تحت هذا العنوان “” نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” مقالا بقلم نيقولاي سوركوف يشير فيه إلى محاولات جر روسيا نحو معسكر خصوم بشار الأسد. جاء في المقال أن موسكو عبرت عن قلقها من قرار جامعة الدول العربية تعليقَ عمل مراقبيها في سورية. وبموجب هذا القرار سيتوقف عن ممارسة مهامهم حوالي مئة مراقب ما زالوا في سورية حتى الآن. أما الحجة الرسمية لهذه الخطوة من قبل الجامعة فهي تصاعد أعمال العنف في البلاد. هذا وذكرت وسائل الإعلام أن اشتباكات جرت أواخر الأسبوع الماضي بين قوى الأمن والمعارضين في كل من حمص وحماة، وحتى في ضواحي العاصمة دمشق حيث ظهرت في الشوارع مجموعات من الجنود الفارين المسلحين.
من جانبها تقول السلطات السورية إن وقف عمل بعثة المراقبين يهدف إلى ممارسة ضغط على مجلس الأمن الدولي الذي من المفترض أن يبحث هذا الأسبوع مشروع قرار حول الوضع في سورية. وهذا المشروع الذي أعدته فرنسا وبريطانيا بالاشتراك مع بلدان عربية يتضمن دعوة بشار الأسد لتسليم السلطة لنائبه الذي سيتعين عليه تشكيل حكومة وحدة وطنية. وبغية الحصول على دعم المشروع توجه إلى نيويورك الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورئيس وزراء قطر حمد بن جاسم آل ثاني. ومن جانبها، لا تزال موسكو تعارض مشروع القرار الذي أعدته فرنسا وبريطانيا بالاشتراك مع البلدان العربية، والمتعلق بنقل السلطة إلى نائب الرئيس السوري. وكانت موسكو قد أوضحت أنها لن تؤيد قرارا بنقل السلطة في الجمهورية العربية السورية لأن بعض الصياغات في نص القرار لا تتوافق والموقف الروسي.
وفي الوضع الراهن تأخذ روسيا بعين الاعتبار التجربة الليبية عندما تحول قرار مجلس الأمن الخاص بحماية المدنيين إلى مبرر للتدخل العسكري الخارجي، ولعمليات القصف الجوي وتقديم الدعم السافر للثوار. وتجدر الإشارة إلى أن ممثلي جامعة الدول العربية لم يفقدوا الأمل بإقناع موسكو لتغيير موقفها. وتتحدث الأنباء عن مشاورات مكثفة يجريها الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مع الدبلوماسيين الروس. وفي هذه الأثناء دعا المجلس الوطني السوري الذي يضم معارضي الخارج، دعا أبناء الجاليات السورية في المهجر للاحتجاج أمام سفارات روسيا في كافة بلدان العالم.
هذا مع العلم أن الخبراء يلفتون إلى أن النتائج المتوازنة التي توصل إليها مراقبو جامعة الدول العربية، وتصريحاتهم بشأن استخدام العنف من الطرفين، لا تنسجم مع صوة “أبيض أو اسود ” التي تصر بعض وسائل الإعلام العربية والغربية على تقديمها عن الوضع في سورية. وترى وسائل الإعلام هذه أن المراقبين فشلوا في تنفيذ مهمتهم الرئيسية، المتمثلة – حسب هذه الوسائل – بفضح جرائم النظام، وتقديم المبرر للتدخل الأجنبي. وطالما فشلوا في ذلك، فلا معنى لمهتمهم. وفي هذا السياق تلفت الصحيفة إلى أن النظام في دمشق ليس بريئاً، فغياب الحريات السياسية، والفساد، والركود الاقتصادي واقعٌ موضوعي في سورية. ومع ذلك، من المستبعد أن يدور الحديث الآن عن “تحرير” الشعب السوري، فحتى المعارضة، وعلى أقل تقدير الداخلية منها، ليست مقتنعة بجدوى التدخل الأجنبي. وبدلا من ذلك يبرز منطق آخر، هو منطق المواجهة مع إيران، الذي يقتضي إزاحة حلفاء هذا البلد حتى لو تسبب ذلك بسقوط ضحايا بشرية، وحدوث حالة من الفوضى، فسورية شريك محوري لطهران في الشرق الوسط. إن سقوط الأسد من شأنه أن يضعف المتشددين الإسلاميين في حركة حماس، وحزب الله في لبنان.