Site icon سيريان تلغراف

معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب : الناتو غير قادر جويًا على إسقاط الأسد

رأت دراسة صهيونية جديدة لمعهد أبحاث الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، أنه حتى لو تم إبعاد الرئيس السوري، د. بشار الأسد، عن الحكم، فإن هذه الخطوة غير كافية لوقف سفك الدماء في سورية، لافتةً إلى أنها خطوة إيجابية في الطريق الصحيح، ولكن بالمقابل، فإن الحرب الأهلية الدائرة في بلاد الشام ستستمر .

وأضافت الدراسة أنه في الأيام الأخيرة قرر المؤتمر الذي عُقد في جنيف اعتماد خطة لوقف حمام الدم في سورية، وقرر مناشدة الرئيس السوري بالتنحي فورا من منصبه، وهذا التوافق في المواقف بين الدول المشاركة في المؤتمر .

وزادت الدراسة، يدل على مدى القلق الذي يعتري الدول العظمى من القادم، مشيرةً إلى أنه حتى الآن فشلت جميع المساعي الدبلوماسية لحل الأزمة السورية، بل بالعكس منذ طرح المبادرات التركية، ومبادرة الجامعة العربية ومبادرة كوفي عنان، تضاعف عدد القتلى في سورية، كما أنه نُفذت مجازر تقشعر لها الأبدان، على حد تعبير الباحثين اللذين أعدا الدراسة، كاميرون براون وبيرتي بينديتا .

وأضافا أن جميع الوسائل السياسية والدبلوماسية لحل الأزمة السورية سيكون مصيرها الفشل الذريع، وقالا أيضًا إنه إذا أخذنا بعين الاعتبار أن كل طرف من الطرفين يعترف بالهزيمة سيفقد الكثير من المكاسب على الأرض، فإن ذلك يجعل الحل الدبلوماسي مستحيلاً .

وقالت الدراسة، إنه حتى لو وافق الرئيس الأسد على التنحي ومغادرة البلاد، فإن الحرب الأهلية ستستمر بنفس الوتيرة، وبرأي الباحثين فإنه الحل يكمن في الطريقتين التاليتين: أو أن أحد أطراف النزاع يقضي كليا على الطرف الأخر، أو أن لاعبين من الخارج، يرمون بكامل ثقلهم لفرض وقف لإطلاق النار، ويقوموا بالإشراف على نقل السلطة بشكل سلس، على حد تعبيرهما .

ورأت الدراسة أن فشل المساعي الدبلوماسية مردها أن النظام الحاكم في سورية ما زال متماسكًا جدًا، وعاقد العزم على إخضاع المعارضة، على الرغم من أن الانشقاقات في الجيش العربي السوري أخذة بالارتفاع، علاوة على ذلك، فإنه بالإضافة إلى دعم جميع أبناء الطائفة العلوية للنظام، تمكن نظام البعث الحاكم من تجنيد تأييد من قبل أقليات أخرى، مثل المسيحيين، الذي امتنعوا حتى الآن من المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات، كما أن النظام وسع سيطرته على الأوضاع عن طريق إنشاء منظومة التبعية الشخصية، حتى أن العديد من أبناء الطائفة السنية، الذين يسكنون في حلب ودمشق، باتوا يؤيدون النظام، لأنهم يتلقون منه الدعم المادي، وبالتالي فإن سقوطه سيعود عليهم سلبًا، على حد تعبير الباحثين الإسرائيليين .

بالمقابل هناك الأكثرية السنية في سورية، وبالتحديد الفقراء منهم، الذين يسكنون في الأرياف، يتمنون انتهاء عهد النظام الذي ينتهجه الأسد، والآن بعد أن توحدت المعارضة السورية، من الصعب، إنْ لم يكن مستحيلاً إقناعها بوقف المعارك مع قوات النظام، ذلك أنهم كنظرائهم في ليبيا يعرفون، أنهم في حال أوقفوا المعارك، ولو لفترة قصيرة جدًا، فإن قوات النظام ستستغل الوضع ولن ترحمهم وستحاول القضاء عليهم، لمنعهم من تجديد الاحتجاجات والمعارك، وبالتالي ستمر سنوات عديدة حتى تعود المعارضة إلى المواجهة العسكرية مع النظام .

وأوضحت الدراسة أن سبب فشل الدبلوماسية في حل الأزمة لا يقتصر فقط على أن الطرفين وصلا إلى طريق مسدود، أنما لأن الطرف الأول لا يثق بالمرة بالطرف الثاني في أنْ يقوم بالالتزام بتنفيذ التعهدات التي يقطعها على نفسه .

ورأت الدراسة أن الصراع في سورية بات صعبًا للغاية بسبب تدخل الدول الكبرى في اللعبة السورية الداخلية، وتنامي التدخل في الفترة الأخيرة، فمن ناحية تقوم إيران بدعم نظام بشار الأسد، وبموازاة ذلك، فإن دولاً سنية من الخليج مثل المملكة العربية السعودية وقطر، تدعمان المعارضة وتقومان بتسليحها، الأمر الذي صب الزيت على النار على الصراعات المذهبية الداخلية في سورية، على حد تعبير الباحثين .

وبرأيهما فإن سورية تحولت إلى ساحة معركة بين قوتين إقليميتين تسعيان إلى زيادة تأثريهما في منطقة الشرق الأوسط، كما كان الحال خلال الحرب الأهلية في لبنان خلال الأعوام 1975 وحتى 1990 .

ونظرًا للاستقطاب الشديد داخل المجتمع السوري بين أولئك الذين يسيطرون على مقاليد السلطة وبين أولئك الذين يسعون إلى إسقاطهم، فمن غير المعقول أنْ يكون تنحي الأسد ومغادرته البلاد سيؤدي إلى وقف المعارك بين الطرفين، ويتوصلان إلى اتفاق في ما ينهما .

بناءً على ما تقدم، من عرض للعراقيل أمام الحل الدبلوماسي، التي تُوسع النزاع بين الطرفين، فإن الجهود الدولية لوقف سفك الدماء في سورية لا يجب أنْ تعتمد فقط على منح الطرفين العصا والجزرة فقط، بهدف إقناعهما بالتوصل إلى تفاهمات، وبالتالي يتحتم على الدول العظمى منح ضمانات أمنية لكل طرف من الطرفين المتنازعين، وفي هذا السياق، ترى الدراسة، أن الدول العظمى عليها أنْ تُقنع روسيا والصين بالعدول عن موقفهما حتى الآن وإقناع الأسد بضرورة الرحيل عن سورية، وهذه العقبة إذا تم اجتيازها، فإن الأمر سيُسهل على حزب البعث السوري والمعارضة أنْ يجلسا حول طاولة المفاوضات، ولكن إقصاء الأسد هو خطوة أولى لحل النزاع، ذلك أن وقف الحرب الأهلية بحاجة إلى خطوات أخرى، مثل الاعتماد على طرف ثالث قوي جدًا، الذي سيفرض السلام ويمنح ضمانات قوية لمنع خرق الاتفاق الذي قد يتم التوصل إليه بين الطرفين، ومنع الطرف الأخر من عمليات الانتقام .

ولفتت الدراسة إلى أن حلف شمال الأطلسي قادر على التدخل الجوي من أجل إسقاط نظام الأسد، ولكن التأييد لنظام الأسد أكثر بكثير من التأييد الذي كان يتمتع فيه نظام القذافي في ليبيا، وبالتالي فإن تدخل الأطلسي جويًا فقط، لا يُمكنه بأي حال من الأحوال إسقاط نظام البعث في سورية بقيادة الأسد، كما أكدت تجربة دايتون في البوسنة، وحتى إذا تمكنت القوات الجوية من إسقاط الأسد، فلا يوجد أي ضمان بأنْ يؤدي ذلك إلى وقف المعارك داخل سورية، والناتو قادر على حسم المعركة فقط عن طريق التدخل بالقوات الجوية والبرية معًا، وبالتالي في هذه الفترة التي يعكف فيها حلف الناتو على دراسة ثانية للوضع في سورية، يتحتم على المجتمع الدولي على دراسة تداعيات التدخل العسكري وإسقاطاته على سورية والمنطقة، كما قال الباحثان .

سيريان تلغراف

Exit mobile version