Site icon سيريان تلغراف

كراسنايا زفيزدا: صيد كبير.. ولكن للمرة الأخيرة

صحيفة “كراسنايا زفيزدا” تنشر مقالة للفيلسوف والمفكر اندريه فورسوف يعبر فيها عن رؤيته للأحداث التي تشهدها الساحة الدولية، وسورية على وجه الخصوص. إذ يعتبر فورسوف أن سورية واحدة من دول قليلة في منطقة الشرق الأوسط التي يحكمها نظام علماني. وحظوظ إسلامييها للوصول إلى سدة الحكم فيها متواضعة للغاية. علاوة على أن سورية تتحالف مع إيران، والأسد لا يرغب في التبعية للأمريكان، والإسهام في إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط بطريقة تمكن النخبة في حلف شمال الأطلسي من تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية، والحفاظ على مواقعها وامتيازاتها ونفوذها. إن عالم ما بعد الأزمة لا يوجد فيه مكان لسورية بنظامها الحالي.

وفيما يتعلق بالتدخل التركي والفرنسي في الشأن الداخلي السوري، فإن سقوط سورية، إذا كان قريبا، فإنه يقوي موقع تركيا كواحدة من الدول المحورية في المنطقة. لكن هذا سيحدث فقط إذا كان السقوط قريبا فعلا، لأن استبعاد أو إضعاف سورية على المدى البعيد يعني زيادة الإملاءات الأمريكية في المنطقة عموما وعلى تركيا على وجه الخصوص.

وفي ما يتعلق بفرنسا وإيطاليا فإن الحديث هنا لا يدور عن الحكومات بقدر ما يدور عن النخب الحاكمة، التي تملك طموحات عابرة لحدودها. وهي أهداف فئوية وجيوسياسية تختلف بشكل كبير عن المصالح الوطنية للحكومات الأوروبية. ذلك أن النخبة المتنفذة في حلف شمال الأطلسي والتي يسيطر عليها الأمريكيون بالدرجة الأولى، مهتمة في اختلاق المشاكل لأوروبا الغربية كمنافسة قوية للولايات المتحدة، علما بأن جزء أوروبيا لا يستهان به  من التحالف الأطلسي يساهم في هذه اللعبة. فعلى سبيل المثال، سعت هذه النخب لإيجاد كوسوفو كدولة، لكي تكون معبرا لتجارة المخدرات. وهذا يعني عمليا وجود قنبلة موقوتة في أوروبا، يمكن أن تنفجرفي أية لحظة. وبالرغم من إدراك الزعماء الغربيين لهذه الحقيقة، إلا أنهم قبلوا بها، نظراً لأن النخبة الأوروبية، تشكل جزءاً من التجمع الأطلسي، فوق الوطني، ذي النواة الأنجلوساكسونية.

ويرتبط ذلك بشكل معقد مع الأزمة المالية العالمية، ومع أزمة النظام العالمي. ولكي تحل النخبة العالمية مشاكلها، لا بد لها أن تقضي على الدول القومية، لفتح المجال أمام الشركات متعددة الجنسيات، ومعها الشركات الأمنية ـ العسكرية الخاصة، وتبدأ بممارسة الضغط على مصالح تلك الدول. فتحطيم الدول القومية، والقضاء على استقلاليتها وإنشاء مناطق للفوضى الموجهة، أو الفوضى المسيطر عليها، هي واحدة من أهم المهام الرئيسية للنخبة الشمال أطلسية في ظروف الأزمة. عند ذلك، تحاول النخبة العالمية اقناع الناس بأن الدولة قد شاخت، وعفا عليها الزمن، وأصبحت تعيق التدفق الحر والسلس للبضائع ورأس المال.

من هنا فإن ما يحصل اليوم في منطقة الشرق الأوسط ـ إنها بداية اللعبة الكبيرة في المنطقة، التي من المفترض أن تحل الكثير من مشاكل الشركات متعددة الجنسيات، لكنها لن تحل مشاكل الأزمة ذاتها. لأنها، أي الأزمة، تتسم بطابع مؤسساتي منظوماتي، ولا تنفع معها أي أساليب خاصة. لكن ذلك من الممكن أن يؤجل الأزمة ويسهلها بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات وللنخبة الشمال أطلسية.

والواضح هنا شيئ واحد، وهو أنه على بقعة صغيرة من الأرض، هي سورية، ستتقرر اليوم  نتائج المعركة من أجل المستقبل، يكون الخاسر فيها من يسهو ولو للحظة.

Exit mobile version