Site icon سيريان تلغراف

استطلاع رأي يصدم المناوئين.. جهات سعودية وازنة مقتنعة بمعاودة فتح القنوات مع الأسد

تلقت مراجع لبنانية تقارير دبلوماسية حول الخلفيات الحقيقية التي دفعت بالمجموعة الخليجية في الجامعة العربية وتحديدا قطر والسعودية إلى تصعيد الموقف تجاه النظام السوري عبر طرح خارطة طريق جديدة تستنسخ «النموذج اليمني» في سوريا، وذلك في أعقاب التقرير المتوازن الذي قدمه المراقبون العرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من مهمتهم في مناطق التوتر السورية.

 ويوضح مصدر واسع الاطلاع على تواصل دائم مع ممثلي الدول الخمس الكبرى في بيروت أن «احدهم أسرّ إليه معلومات على جانب كبير من الأهمية مفادها ان الاقتراح الذي تقدمت به المجموعة الخليجية في تعميم «النموذج اليمني» على سوريا هو اكبر دليل على فشل هذه الدول والمحور الذي يدور في فلكها، اي أميركا وأوروبا وتركيا في إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لذلك سارعوا إلى وضع أسس نقل الملف إلى مجلس الأمن على أن تفلح محاولات إقناع روسيا بمقايضة ما (اقتصادية على الأرجح) لإصدار قرار دولي جديد يضيق الخناق على النظام السوري».

ويقول المصدر «إن الغرب اصبح على قناعة ان التركيبة الديموغرافية في سوريا، تختلف عنها في اليمن، فاليمن دولة عربيــة تحكمها غالبية طائفية، بينما سوريا تحتــضن 35 طائفة، والطائفة السنية الوازنة فيها موزعــة بين عرب وأكــراد، وهناك جزء كبير من المكــونات يؤيد النظــام والاصلاحات وبقاء الاسد ويتخوف من البديل وخاصة الاسلامي أيا كان الشعار الذي يرفعه».

 

ويوضح المصدر «ان محدثيه من السفراء الغربيين اسرّوا اليه ايضا ان قطر والسعودية ومعهما رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، اوكلوا الى احدى مؤسسات قياس الرأي العام الدولية معرفة مدى تمسك الشعب السوري برئيسه وقوة المعارضة المناوئة له شعبيا، وتمثلت «المفاجأة الكبرى» التي خلصت اليها «المؤسسة الكبرى» بان نتيجة الاستطلاع اظهرت ان 55 في المئة من الشعب السوري تؤيد بقاء الاسد رئيسا للجمهورية، والاهم في الاستطلاع ان 95 في المئة من الشعب السوري ليست مع المعارضة وتحديدا نسختها الخارجية والمسلحة.

وان الغالبية ذاتها لا تريد استنساخ التجربة العراقية أو الليبية على الارض السورية، وهي تتمسك بخيار المقاومة في مواجهة اسرائيل».

ويتابع المصدر «ان هذا الاستطلاع ظل اسير ادراج العواصم المعنية ولم يسمح بنشره، خاصة وانه جاء مع بدء عمل المراقبين العرب في سوريا، وكان التعويل ان يؤدي وصول هؤلاء المراقبين الى تأثيرات لصالح المعارضة وأن يغيّر معطيات خلص اليها الاستطلاع الذي اصاب هذه العواصم بخيبة امل كبيرة، مما دفعها الى العمل على ان يكون المراقبون العرب غطاء لخروج تظاهرات ضخمة ضد النظام السوري، فلا الشعب السوري نزل من تلقاء نفسه الى الشارع ضد النظام مع وصول المراقبين ولا المحاولات التي بذلت اثمرت هكذا حراك شعبي، كما ان المراقبين فوجئوا بان التظاهرات خرجت تنديدا بالمعارضة ورفضا للتدخل الخارجي وتأييدا للنظام ومسيرة الاصلاح والتحديث.

وجاء هذا الاستطلاع ليصيب قادة الدول المعنية بخيبة امل اخرى، بعدما ادخلهم تماسك الجيش السوري والتفاف الشعب حول قيادته وجيشه في مأزق، واسقط كل الحجج من ايديهم».

ويشير المصدر الى ان «الاهم هو ما كشفه هؤلاء من ان هناك جهات سعودية وازنة باتت مقتنعة بمعاودة فتح قنوات الاتصال مع القيادة السورية.

لان هؤلاء يعتقدون ان الدعم الروسي العلني والمباشر لسوريا سواء عبر ارسال السفن الحربية الروسية الى ميناء طرطوس او عبر اعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان بلاده ستمارس حق النقض («الفيتو») في حال طرح موضوع التدخل الاجنبي في سوريا، ما كان ليكون لو لم تتأكد روسيا ان نظام الاسد قوي ومتين واسقاطه صعب نتيجة عوامل كثيرة ابرزها دعم الجيش وتماسكه والتفاف الشعب بأغلبيته حول قيادته.

وبالتالي فان روسيا ليست جمعية خيرية، فهي لا يمكن ان تدعم نظاما سينهار او رئيسا سيسقط، لذلك فان هذه القيادات السعودية الوازنة التي تتمتع بالحد الادنى من المصداقية وبعضها كان على تواصل مع الاسد سابقا لا سيما في مرحلة «السين ـ سين» اللبنانية، باتت مقتنعة ان الحل في سوريا يجب ان يكون على طريقة الطائف اللبناني وبدور أساسي للرئيس الاسد، لتستمر سوريا في موقعها المتقدم في العالم العربي المكمل للدورين السعودي والمصري في رسم اي استقرار حقيقي في المنطقة على قاعدة ايجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وانهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي كمقدمة لحل قضية الشرق الاوسط بجميع متفرعاتها القديم منها والجديد وهؤلاء مقتنعون ان لا حل ولا استقرار في المنطقة من دون سوريا ومن دون بشار الاسد».

ويلاحظ المصدر «ان ما يعزز هذه المعلومات هو اعلان واشنطن عن اقفال سفارتها في دمشق مما يؤكد صحة التوجه الروسي تجاه سوريا، فكما ان موسكو اعلنت دعمها لنظام باق بعدما تأكدت ثبات الاسد في موقعه، اعلنت واشنطن عن اقفال سفارتها في دمشق، ولو كان النظام آيلا للسقوط لأبقت واشنطن على سفارتها مشرّعة الابواب في دمشق وعززتها بالمزيد من الكوادر الامنية والعسكرية بعناوين ديبلوماسية، ولكانت تصرفت على اساس ان سفيرها ينشر الديموقراطية على الطريقة العراقية أو الليبية.

كما ان الحملة التي قادها كل من السفيرين الاميركي والفرنسي في بداية الحراك انتهت الى الفشل، فتنقلهما بين مدن التوتر من درعا الى حماه وحمص ومدن اخرى، اعطى نتائج عكسية نبّهت الى حجم الاستهداف وانتهى بهما الامر الى ان يستقبلا بزخات من البيض والبندورة الفاسدة.

والسؤال الذي يحمل الاجابة في طياته، كيف لنظام سينهار وواشنطن التي تقود حملة اسقاطه تقفل سفارتها في دمشق».

داود رمال – السفير

Exit mobile version