دخولي الاستديو، ألقيت عليه التحية، ولم يرد”.

لكن لماذا يفتقد المحاورون في البرامج السياسة المرونة والحكمة؟ يرد أبو فاضل بقوله: “كنت عم بطوّل بالي، لكنه تمادى كثيرا. ما معنى أن يقول اللاذقاني “يلعن الأموات ، أليس للموت حرمة؟ ثم إن الحلقة كانت تميل باتجاه سياسي معين، فالقناة والبرنامج واللاذقاني.. في مواجهتي وحدي. لكن هذا لا يمنعني من تقدير موقف السلطات القطرية، وكذلك فريق عمل قناة “الجزيرة” الذي تعامل معي بايجابية، بعدما فض النزاع بيننا، مناشدا إياي العودة الى الفندق”.

الى أي حد يعتبر سلوكك في الحلقة استعراضيا؟ يرد على السؤال بالقول: “كان كلامه (اللاذقاني) ينم عن حقد. وكنت طلبت من قاسم التدخل لإسكاته وقد فعل. لكن كان الهجوم يشن عليّ عبر أسئلة ملغومة، وشتائم الضيف الآخر، “ما فيي إطلع من الحلقة أو إرجع عبلدي مبهدل.. فوجهت له صفعتين.. وثلاثا!”.

لكن الا تنعون بذلك أسلوب الحوار الديموقراطي؟ يجيب أبو فاضل: “العمل السياسي في لبنان بخير.. وثمة حراك جيد. لكن الوضع السوري حساس، ونحن كمسيحيين وعروبيين نخشى من انفلاته ونتائجه على لبنان. وفي كل الحالات أشكر كل الذين تعاطفوا معي، واتصلوا بي لدعمي”.

* صحيفة السفير

Exit mobile version