Site icon سيريان تلغراف

إسرائيل تقتنع خوفاً من الثمن .. بقلم محمود ريا

الولايات المتحدة “أقنعت” إسرائيل بعدم مهاجمة ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية . هذا الخبر الذي ورد في رسالة قصيرة من أحد مزودي الأخبار المحليين فتح الأفق على أسئلة كثيرة، تزيد عن عدد الكلمات القليلة التي تحملها الرسالة .

ولعل السؤال الأكبر هو كيف يمكن لطرف ما أن يقصف مخازن الأسلحة الكيماوية في بلد آخر، دون أن يحسب حساب الأضرار التي ستلحق بالمدنيين الموجودين في مناطق قريبة من أماكن هذه المخازن؟ ألا يمكن اعتبار هذا القصف جريمة إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية؟

إن استهداف “مخازن الأسلحة الكيماوية” يؤدي إلى سقوط عشرات آلاف الضحايا في مساحات شاسعة من الأراضي، أفلا يحسب القاصف حساب ذلك؟ والجواب عن هذا السؤال يبدو بسيطاً بالرغم من فجاجته: من يأمن العقاب لا يحسب أي حساب.

وإذا كان هذا السؤال المركزي والمهم يحمل جوابه في طيّاته فإن هذا لا ينفي أنه يولّد أسئلة أخرى لا بد من الوقوف عندها: أيّ عقاب مثلاً تأمن منه “إسرائيل” عند ارتكابها لهذه الجريمة المحتملة؟ هي طبعاً تأمن عقاب الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتأمن عقاب الولايات المتحدة والغرب، وتأمن عقاب جامعة الدول العربية والأنظمة العربية، وربما تأمن عقاب الشعوب العربية التي بات الضياع يأكل الكثير من قدرتها على ملاقاة العدوان الصهيوني بالغضبة الكبرى.

مقابل هذه الضربة الإسرائيلية المفترضة ليس هناك حرب عربية على المعتدي، وليس هناك عقوبات دولية عليه، ولا هناك إدانة ولا تنديد، وربما لا تظاهرة غاضبة أو تصريح منتقد.

الجو كله مطبّع، الأمور كلها مرتّبة، وسائل الإعلام لعبت دورها.. وليس هناك أي خشية من هذا الأمر. إلا أن ذلك لا يُعفي من عقاب آخر، هو ماثل وممكن، لا بل مرجح ومؤكد.

أي بركان ستفجره “إسرائيل” في وجهها، وأي زلزال ستعرّض كيانها له إن فعلت ما تقول إنها ستفعله؟ إذا ذهب آلاف الضحايا في سوريا نتيجة عدوان صهيوني من هذا النوع، فكم سيكون الثمن الذي سيدفعه المستوطنون الصهاينة جرّاء ذلك؟ أي كابوس ـ فوق مستوى التخيّل ـ سيُطبق على من اتخذ قرار الضربة، وعلى من نصّبه عليه، ومن ثم على كل من وافق على هذه الخطوة الخرقاء المجنونة؟ بعيداً عن “الثمن الأخلاقي” الذي قد لا يدفعه الصهاينة (في عصر لا أخلاق فيه)، فإن هناك ثمناً آخر، حقيقياً ودموياً وداهماً، سيكون على الصهاينة تأديته منذ اللحظة الأولى لانطلاقهم في مسيرهم نحو المجهول.

إزاء هذا الواقع، يصبح مضحكاً حديث الأميركيين عن “إقناعهم” قادة العدو بأن لا يضربوا مخازن الأسلحة الكيماوية السورية”.

ومع أن وجود أسلحة من هذا النوع في سوريا يبقى في إطار الافتراض، ولا دليل عليه، وهو في موقع النفي من القيادة السورية، فإن “العقاب” لن يتوقف عند كون الضربة موجهة إلى مخازن الكيمياويات، بل هو سيكون الرد على أي ضربة من أي نوع ومن أي حجم داخل سوريا أو في المحيط.

مضحك تبجّح الأميركيين بقدرتهم على إقناع الصهاينة، بينما الواقع يدعوهم إلى تذكيرهم بالثمن فقط، كي يتحوّلوا من سباع ضارية، إلى ثعالب، تضع أذيالها بين أرجلها، وتولّي الأدبار.

محمود ريا | الانتقاد

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

Exit mobile version