كشف مصدر دبلوماسي أبرز مضامين السيناريو الاستخباري ــ العسكري التركي والاميركي الذي تحدثت عنه كلينتون خلال زيارتها الأخيرة لتركيا وتحفظت عن إعطاء تفاصيل بشأنه.
المصدر كشف لصحيفة الأخبار اللبنانية أن المقصود بمنطقة الحظر الجوي ليس فرضه بواسطة طائرات أميركية أو تركية أو حتى أطلسية، ذلك أن قرار حلف شمالي الأطلسي لا يزال على حاله، وهو عدم التورط العسكري مباشرة في سوريا. ووفقاً للمصدر، فإن المقصود هو اقامة منطقة تخضع لسيطرة «المعارضة» تمتد من النصف الشمالي لمدينة حلب وصولاً إلى شرق إدلب حتى حدود منطقة الحسكة الكردية وحتى غرب القامشلي. ويلاحظ أنه ضمن هذه المنطقة يوجد مناطق كردية في مكانين حصراً، هما عفرين وقرى تقع غرب أعزاز.
وتتطلع الخطة التركية ــ الأميركية إلى فرض حظر جوي في هذه المنطقة على سلاح الجو السوري، من خلال تدخل تركي غير معلن، وذلك بالنيابة عن كل الحلف الأطلسي ومجموعة دول «أصدقاء الشعب السوري». وقوام الحظر تزويد المعارضة بصواريخ ستينغر المضادة للطائرات، على أن تدار هذه الصواريخ بواسطة ضباط أتراك، وعدم وضعها بأيدي المجموعات السورية المسلحة لتجنب تسربها إلى أيدي القاعدة، ولا سيما أن الاستخبارات الغربية، تكوّن لديها إدراك عميق بأن القوة الصلبة من بين كل المعارضة السورية المسلحة تتكون من أصوليين إسلاميين.
والفلسفة العسكرية التي تقوم عليها هذه الخطة، تنطلق أولاً من أن تأمين الحماية لهذه المنطقة بصواريخ ستينغر، سيؤدي الى حظر جوي فوقها من الأرض، على أن يتم تشغيل هذه الصواريخ بواسطة ضباط أتراك وبشكل غير معلن. ثانياً، يوجد رهان على أن صواريخ ستينغر، التي نجحت في هزيمة الجيش السوفياتي في أفغانستان، ستحقق نفس النتيجة مع الجيش العربي السوري. فالستينغر، بعكس صواريخ سام، قادر على تضليل البالونات الحرارية التي تطلقها الطائرات المقاتلة لتفادي اصابتها. ورغم أن ستينغر هو صاروخ مضاد للطائرات ذات المستوى المنخفض عن سطح الأرض (11 ألف قدم)، ما يعني أنه لن يكون بامكانه مواجهة طائرات ميغ القادرة على القصف من ارتفاع عال، الا أن الاستخبارات الاميركية والتركية تعتقد أن نوعية المنطقة التي سيتم اختيارها لاقامة المنطقة الآمنة عليها ستكون بمعظمها مكونة من مناطق مرتفعة. ويذكر المصدر الدبلوماسي أن «المجاهدين» في أفغانستان عملوا انطلاقاً من الأمكنة العالية في تكتيكات اسقاط طائرات ميغ بنسبة نجاح وصلت الى 72 في المئة، وكان اجمالي ما أسقطوه هو 270 طائرة.
ويتمتع ستينغر بميزة أنه يمكن لحامله استخدامه والاختفاء من مكان انطلاقه بسرعة، كما أن منظومته كدفاع جوي متحرك ومحمول على الكتف أو من عربات ذات عجلات خفيفة التدريع، ستساعد على تغطية معظم المجال الجوي للمنطقة الآمنة.
وتلحظ هذه الخطة أيضاً، عاملاً اضافياً يتمثل في أن حلب ستبقى ساحة حرب مفتوحة، لن يصار إلى حسمها، وذلك في نفس الوقت التي سيتم فيه إنجاز المنطقة المحمية بصواريخ ستينغر المشغلة من ضباط أتراك، وستقوم هذه المنطقة بوظيفة القاعدة الخلفية اللوجستية «للمعارضة السورية» واستقبال المجاهدين غير السوريين. وتقول المعلومات إن أول صفقة من صواريخ ستينغر وصلت فعلاً الى هذه المنطقة.
المصادر الغربية توقعت واستناداً إلى معلومات استخبارية بأن أحد ردود سوريا ستكون عبر تزويد المعارضة بمنطقة حظر جوي بواسطة صواريخ ستينغر يشغلها ضباط أتراك، يتمثل في إقامة منطقة كردية تمتد على مناطق واسعة من محافظة الحسكة السورية الواقعة على حدود جنوب شرق الأناضول، التي يقطنها الأكراد السوريون. حسب المصدر
وتنظر تركيا بخشية كبيرة إلى هذا الإجراء السوري لانعكاساته الخطرة على أمنها القومي، كونه سيجعل مساحة الاشتباك التركي مع الأكراد ممتدة على مساحة واسعة.
والإجراء الأشد خطورة حسب المصدر هو الرد على تسليح المنطقة المحمية داخل الأراضي السورية بصواريخ ستينغر، بتزويد المنطقة الكردية في الحسكة بصواريخ سام قادرة على إسقاط الطائرات التركية ليس فقط فوق أجواء هذه المنطقة بل فوق أجواء الاراضي التركية حيث تجري الاشتباكات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي. وما يضاعف قلق أنقرة من احتمال اتخاذ دمشق هذا الإجراء، هو معلومات استخبارية تفيد بأن موسكو نجحت في تطوير جيل جديد من صواريخ سام قادر على تضليل البالونات الحرارية التي تتسلح بها الطائرات لتلافي إصابتها به.
المصدر أشار إلى أهمية قضية الغاز في الصراع الدائر في سوريا، وقال المصدر: تمتلك سوريا منطقة اقتصادية محاذية لتركيا وقبرص اليونانية ولبنان. وهذه المنطقة أكبر بكثير من المنطقة الاقتصادية اللبنانية، لأن السواحل السورية أطول من الساحل اللبناني، وهي قانونياً تمتد ٢٣٥ كلم من الشواطئ، ما يعني أنها تصل إلى قبرص. وبالتالي، فإن المناطق الاقتصادية القبرصية التركية والقبرصية اليونانية واللبنانية والتركية متداخلة مع المنطقة الاقتصادية السورية.
وهذا الواقع يخلق قضية استراتيجية وتاريخية للدول المنخرطة في طموحات الإفادة من مخزونات الغاز، نظراً لكونه يحقق أمرين اثنين. الأول، الاكتفاء الذاتي من الطاقة للبلدان المستفيدة، ويلاحظ في هذا المجال أن إيران نظراً لكون نفطها يشارف على النضوب، تحاول إيجاد بدائل نووية، بينما بلدان المتوسط تطفئها كميات الغاز الموجودة تحت سطح بحارها والتي لا تحتاج إلى عمليات تكرير كبيرة، من تحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى الطاقة. الأمر الثاني يتمثل بأن هذه الكميات الكبيرة من الغاز تسمح لها بتصدير مناسيب كبيرة منه الى اوروبا الغربية.
سيريان تلغراف