نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” يوم 24 آب مقالا تحت عنوان “روسيا يمكن أن تتخلى عن الدفاع العسكري عن مركزها في سورية”.
وجاء في المقال أن موسكو أوقفت مؤقتا استخدام مركزها للتأمين المادي والتقني والإمداد في طرطوس السورية، لكنها لا تتخلى كليا عن استخدامه مستقبلا. وقامت موسكو برسم مبادئ أساسية للتعامل مع دمشق في المجال العسكري تفيد بأنها ستدعم نظام الأسد على المستوى السياسي وفي المجالين الإعلامي والإنساني، ولا تخطط لتوريد أية دفعات كبيرة من الأسلحة. جاء ذلك على لسان مصادر في الدوائر العسكرية الدبلوماسية، شاركت في المحادثات الأخيرة التي جرت في موسكو الأسبوع الجاري مع الوفد السوري.
إذاً صار من المفهوم لماذا تشظت فجأة مجموعة السفن الحربية الروسية المتألفة من السفن التابعة للأساطيل الروسية الثلاثة. ولماذا غيرت هيئة الأركان العامة خططها الخاصة بدخول السفن التابعة للأسطول الشمالي في البحر الأسود.
ويرى سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي أن هناك فرصا لا تزال قائمة لبلوغ الوفاق الوطني في سورية. ويعني ذلك أن الدعم العسكري لنظام الأسد لا يعتبر هدفا رئيسيا في هذه الظروف.
وخلافا للغرب الذي باشر بتسليح المعارضة بنشاط فإن روسيا سحبت مجموعتها البحرية العسكرية من البحر المتوسط مغيرة بذلك الفكرة الأولية لمناورات “القوقاز – 2012”. قضت بأن تدخل سفن الإنزال الكبيرة للأسطول الشمالي “ألكسندر أوستراكوفسكي” والقديس جاورجيوس” و”كوندوبوغا” الى البحر الأسود وتزور في 11 – 12 آب ميناء نوفوروسيسك الروسي ثم تنضم إلى المناورات.
وكان بوسع السفن الحربية الاستمرار في أداء خفارات قتالية في البحر المتوسط بعد استكمال احتياطياتها. لكن الخطط تغيرت. وقد تحشدت بالقرب من الساحل السوري مجموعات للسفن الحربية التابعة للناتو . وتبدو مجموعة السفن الروسية على خلفيتها كأنها قزم .
وقال مصدر في وزارة الدفاع الروسية إنه من المستحيل الحفاظ على المنشأة العسكرية في طرطوس بطريقة عسكرية ، لأننا لا نستطيع المواجهة العسكرية مع البلدان التي تدعم المعارضة السورية . ونفى المصدر أيضا المعلومات التي ترددت في وسائل الإعلام ، والتي تزعم إجلاء أفراد مركز التأمين المادي والإمداد في طرطوس لتفاقم الوضع في غرب سورية.
وأكد مصدر في قيادة اسطول البحر الأسود الروسي أن الوضع في طرطوس لا يزال هادئا وإنه يستمر في العمل بشكل طبيعي. وأفاد المصدر أيضا أن المعمل العائم “بي أم – 138” المرابط في ميناء طرطوس سيتوجه في أيلول إلى سواستوبول، وذلك بموجب خطة متفق عليها مسبقا، وستحل محلها سفينة أخرى من اسطول البحر الأسود.
فيما رفض المصدر التعليق على المعلومات التي تفيد بأن المنشأة البحرية العسكرية التي تخضع عملياتيا لأسطول البحر الأسود سوف لن تنفذ في الوقت القريب وظيفتها الخاصة بإمداد السفن الحربية. كما إنه لم يؤكد ولم ينف المعلومات التي تفيد بأن سفنا حربية روسية لا تخطط في القريب لزيارة مركز التأمين المادي والتقني والإمداد في طرطوس.
وتقول مصادر في وزارة الدفاع الروسية إن موسكو تدعم دمشق في المجال الاستخباراتي وباستخدام طرق عسكرية دبلوماسية. ويمكنها ان تقوم بإجلاء أفرادها من طرطوس في حال تدهور الوضع بواسطة طائرات النقل العسكري. أما فيما يتعلق بالمواطنين المدنيين فمن المخطط تفعيل طائرات النقل العسكري ووزارة الطوارئ ، علما أن شركة “إيرفلوت” للخطوط الجوية الروسية قد أوقفت رحلاتها الجوية إلى سورية. وبحسب المعلومات الواردة من وزارة الدفاع فإن النقل الجوي مع سورية ينفذ حاليا بشكل اساسي بواسطة طائرات سلاح الجو الروسي.
وصرح إيغور كوروتشينكو مدير مركز الدراسات الخاصة بتجارة الأسلحة لصحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” ان “روسيا لا تتدخل في الوضع بسورية، وإنها تعارض أية سيناريوهات عسكرية يتم وضعها في الغرب ضد هذا البلد، لذلك فإن مصير منشآتها العسكرية سيتوقف على إحلال السلام هناك. ونأمل بأن يدحر الرئيس الأسد المعارضة الراديكالية المسلحة ويجلس إلى طاولة المفاوضات مع ممثلين معتدلين عن القوى السياسية في البلاد يتخذون موقفا بناء.
فيما يرى الخبير العسكري اللواء يوري نيتكايف بدوره أن روسيا ليست لديها خطة واضحة رامية إلى الذود عن مصالحها الجيوسياسية في الشرق الوسط. ويقول:” يبدو أن الوضع صار يتطور من تلقاء نفسه. وكان على موسكو أن تقدم مساعدة أكثر فاعلية لنظام الأسد، بما في ذلك في المجال العسكري التقني، علما انها ستفقد مع سقوط الأسد الحليف والشريك الوحيدا لها في المنطقة”.
سيريان تلغراف