بعد انفصال الجنوب السوداني عن الوطن الأم، ها هو السودان يواجه مرحلة جديدة من المؤامرة عليه، تحت عناوين: حركات احتجاجية ضد تدابير اقتصادية قررتها الحكومة السودانية، لتتطور شعارات تلك الحركات إلى إسقاط النظام، في توقيت يطرح أمامه عشرات علامات الاستفهام، بعد أن بدأ ما يسمى “الربيع العربي” يتحول إلى “خريف” عاصف يهدد أي شكل بسيط من التضامن العربي، كما يهدد وحدة وكيانات البلدان المستهدفة من هذا “الربيع القاتل”.
وفي السودان، يبدو أنه بعد سلسلة الاستفزازات التي بدأها الجنوب، بدعم مباشر من الكيان الصهيوني، يبدو أن المؤامرة انتقلت إلى مرحلة جديدة، يشارك فيها أحزاب قديمة تحت مسميات إسلامية مختلفة بالتزامن مع محاولات تقوم بها دوائر صهيونية داخل الولايات المتحدة وغيرها، لاستغلال القرارات الاقتصادية الأخيرة بالداخل لزعزعة الاستقرار الأمني والسياسي في السودان، التي اضطرت الحكومة السودانية لاتخاذها لمواجهة الجفاف وتراجع الواردات النفطية التي استئثر الجنوب بمعظمها..
وعلم أن الحكومة السودانية تمتلك الأدلة على وجود تنسيق تام بين الجماعات المتمردة في دارفور وساسة في جنوب السودان، ودوائر “صهيونية” في الولايات المتحدة لتخريب السودان، بالإضافة إلى حملات الترويج التي تبثها قنوات فضائية ومواقع الكترونية عربية، كالجزيرة والجزيرة نت وغيرها، الذين لا يتركون مناسبة إلا ويتحدثون عنها عن أن أجهزة الأمن السودانية نفذت اعتقالات شملت قادة من المعارضة ومن المتضاهرين، وأفراد بأعداد كبيرة من الشعب!
وإذا كان السودان يعاني الارتفاع المتزايد في الأسعار، جراء انفصال الجنوب بدعم مباشر من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وبعض العرب، آخذاً معه نحو ثلاثة أرباع الثروة النفطية، إلا أن ما يثير الاستهجان والاستغراب، هو لجوء دول خليجية إلى تمويل القوى المعارضة بملايين الدولارات إن لم يكن المليارات، لتوظيفها ضد النظام، وخلق حالة من الفوضى والانقسامات ليس في السودان والعاصمة الخرطوم فقط، بل ستمتد إلى أقاليم ومناطق أخرى، أبرزها إقليم درافور، الذي تنشط فيه حركات انفصالية مدعومة من الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة الخليجية، علماً أن هذه الملايين والمليارات العربية والخليجية تحديداً كان بإمكانها لو وظفت على سبيل المثال لا الحصر في عملية التنمية الزراعية في هذه البلاد الشاسعة لوفرت أمناً غذائياً، يتعدى السودان إلى معظم البلدان العربية، التي تعاني بعض شعوبها مجاعات فظيعة، كما هو الحال في الصومال وموريتانيا وغيرها.
وأخيراً، لا بد من الملاحظة، وهي أن عواصم الغرب بدأت ترفع صوتها لاستهداف السودان، كما حدث في أكثر من بلد من بلدان “الربيع العربي” من خلال إطلاق شعارات ومواقف ظاهرها حق وباطنها وهدفها باطل، من مثل: وقف قمع المظاهرات، الاستماع إلى صوت الشعب، على الرئيس أن يرحل..
سيريان تلغراف | الثبات