Site icon سيريان تلغراف

ضغط خارجي على لبنان للاعتذار عن رئاسة الجامعة العربية لمصلحة ليبيا .. والهدف سورية !

يواجه لبنان استحقاقا ديبلوماسيا عربيا يتمثل في حلول موعد ترؤسه الاجتماعات الوزارية لجامعة الدول العربية، لمدة ستة أشهر بدءا من الخامس من أيلول المقبل.

حتى الآن، كل التحضيرات في وزارة الخارجية اللبنانية تشي بأن وزير الخارجية عدنان منصور، سيتوجه الى القاهرة مطلع الأسبوع المقبل، وأنه سيترأس الاجتماعات الوزارية العربية، غير أن المناخات في بعض المقار الرئاسية اللبنانية تهدد مهمة منصور بوجود نظرتين مختلفتين اليها.

وقالت أوساط في رئاسة الجمهورية لـ«السفير» إن تشاورا موضوعيا وعلميا يدور حول ترؤس لبنان للمجلس الوزاري العربي، «وهناك آراء مختلفة وسيتخذ القرار المناسب بشأنها».

أضافت أن هناك توجهين أساسيين، الأول يتحدث عن محاسن وإيجابيات ترؤس لبنان للمجلس الوزاري العربي، والثاني يشير إلى المحاذير الناجمة عن تأثير ذلك على سياسة النأي بالنفس التي اعتمدها لبنان تجاه الأزمات العربية المستجدة وتحديداً الأزمة السورية، و«كل ذلك موضع تقييم لدى رئيس الجمهورية حتى يبنى على الشيء مقتضاه».

وتؤكد الأوساط الرئاسية نفسها أن القرار الذي سيتخذ «لن يكون جامداً، ولا يدخل في سياق لي ذراع أي فريق سياسي لبناني، بل سيستند الى مصلحة لبنان أولا وأخيرا وسيتخذ القرار على هذا الأساس ولن يؤدي ذلك إلى أي مشكلة سياسية».

وقال أحد وزراء «جبهة النضال الوطني» (برئاسة وليد جنبلاط) لـ«السفير» إن الوزراء الذين يمثلون «الجبهة» ورئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي يميلون الى اتخاذ قرار بالاعتذار عن عدم قبول المهمة استنادا الى مبدأ النأي بالنفس، وبالتالي تجيير رئاسة المجلس الوزاري العربي إلى ليبيا التي تعقبه بالترتيب الأبجدي للدول العربية.

وتبعا للتشاور الحاصل بعيدا عن الأضواء، بين الرئاسات اللبنانية الثلاث، ثمة انقسام غير معلن.

من جهة، ثمة تأكيد رئاسي «بوجوب نأي لبنان بنفسه عن الرئاسة العربية تماهيا مع سياسة تجنيب الساحة السياسية اللبنانية المزيد من الانقسامات»، وهو الخيار الذي يحظى بمباركة أكثر من دولة عربية تعتبر أنه من الأفضل للبنان أن «يتنحى في هذه المرحلة لأن رئاسته الدورية لن تسهم البتة في مساعدة سوريا أو دعمها ديبلوماسيا، بل على العكس، فإن ذلك سيسهم في تأجيج التوتر بين لبنان وعدد لا يستهان به من الدول العربية التي تدعم الثورة السورية»! ومن جهة ثانية، لا يبدو هذا التبرير مقنعا لقيادتي «أمل» و«حزب الله» وباقي مكونات الأكثرية الحكومية، لا بل «يُشتمّ منه ضغط خارجي، عربي وغير عربي، لثني لبنان عن تحمل مسؤولياته التي ستجعله حكما، خاصة في الأزمة السورية المفتوحة على مصراعيها، والتي باتت تحتاج الى صوت عربي مفتقد مثل لبنان ويكون مقبولا من جميع الأطراف السورية، نظاماً ومعارضات على حد سواء».

وإذا كان احتمال اعتذار لبنان سيضع في سجلّه نقطة ضعف أكيدة كونه قرر بملء إرادته عدم الالتزام بدوره العربي، «فإن تجربة رئاسة لبنان لمجلس الأمن الدولي لمدة سنتين ممثلا المجموعة العربية، قبيل اندلاع “الثورات” العربية وبعدها، بيّنت أنه تمكن من لعب دور إيجابي في هذه القضايا، لا بل كانت هذه التجربة ولادة صيغة النأي بالنفس» يقول أحد الديبلوماسيين اللبنانيين المدافعين عن تحمل لبنان مسؤوليته في المجلس الوزاري العربي.

وتشير أوساط ديبلوماسية مطلعة على المداولات السياسية الجارية الى أن «ترؤس لبنان اجتماعات منظمة إقليمية كجامعة الدول العربية يشكل فرصة يكرس عبرها لبنان موقفه الرسمي المستقل عن الدول العربية كافة، المتمثل بالنأي بالنفس، وهو ما سيسبغ أهمية استثنائية على الرئاسة اللبنانية النائية بنفسها عن الأزمة السورية فتكون قائد «أوركسترا» يدير الاجتماعات السياسية من دون أن يعزف لحنه الخاص في ظل تفكك الأسرة العربية وغياب موقف عربي موحّد».

ويرى معارضو تنحي لبنان، أن الفرصة التي سيمنحها ترؤسه للاجتماعات، تكمن في أنها «تخدم مواقفه وملفاته المتعددة، ومنها الطلب من الدول العربية دعم الجيش اللبناني والمرافعة في شأن الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية والخروق الإسرائيلية اليومية وتنفيذ القرار 1701، فضلا عن الثوابت التي أقرها «إعلان بعبدا» الذي نال شرعية دولية وأجمعت عليه الأطراف اللبنانية».

وترى الأوساط المؤيدة أن هناك فرصة لتحريك بند التضامن مع لبنان ونيل مزيد من الدعم العربي لموقف لبنان لناحية النأي بالنفس والحياد الإيجابي في ظل الخلافات العربية ـ العربية المتفاقمة.

ولا تتوقع هذه الأوساط أي مشكلة إذا تم طرح أي مواضيع خلافية بالنسبة إلى الداخل اللبناني «فالمشهد الذي سنراه في قمة دول عدم الانحياز في طهران سنشهده في اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة.

في طهران تحضر الدول العربية بتوجهاتها المختلفة برئاسة إيران المؤيدة علانية للدولة السورية ا، وهناك أيضا سيعبّر لبنان عن موقفه في خضم المواقف المتناقضة، وفي الأصل ليس هناك موقف موحد في جامعة الدول العربية».

وتضيف الأوساط ذاتها أنه «من الأجدى أن يتصدّى لبنان لهذه المهمة التي سيطول انتظاره لها مجددا لأعوام (كل 11 عاما يحق للبنان أن يتحمل هذه المسؤولية) فيبرز الحضور اللبناني في لحظة تاريخية محفوفة بالمخاطر الإقليمية، من هاجس اتفاقية «سايكس – بيكو» جديدة، إلى هاجس تفتيت المنطقة وسواها، والأفضل للبنان أن يلتقط دورا إقليميا في هذه المرحلة عوض التنحي جانبا، علما أن التنحي لا يعني النأي بالنفس بل تغييب دور لبنان وسط استحقاقات قادمة وطنيا وإقليميا يمكن للبنان أن يقدم فيها قيمة مضافة، كما قد يخفف من ضغوط مقاطعته من قبل بعض الدول العربية إذا تفهمت بعمق موقفه في النأي بالنفس».

القرار لمن؟ يجيب أحد وزراء فريق الثامن من آذار: «لننتظر ما سيقرره مجلس الوزراء في جلسته المقبلة».

سيريان تلغراف | السفير

Exit mobile version