لا حل يمنيا في سوريا، ولا حل ليبياً. في المشاورات التي جرت إعدادا للمؤتمر الدولي المتوقع عقدهفي جنيف في 30 حزيران الحالي، مستقبل سوريا تأرجح في جنيف بين «دايتون» البوسنةو«الطائف» اللبناني، بحسب دبلوماسيين غربيين. تقاسم المناصب العليا في إطار كيانواحد على غرار الرئاسة الدورية على البوسنة، بين الصرب والكروات والبوسنيين، تحتمظلة اتفاقية دايتون في العام 1995 التي انهت الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة،أو ديموقراطية توافقية علوية سنية، لبناء توازن شيعي ـ سني في المدى السورياللبناني العراقي، وهو المدى الذي يطمح التصور الأممي إلى معالجة الخلل الناشئ فيهبعد سيطرة الأكثرية الشيعية على السلطة في بغداد.
مؤتمر جنيف لمجموعة الاتصاليبحث الخيار الأول في الثلاثين من هذا الشهر مع العلم بأن المشاورات التي تدور منذاسابيع في جنيف قضت بألا تكون المدينة السويسرية «طائفا سوريا». دبلوماسي غربي واكبمن باريس عملية التحضير للمؤتمر، قال لـ«السفير» إن الدبلوماسيين الذين يعملون معالأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان استبعدوا اي طائف سوري بسبب تعقيداتتمثيل الطوائف في المرحلة الحالية من الصراع كي تتبلور من خلالها المحاصصة الطائفيةفي توزيع المناصب والنص عليها في اي دستور سوري مقبل. كما ظهرت صعوبة تقسيمالمؤسسات السياسية بين علويين وسنة ومسيحيين ودروز وأكراد.
ورجح الخبراءسيناريو في سوريا يستعيد التجربة البوسنية بشكل خاص، من ناحية رعاية الأسرة الدوليةللحل والاكتفاء بالمحاصصة الطائفية للسلطة في مناصبها العليا من دون غيرها، معالأخذ بالتجربة العراقية في توزيع الصلاحيات بين المناصب بعد تطييفها، فيكون الموقعالأعلى علويا في التراتبية الهرمية للسلطة، بينما يكون الموقع الأعلى سنيا من حيثالصلاحيات التي يمارسها على هرم السلطة.
وقال المصدر إن الحل الفدرالي كان لهنصيبه من المشاورات بين الخبراء والدبلوماسيين المستعربين، ولكنه أزيح جانبا بسببرفضه في المنطقة بأسرها، والخوف من ابتداع كيانات لا يمكن التوافق على التعايش فيما بينها، فضلا عن الحساسية البالغة من «كلمة» الفدرالية بين دول المنطقة.
ويغلب السيناريو البوسني على ما عداه في صورته العراقية بشكل خاص. وقال المصدرالدبلوماسي الغربي إن كوفي انان سيحمل إلى مجموعة الاتصال اقتراحا بأن يدور الحوارالسياسي حول مرحلة انتقالية بتوزيع متناسب للسلطة بين الطوائف في سوريا. ويقترحالأمين العام السابق للأمم المتحدة منح الرئاسة في سوريا إلى شخصية علوية لطمأنةالعلويين بأن موقعهم سيبقى قويا في المستقبل.
ويتضمن الاقتراح افراغ الرئاسة منصلاحياتها الحالية، ونقلها إلى رئاسة الوزراء. ويذهب الاقتراح إلى طلب ايلاء منصبرئاسة الوزراءإلى شخصية سنية ومنح المنصب سلطات «رئاسية» واسعة وقوية على النمطالعراقي لطمأنة السنة بأن عملية التغيير لمصلحة الأكثرية في سوريا، قد تحققت بدءامن المرحلة الانتقالية نفسها.
وقال المصدر الدبلوماسي الغربي إن المشاورات حولمشاركة إيران كانت العقبة التي أخّرت الإعلان عن انعقاد المؤتمر في جنيف، ونفى أنيكون إصرار كوفي أنان في المباحثات التي أجراها مع القطريين والسعوديين والأتراك،على دعوة الإيرانيين إلى جنيف، مصدره الضغوط التي مارستها موسكو، صاحبة المبادرةالأولى لعقد مؤتمر دولي حول سوريا. وكان الروس بحسب الدبلوماسيين يقولون إن حضورالإيرانيين سيكون عاملا مساعدا لهم في الضغط على الأسد لإقناعه بطي صفحة اربعة عقودمن سيطرة الأقلية العلوية على السلطة في سوريا. وتعترض واشنطن وباريس على حضورايران مخافة أن يشكل ذلك ورقة تستخدمها إيران لتحسين شروط التفاوض في ملفها النووي.
وبحسب المصدر الدبلوماسي الغربي فإن الأمين العام الحالي للأمم المتحدة بان كيمون، والسابق كوفي أنان، يصران على حضور إيران المؤتمر في جنيف، لاقتناعهما بأنه لابد من مقاربة اقليمية للحل، وأن إشراك ايران يسهم في الإعداد للمرحلة الانتقالية.
ومن غير المنطقي أن تغيب ايران التي تمارس تأثيرا كبيرا على الرئيس بشار الأسد،وعلى مؤسسات الجيش والأمن في سوريا، بسبب المخاوف الغربية من اعطائها افضلية «القوة» الإقليمية التي تطمح اليها من خلال إشراكها في مؤتمر جنيف.
ويعترضالأميركيون والفرنسيون على إشراك ايران في المؤتمر، بحجة إسهامها في دعم النظاموتسليحه. ولكن قطر والسعودية وتركيا المدعوة إلى المؤتمر، تساهم هي ايضا بدور علنيوبارز في ضخ السلاح إلى ارض «الحرب الأهلية» السورية. وقال المصدر إن القطريينوالسعوديين وقفوا بقوة ضد المشاركة الإيرانية، ولكن المخاوف السعودية لا تتوقف علىالدور الإيراني، بل تتعداه إلى انعقاد المؤتمر من دونها، وان تكون تركيا جالسة إلىمائدة المفاوضات على مستقبل سوريا، وممثلة للسنة في مؤتمر دولي من مستوى مؤتمرجنيف.
ومن المتوقع ان تحضر المؤتمر اثنتا عشرة دولة: الخمسة الكبار في مجلسالأمن (روسيا، الصين، الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا) بالاضافة الى احتمالمشاركة لبنان ضمن دول الجوار السوري (الأردن والعراق وتركيا) الى جانب قطروالسعودية وإيران. كما تحضره الجامعة العربية والأمم المتحدة،
السفير .. محمد بلوط