في كانون الأول الماضي ، نشرت صحيفة ABC ، الصحيفة الأعرق في إسبانيا ، تحقيقا أكدت فيه أن مراسلها التقى ثلاثة ليبيين في منطقة “جبل الزاوية” في سوريا ، أحدهم هو “المهدي حاراتي” قائد “لواء طرابلس” في ليبيا ، وأحد أبرز مساعدي عبد الحكيم بلحاج ، زعيم “القاعدة” في شمال أفريقيا ، ورئيس”المجلس العسكري في طرابلس”.
لكن الصحيفة لم تنشر صورا لحاراتي في سوريا . وكان هذا أول تأكيد لما كشفت عنه صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية قبل ذلك بشهرين عن الصفقة التي أبرمها برهان غليون وفاروق طيفور والعميل الأميركي – الإسرائيلي رضوان زيادة خلال زيارتهم إلى ليبيا في تشرين الأول مع مصطفى عبد الجليل لإرسال أسلحة ومسلحين إلى سوريا .
وبعد ذلك بعشرة أيام نشرت “لوفيغارو” الفرنسية تأكيدا لهذه المعلومات حين التقتهم مراسلتها في محافظة إدلب أيضا . لكنها لم تنشر أي صورة لحاراتي .
وكانت “المفاجأة” الكبرى حين كشفت الشرطة الإرلندية في تشرين الثاني الماضي أن حاراتي عميل لوكالة المخابرات المركزية الأميركية ، وأنه الموكل من قبلها بنقل الأموال الأميركية لمسلحي “القاعدة” في ليبيا.
وقد نقلت صحيفة “صندي وورلد” الإرلندية عن مسؤول الشرطة الإرلندية قوله إن اكتشاف علاقة حاراتي ، الذي يحمل الجنسية الإرلندية ، بوكالة المخابرات المركزية جاء بمحض المصادفة حين حققت الشرطة في إقدام “لصوص” على سرقة مبلغ ربع ملين يورو كان يحتفظ بها حاراتي في منزله بالعاصمة “دبلن” خلال وجوده في ليبيا .
ولدى التحقيق معه ومع زوجته لاحقا ، اعترفا بأنه احتفظ بهذه الأموال لنفسه (سرقها) من أصل مبالغ مالية ضخمة كلفته وكالة المخابرات المركزية الأميركية بنقلها إلى ليبيا لتمويل الأصوليين الذي يقاتلون ضد نظام القذافي . وهو ما تحققت منه الشرطة الإرلندية من خلال اتصالها بالمسؤولين الأميركيين !
بعد ذلك توالت الأنباء عن وجود الليبيين في سوريا ، بما في ذلك قيام وسائل إعلام ليبية بنشر صور وأسماء قتلاهم على الأراضي السورية .
لكن التطور الأبرز كان تشكيل “لواء الأمة” من المقاتلين الليبيين في سوريا الشهر الماضي ، ليبدو كما لو أنه “لواء مستقل” عن بقية الجماعات المسلحة، وعلى صلة خاصة بـ”القاعدة”، وخاص بالمسلحين الليبيين دون غيرهم !؟
وقد نشرت “الحقيقة” تقريرا خاصا عن الأمر في 24 من الشهر الماضي، وأرفقته بصورة أكدت أنها لمهدي حاراتي وهو يصوب سلاحه في أحد الحقول في إدلب ، رغم أن الصورة لم تكن واضحة المعالم ، وصورة أخرى للشيخ عبد الحكيم المشري ، أحد أبرز رموز التيار السلفي “القاعدي” في ليبيا ، الذي بدا كما لو أنه هو زعيم ” لواء الأمة”.
إلا أن الشريط الذي وصل “الحقيقة” ، والذي صور يوم أمس في ريف إدلب ، يظهر المهدي حاراتي على رأس المسلحين الذين نصبوا كمينا لإحدى السيارات العسكرية . وهذا أول دليل من نوعه يؤكد وجوده بهذا الوضوح في سوريا .
كما ويظهر الشريط أن معظم من تسمع أصواتهم في الشريط ليسوا سوريين ، بل من شمال أفريقيا ، فيما يقول أحد المسلحين أنه قتل أحد الجرحى من عناصر الجيش في السيارة بعد أن أكتشف أنه لم يزل على قيد الحياة ويتحدث بجهاز اللاسلكي !
سيريان تلغراف