تستغرب كلام المصدر الأمني الروسي العامل حتى الساعة على ملفات سورية وجوارها الطبيعي في وزارة الخارجية الروسية، التي تستعيد ببطء تقاليد سوفياتية في الدمج بين خبراء الأمن والديبلوماسية عبر شخصيات منتقاة بعناية ، خبير في الشأن السوري ويتحدث العربية بطلاقة ، رجل ظل ورجل ميدان ولكنه أيضا خبير حرب دعائية ويفهم تفاصيلها .
يقول الرجل العائد من سورية في إستراحة محارب :
الوضع صعب لكن ما يستند عليه الموقف العسكري والمعنوي للجيش السوري اساسه صلب ومتين ، وما يهدف اليه الجيش السوري حاليا هو تنظيف المناطق المدينية الكبيرة والطرقات الموصلة بين المحافظات والقرى الحدودية كافة من المسلحين ومن التواجد العلني لقوى المرتزقة ، بحيث يمسك الجيش بداخل البلاد تماما ومن ثم يقفل الحدود بشكل شبه كامل وينطلق حينها النظام في عملية سياسية تحرج المعارضين وتعطي الرأي العام حجة العودة إلى بيت الطاعة الدولي .
فأقصى ما يطالب به المعارضون الشرفاء سيقدمه النظام للشعب السوري مختارا ولكن بعد سحق مرتزقة الأميركيين والقضاء على تجمعاتهم بشكل كامل .
ويتابع المصدر:
أحلام الأميركيين في سورية لن تتحقق والمستوى السياسي في روسية لا يملك حرية حركة كاملة في التعاطي مع الملف السوري فهذه مسألة أصبحت موضع عناية القيادتين العسكرية والأمنية في موسكو ، ولهاتان القيادتان دور إستراتيجي في دعم الرئاسة الروسية وفي توجيه السياسات الروسية الخارجية بما يحفظ الأمن القومي الروسي ، والمعركة مع الأميركيين في سورية معركة أمن قومي روسي .
وعن حال الجيش السوري ميدانيا يقول المصدر :
الثمن المرتفع بين المدنيين يعوق حركة الجيش ويطلق يد المرتزقة والأميركيين ، ولكن هناك ضوء أخضر روسي للجيش السوري بحيث يقوم الأخير بما يلزم للقضاء على قوات تقاتل تحت القيادة الأميركية في داخل المدن السورية وبين المدنيين السوريين .
كان هناك صبر وعناية سورية تراهن على الحل السياسي لتجنب الكأس المرة التي ستكلف المدنيين والمدن السورية في البنى التحتية وفي العمران خسائر كبيرة ، لكن الخيار الآن هو بين دمار سورية الشامل على يد الغزو الأميركي أو خوض معركة قاسية لدحر المرتزقة بشكل كامل مهما كانت الخسائر الجانبية والتضحيات .
ويتابع المصدر:
الجيش السوري لم يكن مطلق اليد سابقا وأسلحته البسيطة هي التي إستخدمت في المعركة ، ولم يكن من المناسب التعامل مع الأزمة إلا سياسيا وبأقل الامكانيات العسكرية ، أما مع دخول الأميركيين مباشرة على خط العمليات فإن كل الأسلحة التي يملكها الجيش السوري هي موضع دراسة لاختيار الأنسب لسحق الغزاة الأميركيين !
عن سبب تسميته للمعركة بالحرب الأمريكية يقول المصدر :
إنها حرب أميركية بالواسطة ، البنتاغون يخوض الحرب كاملة ، والفرق الوحيد بين غزو العراق وغزو سورية هو أن الأميركي زج بجيشه لاحتلال بغداد واما في سورية فهو يستخدم نفس الأمكانيات ولكن جنوده على الارض مرتزقة سوريون وعرب .
ولكن اليس المقاتلون السوريون هم ثوار ويبحثون عن حريتهم – سألنا المصدر الروسي فقال :
لم ارى في حياتي ثوارا يطلبون من أميركا تحريرهم من دولتهم ومن شركائهم في الوطن !
ربما تعودتم أنتم العرب على التدخل الغربي في بلادكم ولكن تصور لو أن الفلسطينيين في غزة يطالبون بالجيش الاسرائيلي لكي يخلصهم من حكم حماس ! هل ما يفعله المعارضون السوريون في باريس والقاهرة وأسطنبول عمل سياسي أم إرتزاق وارتهان للأجانب ؟
أميركا هي اكثر قوة امبريالية في العالم عداء للشعب السوري فكيف يستنجد بها ويقبل منها السلاح والتدريب والاوامر سوريون ؟
الشعب الروسي أعطى لبوتين فرصه السياسية المتكررة وتمسك بخياره في الحكومة وبالرئاسة فقط لأن خصومه من المعارضة الروسية أصدقاء لأميركا ينكرون تلقيهم الأموال من واشنطن ولدى الشعب شكوك فقط في تحالف أولئك مع المخابرات الأميركية فتصور إن الشعب السوري (مقارنة بالروسي) يطالب بالغزو الأميركي لبلاده !
لهذا نتوقع ( الروس ) التفاف الفئات الشعبية حول الجيش السوري والدولة السورية مع إنكشاف لا وطنية المسلحين الذين يقاتلون السلطات .
وعن تماسك الجيش السوري يقول المصدر :
حتى اللحظة ليس هناك كتيبة إنشقت وعلى حد علمي ليس هناك أي فصيل في الجيش السوري إستدار بسلاحه وعناصره وقاتل مع مرتزقة الأميركيين .
يسمي المصدر الأشياء بأسمائها :
” ليس هناك ثوار بل مرتزقة ، ربما كان هناك معارضون سياسيون بين السكان المدنيين وبين المتظاهرين سابقا لكن حاليا المعركة هي بين طرفين : اولهما هو الدولة السورية وجيشها المدعوم من فئات شعبية لا يجب الاستهانة بها لأنها أكثر عددا وتنتشر على مساحات أكبر من تلك التي يوجد للمسلحين المدعومين من الغرب دعم مدني فيها .
وأما الطرف الثاني فهو قوات اميركية التسليح والتدريب وخليجية التمويل وتديرها مراكز قيادة أميركية كما لو كانت كتائب في جيش الولايات المتحدة الأميركية . والحال هذه فالمعركة هي بين جيش سورية وبين الجيش الأميركي .
ويتابع المصدر فيقول :
بدأت غرفة عمليات الحرب الدعائية التابعة للأميركيين في تسويق اشاعات ذات مفعول رافع لمعنويات المقاتلين السوريين التابعين لقوات الأطلسي ممن يطلق عليهم الاعلام إسم “الجيش السوري الحر”.
وتأتي الحملة الجديدة من الحرب الدعائية بعد ضربات شديدة تلقاها المسلحين السوريين على يد الجيش السوري الذي أباد كما إعترفت مصادر معارضة كتائب بأكملها من قوى المعارضة السورية العاملة تحت قيادة أميركية .
ومن المعلوم أن الأميركيين يشنون حربا حقيقية على سورية بواسطة قوى تعمل تحت إمرتهم ، والتي تتمتع بكل التسهيلات المخابراتية والتسلحية والمعلوماتية والعملياتية التي تضعها وزارة الدفاع الاميركية في خدمة جيوشها لكن الفرق الوحيد هو أن المقاتلين على الأرض سوريين وليسوا اميركيين .
وتقول مصادر روسية مطلعة عن الجيش السوري الحرّ :
لقد تلقت قواته ضربة ساحقة في ريف دمشق ، فقد كان الأميركيين قد زجوا بثلاثين الفا من المقاتلين العرب والسوريين من اجل مهاجمة دمشق من ريفها ومن داخلها في الوقت عينه ، ولهذا وحد الأميركيون عصابات مسلحة متعددة في مجلس عسكري موحد وضعوا على رأسها قائدا ومجلسا يساعده ولكن الطرفين يأتمران مباشرة بغرفة عمليات تدير معركة دمشق برئاسة ضابط أميركي مقيم في مدينة شتورة اللبنانية وينزل في مكاتب مجهزة تجهيزا تقنيا عاليا كانت منذ سنة 2006 مقرا لتيار المستقبل علنا ولكنها مقر للمخابرات العسكرية الأردنية .
ويقوم الضابط الأميركي ومساعديه بقيادة العمليات بتقنيات عالية كما لو كان في الغرفة المجاورة لساحة المعارك داخل سورية ، وهو قادر على التواصل مع المقاتلين السوريين على الأرض عبر الشبكة العسكرية الأميركية التي اصبح المقاتلون السوريون مرتبطين بها بشكل مباشر عبر مجالسهم العسكرية .
المصدر الروسي يتابع :
أنشأ الأميركيون مراكز تدريب للمعارضين السوريين منذ شهر ايار من العام الماضي في الأردن وفي لبنان وفي تركيا ، وهذه المراكز خرجت الاف المقاتلين وبعضهم تخصص في إستخدام أسلحة متفوقة وحديثة ، ولهذا وجدنا الكثير من الفاعلية ضد الدبابات السورية القديمة الطراز .
ويتابع المصدر فيقول :
وضع الاميركيين خطة لتحويل أحياء معينة من دمشق إلى شبكات عنكبوتية تعج بالمقاتلين المختبئين بين المدنيين بما يحول السكان إلى عائق يمنع الجيش السوري وقواه الأمنية من من مواجهة المسلحين وإلا حصلت مجازر في صفوف المدنيين ، تماما كما حصل في حمص .
ومن مراكز التجمع التي كان الأميركيين ينوون إطلاق هجومهم منها بالتزامن مع تحركات الخلايا النائمة داخل دمشق :
مدينة دوما (أثني عشر الفا من مقاتلي الغزو الأميركي بالواسطة)
قدسيا (ثلاثة الاف مقاتل تابع للأميركيين)
داريا وكفرسوسة ( الف وخمسمئة)
حرستا (ثلاثة الاف)
عربين وزملكا (الفان )
الميدان والقدم والحجر الأسود ( ثلاثة الاف).
المفاجأة حصلت حين زج الجيش السوري بنخبة قواته لإقتحام مدينة دوما وخلال تسعة أيام إنتهى الحلم العسكري الأميركي إلى الفشل ، مما دفع الأميركيين إلى تحريك مقاتلين في قدسيا والهامة وبعض المناطق في ريف دمشق لتخفيف الضغط عن دوما ، لكنها سقطت وضاع معها حلم إقتحام بعض الأحياء في دمشق للتمترس بأهلها .
الأميركي لا يقاتل برجاله والمال الذي يصرفه على المقاتلين مدفوع من قبل الخليجيين لذا لا يمل ّ الأميركي من التخطيط لمعاركة جديدة في أي منطقة يرى فيها ضعفا يمكنه من خلاله تجاوز معوقات الجيش السوري ومخابراته .
في المرحلة الحالية يكثف الأميركي من بث الاشاعات وآخرها تحويل ما جرى في دوما وفي قدسيا إلى عملية يحلم بها المرتزقة فترتفع معنوياتهم.
لذا بدأت مواقع الاعلام العربي والسوري الموالية للأميركيين في بث روايات خيالية عن معركة دمشق القادمة ، علما بأن معركة دمشق أصبحت خلفنا (يقول المصدر الروسي) لأن ما تلقاه مقاتلو الناتو المرتزقة من ضربات يحتاجون معه وبسببه لسنة ونصف لاستعادة تشكيلاتهم التي وقع أغلبها في فوضى عارمة بعدما فقدوا ابرز قادتهم وكتائب النخبة من بينهم في دوما وفي محيطها .
نموذج عن الحملات الدعائية الاميركية لرفع معنويات المقاتلين التابعين لقوات الأطلسي في سورية
أشارت معلومات صحافية الى أن “المعارضة السورية تعد العدة والخطط الميدانية لدخول دمشق بهدف خوض المعركة الحاسمة مع نظام الرئيس بشار الأسد ، والجيش السوري الحر يجهز 30 ألف عنصر”.
وكشفت المعلومات أن “اجتماعات عقدت في تركيا جمعت قيادة “الجيش السوري الحر” بأجهزة استخباراتية وعسكرية من دول عربية وغربية لبحث كل التفاصيل اللوجستية اللازمة لنقل المعركة بالكامل الى قلب دمشق”.
سيريان تلغراف