في وقت يواصل فيه منتدى دافوس أعماله التي تتصدرها الأزمة الاقتصادية المستعرة في أوروبا وتفاقم أزمة الديون السيادية الأوروبية ومستقبل العملة الموحدة وجهت وكالة فيش للتصنيف الائتماني صفعة قوية للمجتمعين من خلال تخفيض التصنيف الائتماني لإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وسلوفينيا وقبرص الأمر الذي يزيد من تعقيد مهمة المجتمعين ويؤكد ضرورة التوجه لإنهاء النظام الرأسمالي الذي انهك العالم على الصعد كافة.
ففي وقت كانت تنتظر فيه الأوساط الاقتصادية وأسواق المال تصاعد الدخان الأبيض من المنتدى الذي يعقد هذا العام بمشاركة 40 رئيس دولة وحكومة جددت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي دعوتها لدول منطقة اليورو من أجل بذل مزيد من الجهد وتعزيز جدار للحماية المالية للحد من انتقال عدوى أزمة الديون وخلق الثقة في منطقة اليورو بحيث يمكن بالفعل تلبية حاجاتها التمويلية.
وجاءت دعوة لاغارد بعد دعوات ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي في جلسة سابقة لمنطقة اليورو إلى وضع قواعد جديدة أشد صرامة تحد من عجز الميزانية وفي الوقت نفسه تحذيراته من التأثيرات السلبية لإجراءات التقشف المالي التي يمكن أن تؤدي إلى عرقلة النمو الاقتصادي في العديد من الدول.
ورغم استبعاده التغلب على أزمة ديون منطقة اليورو قريبا وتوقعاته بتصاعد المخاطر التي تهدد دول الازمة الاوروبية دعا دراغي الدول الاوروبية إلى إثبات قدرتها على تسديد المال وعدم طلب المساعدة المالية من غيرها معتبرا ان الميثاق المالي هو الخطوة الاولى تجاه اتحاد مالي.
ودعا الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون اوروبا خلال جلسات المؤتمر إلى التحرك بأقصى قوة لمنع اغراق ايطاليا واسبانيا في الازمة محذرا من ان الامر ليس مجرد انهيار محتمل لليورو بل ازمة تعم العالم في حين اتهم رئيس الحكومة الكندي ستيفن هاربر العواصم الاوروبية بعدم ادراك مدى خطورة الوضع فيما صعد رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون من انتقاداته للعواصم الاوروبية مصوبا هجومه على خطط فرنسا والمانيا لفرض ضريبة جديدة على التعاملات المالية.
واعتبر كاميرون أن مجرد التفكير في هذا الخيار حاليا ضرب من الجنون إذ يمكن أن يكلف اقتصاد الاتحاد الأوروبي حوالي مئتي مليار يورو وما يصل إلى خمسمئة الف وظيفة.
وبالتزامن مع ذلك وبعد أيام معدودة على الضربة التي وجهتها وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني لتسع دول اوروبية بينها فرنسا اصدرت وكالة فيتش للتصنيف امس قرارا بخفض درجة تصنيف الديون الطويلة الامد في خمس دول بمنطقة اليورو.
والدول التي تلقت الضربة الجديدة هي ايطاليا التي خفضت تصنيفها بمقدار درجتين الى /ايه/ ناقص وكذلك اسبانيا الى /ايه/ وبلجيكا درجة واحدة إلى /ايه ايه/ وسلوفينيا درجتين الى /ايه/ وقبرص درجة واحدة الى /بي بي بي ناقص/ وترافقت هذه التصنيفات مع افق سلبي ما يعني أن فيتش تعتزم فرض خفض اخر لتصنيف هذه الدول بعدما وضعت درجاتها تحت المراقبة إضافة إلى درجة ايرلندا.
ويأتي ذلك بينما تتواصل الاجتماعات في دافوس وسط إجراءات أمنية مكثفة شملت انتشار نحو خمسة آلاف جندي سويسري وتحليق طائرات إف أيه 18 في الأجواء لحماية المجتمعين من غضب شعوبهم الذي عبرت عنه حركة احتلوا المنتدى الاقتصادي العالمي وعلى وقع الانباء عن الاعتقالات في صفوف المحتجين وكذلك في وقت تقترب قمة اوروبية جديدة من الانعقاد يوم الاثنين القادم في بروكسل وسط امال ضعيفة في ان تطوى صفحة أزمة الديون.
ويشكك مراقبون في فعالية الحلول التي سيخرج بها كل من منتدى دافوس والقمة الاوروبية المرتقبة متوقعين ان تكون كافة الحلول تقليدية ومكررة على غرار ما خرجت به القمم الاوروبية الـ 13 التي عقدت العام الماضي لاحتواء الازمة والتي اثبتت فشلا ذريعا لقادة اوروبا في الاتفاق على حل يجنبهم السيناريو الاكثر تشاؤما بالنسبة لهم وهو تفكك الكيان المسمى بالاتحاد الاوروبي.