Site icon سيريان تلغراف

سعودية بندر تؤسّس لـ”داحس” و”غبراء” عربية .. بقلم يونس عودة

مع عودة بندر بن سلطان إلى الواجهة السياسية – الأمنية في مملكة آل سعود، وشطب مراكز أكبر قرار مهمة في البيت السعودي، ولاسيما الجناح الذي يمثّله الملك عبد الله، تسلّطت الأضواء على المرحلة العربية المقبلة، انطلاقاً من أن بندر المعروف بتورطات أمنية ومالية ضخمة، سيجعل من الانتقام “قاعدة” عمله بعدما أبعد عن الأضواء بتعليمات أميركية، إذ إن الظروف التراجعية للولايات المتحدة كانت تقضي بإبعاد رموز أميركا المتطرفين عن المشهد مباشرة.

لا يشك أحد بأن تنظيم “القاعدة”، أو على الأقل غالبية فروعه ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأجهزة الاستخبارات السعودية، ولاسيما مع الأمير بندر بن سلطان حين كان سفيراً لآل سعود في الولايات المتحدة الأميركية، وازدادت العرى توثيقاً مع انتقال بندر إلى السعودية رسمياً كمستشار للأمن القومي، بحيث تمّ تحريره من الصفة الدبلوماسية بعد 22 سنة كسفير في واشنطن، وهي أطول مدة في التاريخ لسفير في بلد واحد ولفترة متواصلة، وخلال تلك الفترة تمّ إنشاء تنظيم “القاعدة” لكي يلعب دوراً في المستقبل، وفق الرؤية الأميركية، لكن بإدارة بعيدة عن النظر.

ولعل أول عملية نوعية قامت بها ” القاعدة” من ضمن المخطط الذي أعدّ له بندر مع المخابرات الأميركية لبناء قاعدة اتهام لإيران وأصدقائها كانت عام 1996، والمتمثّلة بتفجير أبراج “الخُبر”، فيما كل الدلائل لدى المخابرات الاتحادية الأميركية التي غطّت الطرف عن كيفية تنفيذ العملية بعد تحقيقات أجراها العديد من المحققين الأميركيين المختصين بتنظيم القاعدة، كانت تشير إلى مسؤولية الأخير عن التفجير الذي راح ضحيته 19 جندياً أميركياً، وإصابة 372 آخرين، وكشفت أكثر من عشرة مصادر مطلعة على التحقيقات أن مؤشرات عديدة وأدلة وقرائن قطعية، تشير إلى تورط القاعدة في هذه العملية، بتسهيل من رسميين في دوائر سعودية حساسة، شدّد أحد المحققين الأميركيين على أنه أصرّ على التحقيق مع أربعة عناصر في القاعدة اعتقلوا بعد تفجيرات “الخُبر”، لكن الجهات الرسمية منعته من مقابلتهم.

غياب بندر بن سلطان الذي كان يُلقّب بـ”بندر بن بوش” لقربه من آل بوش في أميركا، والذي تراجع نجمه تدريجياً مع خسارة جورج دبليو بوش الرئاسة الأميركية، إلى أن ابتعد نهائياً مع خبو المشروع الأميركي في العراق قبل سنتين، وغياب كلّي بعد الاندحار الأميركي من العراق، عاد من جديد اسمه الأسود إلى دائرة الضوء فور تعيينه في مركز مدير المخابرات بديلاً لعمّه مقرن بن عبد العزيز، الذي تزايدت الانتقادات الموجهة له خلال الأشهر الماضية لسبب غبائه الاستخباري والقمع دون المطلوب أميركياً الذي يمارسه ضد المعارضين على شدّته، واتهامه بالانشغال المفرط بملذّاته الشخصية، وكأن بقية آل سعود أنقياء أتقياء ويتورعون عن ارتكاب الفحشاء بأشكالها المتعددة.

وترافقت عودة بندر إلى الضوء مع موجة تفجيرات هائلة اجتاحت العراق بالتزامن مع اشتداد الضغط على سورية تفجيراً وقتلاً فوق التصوّر.

وتكشف تقارير دبلوماسية غربية وصل بعضها إلى دوائر عربية تتقرب من السعودية، أن إدارة بندر لملف الإرهاب تبدت أولاً في استئناف الدعم المادي واللوجستي للجماعات الإرهابية في العراق، والتي كانت في حالة كُمون أمني لنحو سنتين باستثناء بعض العمليات التذكيرية لإبقاء فتيل الفتنة شاعلاً.

 وقد أعاد بندر ترتيب الأولويات بعدما تراجع الدور الاستخباري السعودي في لبنان والعراق واليمن ومصر على وجه التحديد، ويأمل من خلال ذلك خلط الأوراق في الدول المذكورة، إضافة إلى التدخل الدموي المستمر في سورية، والذي جرى التعبير عنه في مواقف لما يسمى “الحكومة” عند آل سعود، حيث إن الملك عبد الله لم يعد من يصرح عنه ويطلق الدعوات باسمه لتأجيج الوضع السوري، وبالمنهج الدموي نفسه الذي عاد إلى العراق وبدعم غير مشروط من النظام الاسترهابي في قطر وبغطاء أميركي كامل الأوصاف والتضليل.

وحسب دبلوماسيين، فإنّ التفجيرات الأخيرة في العراق هي بمنزلة رسالة سريعة من سعودية بندر إلى الحكومة العراقية بسبب دعمها لسورية، وارتفعت حدّتها بعد موقف العراق في اجتماع اللجنة الوزارية العربية في الدوحة، بحيث اعترضت والجزائر على التدخل بالشأن الداخلي السوري عبر الطلب بإسقاط الأسد، وإنشاء منطقة آمنة تكون منطلقاً للعدوان، وتشكيل حكومة للمعارضة تحت عنوان انتقال سلمي للسلطة.
والانتقال السلمي الذي يثير الاشمئزاز قياساً إلى منسوب القتل المرتفع الذي تموّله السعودية وقطر، لا يتوقف عند حدّ القتل اليومي، بل العمل برعاية بندر وتمويله على استدراج الأكراد العراقيين والعشائر السُّنية في المناطق العراقية المحاذية لسورية، لزجّهم في بحر الدماء الذي يستسيغه البنادرة على وهم بإسقاط سريع للنظام في سورية.

إن الدور الأساسي لبندر بن سلطان بعد فرضه على عمه الملك، وهو ابن الحبشية، لن يتوقف ــ حسب تقارير سعودية ــ عن إشعال العراق، الذي يعتبر آل سعود والأميركيون أنهم دفعوا أثماناً غالية وفقدوه، بل في زيادة منسوب الفتن في المنطقة لإشعال حرب فيها أخطر من داحس والغبراء.

يونس عودة

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version