في مقاربة لعدد من كبار الباحثين الأميركيين في «المركز الأمني الأميركي الجديد» حول الواقع المستجد في الشرق الأوسط يعتبر هؤلاء أن لبنان يُعد أهم قاعدة خلفية لدعم «المعارضة السورية» بالسلاح والمؤن، وذلك بسبب قرب مناطقه الحدودية من قواعد المسلَّحين، سواء في حمص أو في ريف دمشق حيث أن أبعد نقطة داخل لبنان عن مواقع المسلحين في حمص لا تتجاوز الـ30 كيلومتراً.
ويشير هؤلاء في مقاربتهم التي تتناول المنطقة بشكل عام ومن بينها لبنان إلى وجود حلقة ضيقة تدير عملية تهريب السلاح ومن ضمنها مسؤول لبناني كبير.
ما تقدم في هذه المقاربة الأميركية يدحض بقوة مزاعم الذين ينفون وجود مسارب تهريب السلاح والمسلحين إلى سورية عن طريق أفرقاء في قوى الرابع عشر من آذار أبرزهم «تيار المستقبل» الذي يحظى ببيئة حاضنة في مناطق متعددة على الحدود الشمالية مع سورية.
وفي هذا المجال تؤكد مصادر وزارية أن حالات كثيرة من تهريب السلاح إلى سورية أصبحت موثقة وهي وصلت إلى الجهات التي يجب أن تصل إليها، من موضوع الباخرة التي أوقفت وعلى متنها أطنان من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة إضافة إلى كم هائل من الأعتدة إلى موضوع إلقاء القبض على عناصر وتوقيف سيارات محملة بالسلاح على الحدود اللبنانية ـ السورية، مشيرة إلى أن سورية قدمت إلى لبنان لائحة مطولة موثق فيها غالبية هذه الخروقات.
وتستغرب المصادر التعتيم الحاصل من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية على ملف تهريب السلاح، متسائلة عن المصلحة في حجب المعلومات المتعلقة بهذا الشأن عن الرأي العام.
وتتوقف المصادر الوزارية عند النبرة الجديدة لبعض المسؤولين الكبار في لبنان حيال سورية، معربة عن اعتقادها بأن هؤلاء وقعوا ضحية معلومات خاطئة مفادها أن النظام في سورية بات يقف على عتبة الانهيار، وأعطوهم مثالاً على ذلك اغتيال الأمنيين الأربعة في سورية، غير أن الصورة على الأرض تظهر عكس الرهان الذي سوَّقت له كل من تركيا وقطر والسعودية والولايات المتحدة والذي تماهى معه البعض في لبنان، فأخذوا يطلقون المواقف التي من شأنها أن توتر العلاقات بين البلدين مع العلم أن هؤلاء يدركون في قرارة أنفسهم أن لا مصلحة للبنان في هذا التوتير غير المبرر وغير المنطقي.
غير أن المصادر عينها تؤكد أن هذه المواقف التي ما تزال محصورة ضمن حلقة سياسية ضيقة جداً يصار إلى ترطيبها بشكل جدي لتبديد المناخات السيئة التي ظهرت مؤخراً في مدار العلاقات اللبنانية ـ السورية.
وتقول المصادر الوزارية أن إدارة بعض المسؤولين اللبنانيين آذانهم لجهات خارجية تحرض على حرق المراكب على الضفتين اللبنانية والسورية فيه نوع من الغباء السياسي، باعتبار أن أي دعسة لبنانية ناقصة في هذا المجال فيها نسف للدستور ولاتفاق الطائف وللمعاهدات المبرمة بين البلدين، كما أن هذا الأمر في حال تفاقمه من شأنه أن ينعكس سلباً على الداخل اللبناني، باعتبار أن غالبية الشعب اللبناني تنحاز إلى جانب الإبقاء على العلاقة اللبنانية ـ السورية في منأى عن الصراع الموجود في المنطقة وعلى وجه الخصوص المؤامرة التي تحاك ضد سورية.
وتسأل المصادر الوزارية هل تكافأ سورية بهذا الشكل بعد وقوفها إلى جانب لبنان ومقاومته في مواجهة الأطماع «الإسرائيلية»، وفي مواجهة مؤامرة التقسيم التي كانت تحاك بأيادٍ أميركية وفرنسية وغربية وبمباركة بعض الدول العربية آنذاك؟
وتؤكد المصادر الوزارية أن الجيش اللبناني يقوم بواجبه على أكمل وجه في ضبط الحدود، غير أن الأخبار التي تتحدث عن استمرار تهريب السلاح، وعن إلقاء القبض يومياً على بعض المهرِّبين يدل بوضوح على أن هناك بعض الثغرات التي ينفذ منها هؤلاء المهربون يجب العمل بقوة على إقفالها، خصوصاً وأن أهالي بعض القرى في عكار يتحدثون في العلن عن مشاهداتهم اليومية لمسلَّحين غرباء عن قراهم يعملون على توتير الأجواء مع الجيش السوري، كما أنهم يرصدون عمليات تهريب للسلاح إلى الداخل السوري، وهو ما يعني أن قطبة مخفية ما تزال تحول دون الإمساك بزمام الأمور على الوجه الكامل وقد عكس ذلك بوضوح التقرير الأميركي الذي يتحدَّث عن مسؤول لبناني كبير من بين الحلقة الضيقة التي تعمل على إيصال السلاح والمؤن إلى المسلحين داخل سورية.
سيريان تلغراف