هل بإمكان الديموقراطيات الوليده في مصر وتونس وتلك التي يُسعى لإقامتها في البحرين وليبيا وسوريا واليمن وغيرها من الاماكن، أن تقاوم تهديدات المتطرفين الاسلاميين؟ وهل بإمكانها هزيمة الفكر السلفي الوهابي الذي لا يزال الايديولوجية المعلنة والمحمية في السعودية؟
الحقيقة هي أن الثورات العربية، بغض النظر عن نتائجها النهائية، قد كشفت فلسفة وسلوك الوهابية وأتباعها، ليس فقط كأناس يفتقرون للشرعية والانسانية، لكن كأناس ليس لديهم الكفاءة لتحقيق ظروف أفضل للمسلمين العاديين. لم يكن المحتجون في الربيع العربي بحاجة الى استخدام الاسلام من أجل تحقيق أهدافهم. لم ينتظروا أن يقوم الخالق بتغيير ظروفهم، بل أخذوا المبادرة، وذلك عن طريق مواجهة سلمية مع من يقمعونهم. وفي واقع الامر، فإن الذين أقحموا الدين في الاحتجاجات هم الحكام أنفسهم، مثل أولئك الحكام في البحرين واليمن وليبيا والذين حاولوا استخدام الخوف من الآخر، الاستمرار في سياسة بث الفرقة في مجتمعاتهم وإساءة حكمها. ان الولايات المتحدة الاميركية بحاجة الآن لأن تتوقف عن تأخير بقية المرحلة العلاجية. فقد كانت تقوم بعلاج أجزاء فقط من السرطان الذي تمثله «القاعدة»، بينما تترك الورم الخبيث المتمثل في الوهابية والسلفية السعودية.
لقد ولد بن لادن وترعرع وتعلم في السعودية، ما يعني أنه نتاج هذه الايديولوجية الشمولية، فهو لم يكن من المبتكرين الدينيين، ولكنه كان نتاجاً للوهابية، ولقد صدّره لاحقا النظام الوهابي كجهادي. لقد صرفت السعودية خلال الثمانينيات مبلغ 75 بليون دولار أميركي على نشر الوهابية وتمويل المدارس والمساجد والجمعيات الخيرية في البلاد الاسلامية. واستمر السعوديون في مثل تلك البرامج بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الارهابية في سنة 2001. الخاطفون في «11 سبتمبر» كانوا أصحاب ايديولوجية سعودية وهابية. ومثل هولاء، فالسعودية لديها جيش احتياطي من الارهابيين المحتملين لان المصنع الوهابي للأفكار المتطرفة لا يزال كما هو ولم يصب بأي ضرر.
إذاً المعركة الحقيقية لم تكن مع بن لادن، بل مع مصنع الايديولوجية السعودية التي تدعمها الدولة. لقد كان بن لادن فقط انعكاسا لهذا العنف المترسخ في الايديولوجية الرسمية للمملكة. ان القضاء على بن لادن قد يحرم بعض المستبدين من الحجة الرئيسة التي استخدموها من أجل تبرير عقود من القمع. لكن الولايات المتحدة الاميركية تشجّع حاليا قمع الربيع العربي في البحرين حيث تقوم القوات الامنية الرسمية هناك، روتينياً، بقتل المتظاهرين المسالمين الذين يطالبون بالديموقراطية وحقوق الانسان.
مي يماني : كاتبة سعودية معارضة | السفير
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)