اصدرت قمة التضامن الاسلامي بمكة المكرمة في 15 آب قرارا بتعليق عضوية سورية في منظمة التعاون الاسلامي بحجة ” انتهاك حقوق الانسان وارتكاب الجرائم بحق شعبها”. لكن من يصدر الاحكام حول حقوق الانسان؟
تضم منظمة التعاون الاسلامي 57 بلدا لا تحتل اكثريتها مراتب الاولوية في التصنفيات الدولية في مجال حقوق الانسان. فقد أوردت منظمة “فريدوم هاوس” الامريكية للدفاع عن حقوق الانسان نصف هذه البلدان اي 27 بلدا ،فيما يخص حرية الصحافة ، في كشف البلدان التي لا توجد فيها حرية صحافة اما الباقية فتوجد فيها جزئيا.
وإليكم بعض الامثلة فقط: لنأخذ المملكة العربية السعودية التي دعت الى عقد القمة واحد المبادرين لتعليق عضوية سورية في المنظمة. فهي تحتل مرتبة واطئة جدا في التقارير السنوية لمنظمة ” فريدوم هاوس” حول الحريات السياسية ، علاوة على ان المملكة تحتل آخر مرتبة بين البلدان العربية ، شأنها شأن ايران فيما يتعلق بحقوق المرأة. ولدى الحديث عن بلد عربي آخر هو البحرين الذي تجتاحه موجة الثورة فأنها تتقدم على المملكة العربية السعودية وسورية بنقطة واحدة فقط.
ولنأخذ مقتطفات من تقرير منظمة أخرى للدفاع عن حقوق الانسان هي منظمة العفو الدولية “امنيستي انترناشنال” لعام 2012 فيما يخص المملكة العربية السعودية. وجاء فيه ” كانت الاحتجاجات المقررة تقمع بقسوة ، واعتقل المئات من الافراد المشاركين فيها ممن تجرأوا على المطالبة باجراء الاصلاحات ، وحوكم الكثيرون منهم بتهم تتعلق بالسياسة والأمن. .. علما ان النظام القضائي والمعلومات عن السجناء ، ومنهم سجناء الضمير ، يسودها جو من التكتم الشديد، بالرغم من استمرار التعذيب والمحاكمات الصورية كما يبدو ذلك بجلاء.. ويعاني السجناء من القسوة والمعاملة اللاانسانية وإهانة الكرامة البشرية”. ويشار في التقرير بصورة خاصة الى ان العقاب لا يلحق من يمارس انتهاك حقوق النساء والمهاجرين .
علما ان التقرير لا يشير الى سقوط الضحايا في القطيف ، لكنه يركز الانتباه على قيام المملكة العربية السعودية بإرسال الجنود والدبابات والمعدات العسكرية الأخرى الى البحرين من أجل قمع الحراك من أجل الاصلاحات.
أما بصدد البحرين نفسها فيذكر التقرير سقوط ضحايا في اثناء قمع مظاهرات الاحتجاج وكذلك وجود القتلى في السجون بنتيجة التعذيب. وحسب معطيات المدافعين عن حقوق الانسان فأن المحاكمات الخاصة بمظاهرات الاحتجاج قد جرت خلافا للقواعد في محاكم عسكرية وحكم على بعض زعماء المعارضة في البحرين بالسجن مدى الحياة. وطرد العديد من المتظاهرين من وظائفهم كما فصل الطلاب من الجامعات.
ان الاوضاع الوارد ذكرها هناك لا تختلف عما جرى في سورية… علما ان هذا لا يشكل تبريرا للسلطات السورية لكنه يمثل دافعا للذين صوتوا على تعليق عضوية سورية في منظمة التعاون الاسلامي للتفكير في مصيرهم أنفسهم . وليس من قبيل الصدف ان يدور الحديث في مواقع الانترنت العربية والشبكات الاجتماعية والمدونات عن الحلم في ان يروا كيف سيتكرر ما يحدث الآن في سورية في المملكة العربية السعودية والبلدان الأخرى التي تمول اسقاط النظام السوري .
ماريانا بيلينكايا
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)