بين الحين والآخر، يبدو لنا القمر قريبا للغاية وأكبر من المعتاد، بينما يظهر بعيدا في السماء في ليال أخرى.
ويحير هذا المشهد الكثيرين، وقد يكون من الصعب تصديق أن الأمر مجرد وهم عندما يبدو القمر ضخما، لكن هذا هو التفسير العلمي لهذا المشهد.
وتُعرف الظاهرة باسم “وهم القمر”، وهي خداع بصري يبدو فيه القمر أكبر بالقرب من الأفق منه حين يرتفع في السماء. وهذا الخداع البصري يحدث أيضا في الشمس والكوكبات.
وعرفت هذه الظاهرة من العصور القديمة، وسجلت من قبل العديد من الثقافات المختلفة، إلا أن شرحها ما يزال محل نقاش في المجتمع العلمي.
خدعة العقل
ناقش علماء الفلك وهم القمر لقرون عدة، وهناك بعض الحقائق التي يتفقون عليها جميعا.
ويلاحظ الناس بشكل أساسي أن القمر يبدو أكبر وأقرب عندما يكون ممتلئا وقريبا من الأفق. وهذا لأن عقلك يحكم على مدى كبر أو صغر شيء مثل القمر من خلال مقارنته بأشياء أخرى مألوفة.
ولتوضيح الصورة، تخيل أنك تقف بالخارج بالقرب من منزلك. سيبدو منزلك كبيرا، وإذا ارتفع القمر بجانبه، سيبدو القمر طبيعيا. وإذا نظرت إلى منزل من بعيد، سيبدو المنزل صغيرا جدا.
ويأتي الوهم من حقيقة أن القمر بعيد جدا لدرجة أنه بغض النظر عن مكان وجودك على الأرض، يبدو القمر دائما بالحجم نفسه.
وفي الواقع، الأشياء التي يقارن عقلك بها القمر – منزل أو جبل أو أي شيء آخر – تبدو أكبر أو أصغر اعتمادا على بُعدك عنها. ولذلك عندما يرتفع القمر بجوار منزل بعيد أو جبل بعيد، يبدو القمر هائلا.
ويستخدم المصورون هذه الحيلة لالتقاط صور مذهلة للأجسام البعيدة والقمر خلفهم. وغالبا ما يشعر الناس بوهم القمر عندما يذهبون إلى مساحات مفتوحة. وقد يكون هذا هو السبب في أن الأقمار الكبيرة تصبح ذكريات قوية للأوقات السعيدة.
تكبير الغلاف الجوي والمدارات المتغيرة
حاول الكثير من العلماء تفسير هذه الظاهرة، حيث ما زالت دون تفسير واضح تماما حتى الآن، ولكن هناك العديد من التفسيرات التي تبدو مقنعة ولكنها لا تشرح فعليا وهم القمر:
– التفسير الأول: هو فكرة أن الغلاف الجوي يعمل كعدسة ويكبر القمر. وعندما يكون القمر قريبا من الأفق، يجب أن ينتقل ضوؤه عبر الغلاف الجوي للأرض أكثر بكثير مما ينتقل عندما يكون القمر في السماء مباشرة.
صحيح أن كل هذا الهواء يعمل كمنشور عملاق ويؤدي إلى انحناء أشعة الضوء، ما يؤدي إلى تشويه لون وشكل القمر. لكنه لا يعمل مثل العدسة المكبرة.
– التفسير الثاني: هي أنه في بعض الليالي يكون القمر أقرب بالفعل. إن مدار القمر ليس دائريا تماما، إنه أشبه بالشكل البيضاوي، لذا فإن القمر يقترب ويبتعد على مدار شهر.
وعندما يتزامن الجزء القريب من المدار مع اكتمال القمر، يطلق عليه اسم القمر العملاق. ولكن عندما يكون القمر أقرب ما يكون إلى الأرض، يكون أقرب بنحو 12% إلى 15% فقط مما هو عليه عندما يكون بعيدا عن الأرض، وهو فرق صغير جدا لا يمكنه تفسير وهم القمر.
ومن الصعب ملاحظة اختلاف الحجم بنسبة 15% بمجرد النظر إلى القمر وحده في السماء.
اختبار الوهم
من السهل اختبار وهم القمر، ويمكنك فعل ذلك بنفسك. في المرة القادمة التي ترى فيها القمر يبدو ضخما وأقرب من المعتاد، مد يدك بذراع مستقيمة. ثم أغلق إحدى عينيك وشاهد طرف الإصبع الذي بالكاد يغطي القمر. وانتظر قليلا حتى يتحرك القمر إلى أعلى في السماء وحاول التجربة مرة أخرى. وقد يبدو القمر أصغر، لكن إصبعك نفسه سيغطيه بنفس الطريقة.
سيريان تلغراف